قرعة مونديال الأندية بأمريكا .. الترجي في المجموعة الرابعة رفقة تشلسي    اليوم أمام ساغرادا في رابطة الأبطال...الترجي من أجل التأكيد وحسم الصّدارة    حدائق قرطاج.. القبض على شاب وفتاتين من أجل اقتحام محل الغير والسرقة تحت طائلة التهديد    في العاصمة: تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز صفائح من الزطلة..    ضحاياه كبار السن والنساء والأطفال...60 ألف قضية عنف أسري والضحايا كبار السنّ، أطفال ونساء    خلال نوفمبر: تراجع طفيف لنسبة التضخم    أخبار النادي الصفاقسي ..الأحباء يعارضون التفريط في بن حسن    أخبار المال والأعمال    نحو 40 ألف إرهابي يشاركون في اجتياح سوريا...اليد تركية والمعاول متعددة الجنسيات    يسهل فيه القيام والصيام...الشتاء ربيع المؤمن    منبر الجمعة: المطر سر الحياة !    خطبة الجمعة...من أمراض النفس .. «الكٍبْر» !    دعوة الى فرض منع الهواتف في المؤسسات التربوية    ماكرون: سأختار رئيسا جديدا للحكومة في الأيام المقبلة    الإتحاد الجهوي للفلاحة بصفاقس: ضرورة تحويل الدعم الموجه للزيت النباتي إلى زيت الزيتون، حتى لا يتدنى سعر بيع اللتر الواحد من زيت الزيتون عن 15 دينار    القضاء يصدر احكامه في قضية "خليّة سجنان" الارهابيّة    قيس سعيد يشدد على ضرورة مضاعفة الجهود لتأمين حياة المواطنين في أمنهم أو معاشهم    قرعة كأس العالم للأندية: الترجي في المجموعة الرابعةمع فلامنغو وتشلسي وكلوب ليون.    امطار متفرقة متوقعة بالشمال والسواحل الشرقية ليل الخميس    بعد قطع التيار الكهربائي على المركز الثقافي الجبلي سمّامة: ملتقى وطني حول الطاقات البديلة    تعيين مراد عبد السلام نائبا لمحافظ البنك المركزي التونسي    البنك المركزي يتعهّد بالحفاظ على استقرار القطاع البنكي    النجم الساحلي يفوز وديا على خطاف القلعة الكبرى بثنائية نظيفة    "مجلس إحياء الذاكرة" بكلية منوبة يبحث مسألة الدراسات الدينية اليوم    عاجل/ الجيش اللبناني يعزّز انتشاره في الجنوب    سوسة: فتح تحقيق عدلي وبحث إداري لتحديد المسؤوليات في حادثة هروب ثور من المسلخ البلدي بسوسة    المسرحيتان التونسيتان "البخارة" و"بوابة 52" في الدورة 15 لمهرجان المسرح العربي    الجم : منحرف خطير محل 40 منشور تفتيش في قبضة الأمن    تناولها 5 مرات أسبوعيا...فائدة صحية للشكولاتة الداكنة    سوسة: وفاة كهل في اصطدام جرّاره بشجرة    عاجل : عودة أنس جابر لمنافسات التنس بعد غياب لأشهر    محمد التلمساني مدربا جديدا لمستقبل سليمان    انطلاق تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية    التقلبات الجوية ستتواصل حتى هذا التاريخ..#خبر_عاجل    بالفيديو: ريم الرياحي ''كنت طفلة مشاغبة''    السعودية: تسجيل ''الحنّاء'' في قائمة اليونسكو    فتح المجال امام المصدرين الخواص لتصدير زيت الزيتون في اطار الحصة السنوية الممنوحة من الاتحاد الاوروبي بداية من غرة جانفي 2025    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة الرابعة عشر    "العفو الدولية" تؤكد أن بحوزتها أدلة وافية تثبت ارتكاب الكيان الصهيوني جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين..    في العالم: الكوارث الطبيعية تسببت في خسائر اقتصادية فادحة    عاجل : وجود 41 بؤرة بمرض الجلد العقدي في تونس    بالفيديو: ريم الرياحي تتحدّث عن تجربة السجن    عاجل/ أصاب رجل وامرأة: فرار عجل هائج من المسلخ البلدي بهذه الجهة..    روسيا تعلن دخول معاهدة التعاون الاستراتيجي والدفاع المشترك مع كوريا الشمالية حيز التنفيذ    من الحوادث إلى الحرائق: الحماية المدنية تُسجل مئات التدخلات في 24 ساعة    وزير الإقتصاد يشارك في الدورة الثالثة للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة بالجزائر    إنجاز جديد في مستشفى الرابطة: انطلاق وحدة التصوير الطبي عن بعد    استقالة وزير دفاع كوريا الجنوبية والمعارضة تتحرك لعزل الرئيس    دعم مرضى ''الابطن'' : 30 دينار منحة شهرية لتخفيف معاناتهم ولكن هل تكفي؟    مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو    أزمة سياسية في بيرو بسبب عملية تجميلية لرئيسة البلاد    هل نجحت تونس في سياسة الاقتراض الداخلي لسداد القروض الخارجية؟    رئيس الجمهورية يتناول في لقائه بوزير تكنولوجيات الاتصال، الامن السيبرني وتطهير الوزارة وهياكلها من الفساد والتجاوزات    الممثل توفيق الهمامي في ذمة الله    أيام قرطاج السينمائية 2024: عرض 217 فيلما وقصص عن الصمود والتضحيات في سبيل القضايا الإنسانية الكونية    اشتكته زوجته: الإطاحة بعون في الصيدلية المركزية يسرق الادوية طيلة 10 سنوات    يوم الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 مفتتح شهر جمادى الثانية لسنة 1446 هجري    يوم الثلاثاء القادم هو مفتتح شهر جمادى الثانية لسنة 1446 هجري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوليس السياسي" اختطف العريبي وعذبه حتى الموت
خاص فصل آخر من فصول التعذيب زمن النظام البائد
نشر في الصباح يوم 10 - 01 - 2012

