الرسالة المفتوحة التي وجهتها أمس الأول "نقابة الأمن الداخلي" الى كل من رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي لا يجب أن نمر عليها - اعلاميا - مرور الكرام.. - لافقط - اعتبارا لدلالاتها وتوقيتها بل أيضا لأهمية ما جاء فيها... "النقابة" طالبت في هذه الرسالة - من بين ما طالبت - بضرورة أن يجرم الخطاب السياسي المتوجه (بفتح الجيم) به الى الشعب من قبل "الرئيسين" المرزوقي والجبالي الأعمال التي تستهدف رجال الأمن "في أجسادهم وأرواحهم ومقرات عملهم.." محذرة مما أسمته "هشاشة الوضع الأمني" ومؤكدة - في نفس الوقت - على ضرورة أن يكون "ملف عودة الأمن والاستقرار الى البلاد ضمن الأولويات لفتح المجال أمام الاستثمار الوطني والأجنبي والبناء الاقتصادي والمؤسساتي..." بداية،، لابد من القول أن "رسالة" من هذا "النوع" يبعث بها هذا الهيكل النقابي الأمني - الوليد - انما تمثل - في أحد جوانبها - ترجمة لتطور نوعي في تركيبة "البنية العقلية" للقائمين على المؤسسة الأمنية الوطنية ولمنظوريها وأعوانها.. وهو "معطى" جديد - بالتأكيد - لا بد من تسجيله وتثمينه... فهاهي "الصورة" تتبدل بالكامل - أوتكاد - وهاهو "الجهاز" الذي أراد له الديكتاتور المجرم بن علي - على امتداد أكثر من عشريتين - أن يكون "يده" التي يبطش بها و"رجله" التي يدوس بها على قيم الجمهورية.. ها هو يعلن - شأنه في ذلك شأن كل التونسيين - عن تجنده لخدمة الثورة وأهدافها الاصلاحية بصفته الأصلية.. "هيكلا أمنيا جمهوريا"... والواقع أن خطابات الولاء للثورة وللشعب وللشهداء التي ما فتئت ترسل بها المؤسسة الأمنية عبر "قنوات" مختلفة يجب أن يقدرها التونسيون حق قدرها لأنها تمثل في حد ذاتها مكسبا من مكاسب الثورة وليست - وبأي شكل من الأشكال - عنوان "توبة" من إثم أو تكفير عن ذنب.. فرجال الأمن ونساؤه هم أبناء هذا الشعب.. وحرصهم منذ الأيام الأولى التي تلت هروب الديكتاتور على المضي قدما بالمسار الثوري وتحصينه وتثبيته والذود عنه لا تحكيه - فقط - "واقعة" المطار الشجاعة التي قادها شباب "فرقة مجابهة الارهاب" وانما أيضا جهودهم على امتداد كامل هذه السنة من أجل توفير الحد الأدنى من الأمن لكل التونسيين وذلك على الرغم من حملات التشويه و"الشيطنة" والاعتداءات الهمجية التي استهدفتهم في أشخاصهم وفي مراكز عملهم.. حملات يعلم جيدا رجال الأمن أنها تستهدف أيضا - بل وخاصة - ضرب الاستقرار وارباك المسار الديمقراطي وجهود بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية الوليدة.. لذلك - ربما - هم لا يزالون صابرين عليها ومتحملينها وسيظلون... إننا نسمح لأنفسنا بالقول - جازمين - أن كل التونسيين يعترفون للأمن الوطني بمختلف تشكيلاته بالجميل ويقدر تضحياتهم خاصة في فترة ما بعد الثورة ويساندهم في مطالبهم في ايجاد صيغ قانونية تحميهم أثناء أدائهم لواجبهم - لافقط - لأن ذلك يساعد على تفعيل دورهم في الاضطلاع بالواجب المقدس - واجب حماية مكتسبات الوطن والثورة وأملاك التونسيين ودمائهم ومقدساتهم وأعراضهم - وانما أيضا لأن الانسان والأوطان والكرامة والتنمية والاستقرار والديمقراطية انما هي بالأمنين - أساسا - الغذائي والنفسي.. "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".