على إيقاع حراك اجتماعي متواتر وممتد في رقعته الجغرافية وثقيل في مستوى حصيلة تداعياته الاقتصادية طوت سنة 2011آخر أيامها ليتواصل مد الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية أولى أيام السنة الجديدة بل لعلها ازدادت كثافة وانتشارا لتكتسح في وقت وجيز عديد المناطق والولايات متخذة من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والإضرابات والتهديد بالإضراب وقطع الطرق أشكالا مختلفة للتعبير عن مظالم فجرها كبت السنين ومطالب في التشغيل والحق في التنمية اندلعت من أجلها ثورة شباب تونس وقد ضاق بها اليوم صدر أصحابها وعلت بها أصواتهم وارتفعت هتافاتهم علها تبلغ أولى الأمر وتجد طريقها إلى التجسيم. وعلى مشروعية الحراك الاجتماعي فإن عشوائية تنفيذ بعض التحركات وإضرارها بمصالح الأهالي وعرقلتها لعجلة الإنتاج حد بلوغها تهجير عديد المستثمرين وتحويل وجهتهم نحو أسواق منافسة وتعطيل حركة التنقل وسد منافذ العبور وحرمان المواطن من الخدمات العامة والخاصة اليومية يعد مخالفا لكل الأعراف ليبقى الحوار وحسن الإصغاء وسياسة الإقناع الوسيلة الأفضل للتعاطي والتعامل معها والحد من نزيف الانفلات الاجتماعي. وفي انتظار أن تنقشع سحابة الاحتجاجات أملا في أن تخف وطأتها ويخفت لهيب اشتعالها على عتبة سنة جديدة يستوقفنا ثقل مؤشرات فاتورة التحركات الاجتماعية في مستوى الإضرابات التي تم تنفيذها طوال سنة2011 والتي تشكل ناقوس خطر يخشى من عواقبه الكارثية إن لم يقع تداركه ووقف نزيفه حيث تسببت الإضرابات في الترفيع في عدد أيام العمل المهدورة إلى 309343 يوما وهو رقم قياسي سجل نسبة تطور بأكثر من 313بالمائة مقارنة بعدد الأيام الضائعة المسجلة سنة 2010. هذه الحصيلة كانت بطبيعة الحال نتاجا لارتفاع عدد الإضرابات عن العمل المنفذة والتي تضاعف عددها السنة الماضية لتبلغ 567 إضرابا مقابل 255 قبل سنة. علما أن عدد المؤسسات المضربة ناهز 314 فيما لم يتجاوز عددها 170 في 2010. أرقام قاتمة يكمن خطرها في ما أفرزه الوضع الاقتصادي العام من تدفق دفعات جديدة من العاطلين عن العمل زادت في تفاقم حالة البطالة المتضخمة التي يرزخ تحت عبئها الشباب فهل من مخرج لها؟