الجلادون تداولوا على ضربه بوحشية طوال 3 أسابيع وحرموه النوم 3 ليال أعوان الأمن رفضوا تسليم جثة الشهيد لعائلته وشيدوا له قبرا ضربوا حراسة حوله المكان الزنزانة رقم 9 بدهاليز وزارة الداخلية.. الزمان 26 ماي 1991.. الحادثة مصرع الموقوف عبد الرؤوف العريبي تحت التعذيب الوحشي بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من اعتقاله في إطار الخطة التي رسمها نظام المخلوع لاجتثاث حركة الاتجاه الإسلامي من المشهد السياسي التونسي. فكيف قتل عبد الرؤوف؟ من قتله؟ لماذا قتل؟ وأي مصير عرفته قضيته؟
أسئلة تحاول "الصباح" في عدد اليوم الإجابة عنها من خلال تسليط الضوء على وقائع وملابسات هذه الجريمة النكراء التي تكشف عن مدى وحشية جهاز أمن الدولة أو "البوليس السياسي" المنحل الذي استقوى به نظام المخلوع لتعقب ومطاردة قيادات حركة الاتجاه الإسلامي ومنخرطيها والمتعاطفين معها.
فقضية مصرع الأستاذ عبد الرؤوف العريبي بدهاليز وزارة الداخلية فيها الكثير من الألم والوحشية والغموض، فالشهيد انضم منذ السبعينات للحركة الإسلامية وفي سنة 1981 تقدم رفقة عدد من رفاقه بمطلب للحصول على ترخيص قانوني للنشاط تحت إطار حزب حركة الاتجاه الإسلامي، غير أن ردة فعل النظام البورقيبي كانت قاسية، إذ شن حملة اعتقالات في صفوف الإسلاميين وكان عبد الرؤوف من بين العناصر القيادية التي نشطت أجهزة البوليس السياسي في البحث عنها لذلك فر إلى بلجيكا خاصة بعد صدور حكم يقضي بسجنه لمدة ثمانية أعوام غيابيا.

