حتّى ومستجدّات الأحداث «النّوعيّة» والتّاريخيّة المتعاقبة هذه الأيّام في عديد البلدان العربيّة مشرقا ومغربا - وبخاصّة منها - تلك الّتي نهضت شعوبها وثارت وانتفضت مطالبة بالحريّة والقطع مع أنظمة الفساد والقمع والدّيكتاتوريّة قد لا تترك للمتابع الخيار في أن ينشغل أو أن يكتب فيما سواها من المواضيع والقضايا ... فانّه لا بدّ لاتّفاق المصالحة بين حركتي «فتح» و»حماس» الّذي وقّع عليه الطّرفان - أمس الأوّل - في القاهرة والّذي سيمثّل مدخلا عمليّا لانهاء معضلة الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني القائم منذ سنة 2007 أن يستقطب الاهتمام وذلك - لافقط - لقيمته في ذاته وانّما أيضا لأبعاده السّياسيّة والنّضاليّة ولدلالة التّوقيت والسّياق الّذي جاء فيه ... اذن ، هو «اتّفاق مصالحة شامل» - والعبارة للسيّد عزّام الأحمد عضو اللّجنة المركزيّة لحركة فتح - سيتمّ بموجبه تشكيل حكومة وحدة وطنيّة واجراء انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة في غضون عام - على أقصى تقدير - ما يعني أنّ «حالة» التّشرذم الدّاخلي والتّناحر والتّخوين المؤسفة الّتي طبعت المشهد الفلسطيني على مدى أكثر من أربع سنوات والّتي طالما أسرّت العدوّ وأساءت الصّديق ستنتهي وستصبح مجرّد «كبوة» عابرة لتنهض على اثرها «جياد» النّضال الوطني الفلسطيني موحّدة وتواصل «الرّكض» الشّجاع والثّابت باتّجاه خطّ الوصول حيث الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة وكاملة السّيادة بعاصمتها القدس ... نكتب عن حدث المصالحة بين حركتي «فتح» و»حماس» بهذه النّبرة و»اللّغة» العاطفيّة لأنّه - من جهة - حدث تاريخي وخبر سارّ بأتمّ معنى الكلمة يأتي - ولا نظنّ الأمر صدفة - في سياق ما تشهده السّاحة العربيّة من مدّ ثوري شعبي شجاع يقطع مع واقع الاستكانة والتّبعيّة والهوان ولأنّه - من جهة أخرى - انجاز سياسي فلسطيني يرقى الى مستوى نبل الدّلالات الّتي تحيل عليها هذه الثّورات العربيّة ذاتها من حيث أنّها «مبشّرات» بزمن عربي جديد يقطع مع الاستكانة والتّبعيّة والضّعف والتّشرذم ... وزير الخارجيّة الاسرائيلي العنصري أفيغور ليبرمان استشاط غضبا من توقيع حركة «فتح» على اتّفاق المصالحة مع «حماس» وكذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتوعّدا - كلّ بأسلوبه - وبكلّ وقاحة السّلطة الفلسطينيّة والرّئيس محمود عبّاس بما أسمياه «ترسانة» كبيرة من الاجراءات العقابيّة... هؤلاء الصّهاينة وأمثالهم لا يمكنهم بأيّ حال من الأحوال ومهما أوتوا من قوّة ومكر أن يحدثوا شرخا في جدار وحدة النّضال الوطني الفلسطيني خاصّة اذا ما صحّ العزم وعضّ الفلسطينيّون على مكسب المصالحة بالنّواجذ... ولكنّ الخوف - كلّ الخوف - من رهط من الفلسطينيّين «الدّحلانيّين» الخونة المندسّين داخل الصّف الفلسطيني... هؤلاء الّذين حاولوا - ليلة التّوقيع على وثيقة المصالحة - استباق الحدث وربّما حتّى عرقلته لمّا حاولوا اغتيال سفير فلسطين في الجزائر داخل مكتبه بمقرّ السّفارة... لمثل هؤلاء الخونة يجب الانتباه مهما كانت مواقعهم داخل هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك...