الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو وهو اليوم في سن الثامنة والثمانين قضى أكثر من نصفها (48 سنة) في حكم كوبا حكما شيوعيا شموليا مطلقا وذلك قبل أن «يتنازل أخيرا» ويقبل بأن يخلفه أخوه راؤول كاسترو على رأس الدولة (كان ذلك بتاريخ جويلية هذا «الديناصور» الايديولوجي الذي لا يريد أن «ينقرض» على ما يبدو كتب هذه الأيام على موقع «كوباديبيت» الالكتروني الرسمي مقالا بعنوان «السير نحو الهاوية» أكد فيه من بين ما أكد أن العالم «يتقدم حتما نحو الهاوية في رأيه بفعل تهديدين رئيسيين هما الحرب النووية والتغيرات المناخية... طبعا،،، ومن منظور حقوقي يبقى زعيم الثورة الكوبية الشيوعية «العظيمة» حرا باطلاق في أن يقول أو في أن «يتكهن» بما يشاء.. بل وربما ولاعتبارات «ايديولوجية» صرفة يمكن أيضا تفهم النبرة التشاؤمية التي طبعت موقفه «الاستشرافي» هذا حول مستقبل الدنيا والعالم... فالرجل ظل ولعشرات السنين أسير «محبسين» او سجنين: الايديولوجيا من جهة والرقعة الجغرافية لكوبا التي لم يكن يغادرها الا لماما من جهة أخرى ... لذلك فإن سوداوية تفكيره وكوارثية «تنبؤاته» يمكن أن تكون مفهومة وألا يلام عليها.. إنما اللوم على صنف آخر تونسي هذه المرة من «الكوارثيين» من أولائك الذين اكتسحوا على امتداد الأشهر التي تلت الثورة المنابر الإعلامية مسموعة ومكتوبة ومرئية وجعلوا يروجون من خلالها لخطاب الفجيعة والتيئيس الإعلامي... بعضهم «متنكرا» في زي خبير اقتصادي ومالي وبعضهم الآخر في زي محلل سياسي. هؤلاء أجمعوا ولا يزالون والأرجح أنهم سيظلون على أن «المستقبل أظلم» وأن «الأحوال لا تعجب» وأن «البلاد داخلة في حيط» وان «الاقتصاد سينهار» وأن «الفوضى ستعم» وأن من «انتصر» في الانتخابات لم ينتصر ومن «انهزم» لن ينهزم... وأن... وأن... نقول هذا ولسنا في وارد التعتيم على حقيقة الصعوبات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي لا تزال بالفعل قائمة أمام الشعب التونسي وقواه الحية وحكومته المنتخبة ديمقراطيا وهي تحديات ليس هناك من خيار على المدى المنظور سوى رفعها وإلا فإن الثورة ستفشل ما في ذلك شك... وإنما نقوله لأن هناك أيضا «نصفا آخر» مملوء في «كأس» الثورة التونسية العظيمة يجب أن نحيل عليه إعلاميا على الأقل من باب شحذ العزائم ورفع المعنويات . فتونس اليوم هي من تقود «تسونامي» التغيير الديمقراطي في المنطقة العربية مشرقا ومغربيا . وتونس اليوم هي الدولة الوحيدة من بين ما يعرف بدول «الربيع العربي» من توفقت في قطع خطوات عملية حاسمة وكبيرة على درب بناء الدولة المدنية والديمقراطية ولم تنكص على عقبيها في مجال حقوق الإنسان والمرأة والحريات الفردية والعامة... وتونس الثورة يحق لها أيضا أن تفخر وتفتخر برجالات وقادة مؤسستها العسكرية وكذلك الأمنية التي وقفت ولاتزال مع الشعب والثورة في مرحلة أولى ثم مع الخيار الديمقراطي والعملية الديمقراطية في مرحلة ثانية أكثر من هذا.. بل وحتى في مجال الوضع الاقتصادي الذي يبدو الأبعث على التشاؤم وهو بالفعل كذلك فإن من الخبراء الاقتصاديين من يعتبر أنه ليس في مرتبة «الوضع الكارثي» وأن أرقام النمو المسجلة على ضعفها أو حتى انعدامها تعتبر منتظرة بل و«معقولة» نسبيا إذا ما أخذنا في الاعتبار أنها أرقام ونسب تخص اقتصاد ما بعد الثورة... مرة أخرى نقول إننا لا نروم التعتيم على صعوبة الأوضاع أو الاستهانة بتبعات واقع الفوضى الاجتماعية والأمنية التي نعيش وبمدى خطورته على الثورة والاقتصاد والبلاد والعباد... وإنما نريد فقط ان نردد مع الشاعر إيليا أبي ماضي على مسامع كل «الكوارثيين» القدامى والجدد قوله: قال: السماء كئيبة وتجهما قلت: ابتسم، يكفي التجهم في السماء