تخف وهروب ثم عودة

وكشفت مصادر حقوقية ل"الصباح" أن عبد الرؤوف عاد إلى تونس عام 1984 بعد قرار النظام الإفراج عن كل المعتقلين من التيار السياسي الديني والمصالحة غير أن البوليس السياسي سرعان ما عاد لمطاردة الإسلاميين وتحديدا عام 1987 وتضييق الخناق عليهم فقرر عبد الرؤوف مجددا التخفي ومواصلة نشاطه في سرية رفقة بقية رفاقه.
وبعد انقلاب المخلوع على نظام بورقيبة تنفس الإسلاميون الصعداء بعض الشيء وقامت حركة الاتجاه الإسلامي بعقد مؤتمرها عام 1988 وانتخب عبد الرؤوف عضوا بمجلس الشورى للحركة وظل يساهم بالرأي والعمل في دوائر متعددة إلى أن وقع اختطافه من قبل البوليس السياسي عام 1991.

اختطاف من المعهد

في منتصف نهار يوم 3 ماي 1991 كان الشهيد عبد الرؤوف العريبي بصدد مغادرة معهد ثانوي خاص بجهة الحلفاوين بالعاصمة بعد إتمامه الدروس عندما فوجئ بعدد من أعوان الأمن بزيهم المدني يحاصرونه ثم يعتقلونه وينقلونه إلى أحد المقرات الأمنية قبل أن يتوجه بعد نحو أربع ساعات ثلاثة أعوان أمن من البوليس السياسي إلى منزل الشهيد بباردو حيث قاموا بتفتيشه ثم غادروه دون تقديم أية توضيحات عن الوجهة التي نقل إليها.
ورغم اتصال عائلته بالسلط الأمنية للاستفسار عن مكان اعتقاله للاطمئنان فإنها لم تجد جوابا مقنعا واكتفى احد الأعوان بإعلامها أنه لا يمكن الإرشاد على أي موقوف من"المصلين"، ونظرا لعجز العائلة عن تحديد مكان ابنها طيلة ثلاثة أيام تقدمت في اليوم الرابع بشكاية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس لتحديد مكان الاحتفاظ بعبد الرؤوف والمطالبة بعرضه على الفحص الطبي رسمت تحت عدد 5/54204 بتاريخ 8 ماي 1991 فأحيلت الشكاية على مدير أمن إقليم تونس للإرشاد واتخاذ بقية الإجراءات في الموضوع غير أن الشكاية احتفظ بها في الأرشيف وغض النظر عنها إلى أن جاء الخبر المفزع الذي صدم كل عائلة عبد الرؤوف.

الفاجعة وجنازة صباحية

في حدود الساعة الخامسة من مساء يوم 27 ماي 1991 حلّ عونا أمن بالزي المدني بمنزل عائلة عبد الرؤوف العريبي واصطحبا والده إلى مقر منطقة الأمن ببوشوشة حيث وقع إشعاره من طرف أحد المسؤولين الأمنيين بوفاة ابنه عبد الرؤوف لدى إحدى المصالح الأمنية بوزارة الداخلية وحدد له موعد الجنازة(في حدود الساعة السابعة والنصف من صباح يوم 28 ماي 1991 بمقبرة "الجلاز")، ورغم محاولة العائلة -عن طريق أحد المحامين- تأخير موعد الجنازة إلى موعد لاحق لترتيب بعض الأمور إلا أن محاولتها باءت بالفشل فتحول أفرادها في الموعد المحدد إلى المقبرة لتحل حوالي الساعة السابعة و45 دقيقة من صباح ذلك اليوم(28 ماي 1991) سيارة إسعاف عسكرية على متنها تابوت بداخله جثمان الشهيد إضافة إلى عدة سيارات أمنية تقل عددا كبيرا من أعوان الأمن بعضهم بالزي المدني والبعض الآخر ينتمي لوحدات التدخل.

آثار عنف

وأكدت مصادرنا أن أفراد عائلة الشهيد وبعض الحاضرين من بينهم الأستاذ عبد الفتاح مورو(قام بمواراة عبد الرؤوف الثرى) لمحوا آثار كدمات وزرقة في الوجه والرقبة والكتفين والصدر إضافة إلى آثار عنف في الساقين و"زلعة" في القصبتين، فيما شوه قميص الأستاذ مورو بالدم من جراء جرح في الجهة الخلفية من رقبة الشهيد، وفي صباح اليوم الموالي توجه بعض أقارب عبد الرؤوف إلى المقبرة لزيارة ضريحه ففوجئوا بوجود خمسة أعوان أمن بصدد حراسة القبر الذي تم تشييده من قبل الأعوان.
والغريب في الأمر أن العائلة فشلت في استخراج مضمون وفاة لعبد الرؤوف بعد أن تبين أن عملية الدفن تمت دون إذن كما أنه لم يقع عرض جثته على الطبيب الشرعي لكشف أسباب الوفاة، وبناء على ذلك تقدمت بشكاية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس لكشف حقيقة مصرع ابنها ومقاضاة المتهمين بقتله أو المشاركة في ذلك، وقد باشرت السلط القضائية التحقيق في هذه القضية.

