أوردت صحيفة يومية يوم أمس مقالا حول «مشروع استثماري خرافي بتمويل سعودي في سيدي بوزيد» سيوفر مائتي الف موطن شغل وهو «باكورة مشاريع الاستثمارات تحدث عنها رجل الاعمال السعودي سليمان جازع الشمري حين عبر عن نية بعث مشروع تنموي في تونس يتم تنفيذه عبر تاسيس شركة تونسية عربية براسمال 50 بليون مليار دولار تعمل في مجال السياحة وتوفر اكثر من 200 الف فرصة عمل.. وورد في المقال ايضا انه «سيقع في البداية انشاء خطين للسكك الحديدية من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب على ان يمتد غربا الى الجزائر وشرقا الى ليبيا ومنه الى مصر نعم سكة حديدية من اجل مشروع سياحي ستصل الى مصر شريطة ان تكون القطارات فائقة السرعة... الخ». كما تضمن المشروع اقامة شاطئ صناعي في مدينة سيدي بوزيد. وبقراءة تفاصيل هذا المشروع الاكثر من عملاق كما اوردته الجريدة، ومن الوهلة الاولى، بدا صعب التصديق فهو يبدو فعلا خرافيا ولكنه اقرب الى «خرافة امي سيسي» اكثر منه الى أي شيء آخر.. وفعلا، بتثبتنا في الموضوع اكتشفنا ان رجل الاعمال المذكور الذي يوحي النص انه ينام على بلايين الدولارات ليس الا... استاذ اعلام سعودي ويبدو انه متقاعد وان الامر هو مجرد فكرة خطرت بباله وطرحها في حوار مع جريدة «الحياة». فهذا الرجل الذي قدم على انه رجل اعمال يعتبر نفسه مفكرا ومثقفا وقد اوكل لنفسه دور «ان يبدع ويبتكر لمصلحة الشعوب العربية». وفي خاتمة حديثة اعلن المفكر المثقف عن عزمه «التبرع بمبلغ عشرة الاف دولار للمشروع دون الحصول على ما يقابلها من اسهم لان الحرية والافكار لا يمكن المتاجرة بها». فشكرا لمفكرنا على ملايينه العشرة وبما ان طريق الالف ميل يبدأ بخطوة وان بناء القصور يبدأ هو ايضا بحجر واحد فما على الحكومة التونسية، بعد ان تحصلت على وعد ب10 الاف دولار أي على جزء من خمسمائة الف جزء الا ان تشمر عن ساعد الجد لتبحث عن ال49.990.000 الف دينار المتبقية. ولا يسع المرء هنا الا ان يقول «ان لم تستح فافعل ما شئت» فالصحافة الصفراء، صحافة ما قبل 14 جانفي ها هي تثبت مرة اخرى على انها غير قادرة على تعديل اوتارها على الواقع الجديد، وعلى ان تتطور نحو الارقى والافضل في جو الحرية التي تعيشها بلادنا وهذه «الخرافة» وستثبت الايام انها خرافة لا غير تذكر بخرافة ال300 الف موطن شغل لبن علي التي وعد بها يومين قبل سقوطه المدوي. وتذكر ايضا لخرافة صاحب العريضة الشعبية الهاشمي الحامدي الذي وعد هو ايضا بخلق مئات الاف مواطن الشغل في المناطق المحرومة. فكفى استبلاها للشغب وان مدينة سيدي بوزيد المناضلة التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية لا تستحق مثل هذا الاستهزاء بشبابها وعطليها.