مع مرور الايام سكتت الأصوات الثائرة والهادرة التي لم تصمت طوال الاشهر الاولى التي تلت الثورة في مختلف القطاعات الفنية حيث تحركت في مختلف الاتجاهات وتنوعت الاحتجاجات. تعددت الاجتماعات وتناسلت النقابات في مختلف المجالات الفنية حيث استمعنا الى برامج واستراتيجيات واطلعنا على اقتراحات لمعالجة مشاكل كل قطاع. ورغم هذه «الهبة» و»الانتفاضة» التي تواصلت على مدى أسابيع وشهدت تكتلات وتصفية للحسابات ولقاءات لتشخيص العلل وإيجاد الحلول لتجاوز الصفحات السوداء لحقبة تجاوزت العقدين فانه لم تتحقق أي مكاسب حقيقية في مختلف القطاعات التي مازالت تعاني من نفس المشاكل التي أسالت الكثير من الحبر. فشل وعجز وإذا كانت نقابة الفنانين المحترفين آخر نقابة رأت النور وانتظرنا أن تحقق ولو بعض المكاسب لقيمة الأسماء التي ضمتها باعتبارها قد جمعت نجوم الأغنية التونسية فان الآمال قد خابت مرة أخرى خاصة أن الكاتب العام لهذه النقابة لطفي بوشناق تحدث في الجلسة التأسيسية عن الكثير من الأهداف . ففي المجال الموسيقي لم تحقق نقابة المهن الموسيقية أي مكاسب تذكر رغم التغيير الذي طرأ على تركيبتها وانسحاب رئيسها السابق مقداد السهيلي بل ظلت دار لقمان على حالها رغم انتظارات وآمال أهل القطاع .وحول مرد هذا العجز أكد سامي بن سعيد الكاتب العام لهذه النقابة أن جهود الهيئة الجديدة انصبت على الوضعية القانونية للموسيقى ومختلف القوانين التي تنظم القطاع باعتبار أن الموسيقى مازالت تسير بقوانين صدرت سنة 1959 ولم يتم تحيينها إلى حد اليوم وهو أمر غير معقول ولا مقبول على حد تعبيره .وتابع قائلا :»صحيح انه كان لنا دور استشاري خلال المهرجانات الصيفية لكننا حاولنا التركيز على بعض المسائل طوال الفترة الماضية التي لا يمكن من خلالها الحكم على النقابة باعتبارها فترة انتقالية .ثم إن الثقافة تظل دوما من آخر اهتمامات الحكومات المتتالية وهي عقلية ينبغي تغييرها في المستقبل باعتبار رغبة كل المنتمين إلى القطاع في تغيير حقيقي يتماشى مع الانتظارات .» و من جانبه أكد الشاعر الغنائي الجليدي العويني أن الفنانين لم يتعودوا على العمل النقابي سواء بحكم عدم اهتمامهم أو حاجتهم أو لعوامل نفسية تتمحور حول الذات ولا تهتم بفائدة الجماعة. وقد فشلت تجارب جمعياتية ونقابية كثيرة سابقة. وأضاف «بعد 14 جانفي 2011 وفي النخوة الجماعية التي هزت الشعب تفاعل العاملون في الميدان الموسيقي وشكلوا عديد النقابات منها نقابتنا «النقابة الحرة للمؤلفين والملحنين» التي جاءت لحماية منظوريها واستعادة حقوقهم الكثيرة المهدورة». تفعيل قانون حقوق التأليف وأشار العويني إلى انه بعد حماس البداية الذي انتاب الجميع وتحققت به بعض المكاسب مثل تخفيض الضريبة المفروضة على العروض من15 إلى 5 بالمائة وعقد جلسات مع مؤسسة حماية حقوق التأليف وبرمجة عدة مشاريع للإنجاز تم الاصطدام بالموانع المادية التي عطلت تحقيق وتنفيذ تلك المشاريع. ورغم المجهود المبذول من بعض الأعضاء لم تتوصل النقابة إلى حل المشكل المالي باعتبار أن عدد منخرطي اي نقابة يتطور بكثرة المكاسب لذلك ظل عدد الراغبين في الانخراط محدودا ومن ثمة تم الاتفاق على صرف كل المجهود في الفترة القادمة إلى تفعيل قانون حقوق التأليف ليقدم للمؤلفين والملحنين مداخيل أفضل على حد تعبيره. وتابع قائلا :» أنا كاتب عام جمعية اتحاد الشعراء الشعبيين ومؤلفي الأغاني وهي جمعية تأسست منذ1979 على يد الباحث الشاعر محمد المرزوقي وتعطل نشاطها بعد وفاة عدد من أعضائها رحمهم الله الرئيس فاضل حرحيرة والكاتب العام توفيق بوغدير فأحييناه في شهر مارس الماضي وبعثنا فروعا لها في المنستير وقبلي ومدنين؛ وفي الطريق فروع أخرى. ونظمنا مهرجانا شارك فيه خمسون شاعرا من مختلف جهات البلاد وذلك في 1و2و3جويلية الماضي وربطنا علاقات مع الرابطة المغاربية للأدب الشعبي قي الجزائر وكان لنا ممثل في المؤتمر التأسيسي لاتحاد الأدباء الشعبيين العرب في العاصمة العراقية بغداد في نوفمبر الماضي. انتهت التبريرات اذا كانت الفترة الانتقالية هي الشماعة التي علقت عليها هيئات مختلف النقابات عجزها على تحقيق مكاسب حقيقية فان الفترة المقبلة تمثل اختبارا لهذه النقابات التي ستواجه دون شك الكثير من التحديات مما يتطلب من هيئاتها مضاعفة جهدها وسعيها إلى العمل في مختلف الاتجاهات في سبيل تحقيق انتظارات المنتمين إليها بانجازات حقيقية وليس بمجرد مكاسب وهمية لا وجود لها إلا على الورق وفي وثائق الاجتماعات واللقاءات باعتبار أن عهد «الأوهام» قد ولى وانتهى.