تعذيب وحشي حتى الموت

وبالعودة إلى ملابسات مصرع عبد الرؤوف العريبي يتبين من خلال شهادة عقيد سابق بالجيش الوطني كان في تلك الفترة معتقلا بدوره بدهاليز وزارة الداخلية أن أعوان البوليس السياسي اقتادوا عبد الرؤوف بعيد اعتقاله إلى دهاليز وزارة الداخلية حيث تعرض لأبشع أساليب التعذيب للاعتراف بتفاصيل مؤامرة مزعومة خططت لها حركة الاتجاه الإسلامي
إذ استهدف للضرب المبرح وعلق على شاكلة "الروتي" وضرب على رجليه حتى انفلقتا ثم اقتيد إلى الزنزانة رقم 9 وقد انتفخت عيناه ووجهه ورأسه وشفتاه وأذناه من شدة التعذيب حتى أنه عجز عن الوقوف على ساقيه وكان يشتكي من آلام حادة في ظهره وبطنه.
وقد تواصل تعذيب الشهيد عبد الرؤوف العريبي طيلة أكثر من ثلاثة أسابيع مارس خلالها الجلادون التعذيب عليه بوحشية غير مبررة للحصول على اعترافاته حول المؤامرة المزعومة التي كانت تخطط لها حركة الاتجاه الإسلامي خاصة أنه كان آخر موقوف من بين قيادات الحركة ولكنه لم يعترف بأية معلومة لأنه- بكل بساطة- لم يكن مثل هذا المخطط موجودا أصلا لذلك تواصل تعذيبه إلى أن ساءت حالته الصحية وعجز خلال الليالي الثلاث الأخيرة من حياته حتى عن النوم بسبب شدة الآلام ورفض الجلادين إحضار طبيب لفحصه حتى أنه في آخر ليلة من حياته ظل يئن بشدة ويصيح"يا فوزي.. يا فوزي".
وفي فجر يوم 26 سبتمبر 1991 اشتدت آلامه فأعد له بعض الموقوفين بالزنزانة رقم 9 بدهاليز وزارة الداخلية متكأ للتخفيف من آلام ظهره ثم أحضر له أحدهم إناء ماء فغسل وجهه وتناول شربة ماء ثم أغمض جفنيه ليتفطن رفاقه لاحقا لوفاته فطرقوا باب الزنزانة بشدة طلبا للطبيب، وبتفطن أعوان البوليس السياسي لهذه التطورات حلوا بسرعة البرق واستدعوا طبيبين في محاولة لإسعافه بالتنفس الاصطناعي ولكن تبين انه فارق الحياة، وعوض نقل جثمانه إلى المستشفى او تسليمه لعائلته نقلوه إلى بيت الاستحمام حيث ألقوا به وتركوه إلى حدود الساعة العاشرة ليلا".
وقد كان العقيد السابق بالجيش الوطني محمد صالح الحدري شاهدا على كل هذه التفاصيل عندما كان معتقلا بدوره بنفس الزنزانة وأدلى بشهادته لدى السلطات القضائية.

ماذا ورد في تقرير "العفو الدولية"؟

وكانت منظمة العفو الدولية أشارت في تقريرها الصادر نهاية عام 1991 إلى ظروف مصرع عبد الرؤوف العريبي فقالت: "وقع إيقافه يوم 3 ماي 1991 ووضع في السجن حتى تاريخ وفاته يوم 26 او 27 من نفس الشهر.. فقد أعلمت السلطات أقاربه بأنه مات إثر أزمة قلبية ولكن عائلته لم تستطع تسلم جثته إلا فجر يوم 28 ماي 1991 ووقع إجبارها على دفنه مباشرة.. لم يتصل أقاربه بأي تقرير طبيب شرعي ولا شهادة طبية تحدد أسباب الوفاة، كانت آثار الجروح بارزة في رجله..".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.