رهان أمريكي على تونس في إنجاح ثورتها أورد الدكتور رضوان المصمودي الخبير في الشؤون الامريكية ورئيس مركز الاسلام والديمقراطية بواشنطن في حديث ل "الصباح" أن... "كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في تونس تؤكد حاجتها الى مساعدات مالية عالمية وخاصة الى مساعدات امريكية فورية بهدف توفير سيولة وموارد تمكن الحكومة الائتلافية الحالية من انجاز حد ادنى من المهمات التي تفرضها مرحلة الانتقال نحو الديمقراطية وعلى رأسها مكافحة الفقر وتوفير استثمارات وموارد رزق ووظائف لمئات الالاف من العاطلين". واعتبر الدكتور رضوان المصمودي ان " واشنطن التي دعمت بقوة مسار الاصلاح السياسي في عهد بن علي ومارست ضغوطات عليه خلال الاعوام الماضية لينفتح على كل معارضيه بمن فيهم الاسلاميين كانت من اول الحكومات في العالم التي رحبت بالثورة واعلنت دعمها سياسيا ونوايا دعمها اقتصاديا"..
تفويت فرص؟
لكن المصمودي اعتبر ان " الوقت يمر بسرعة ولا ينبغي التفويت في الفرصة مرة اخرى.." واستطرد قائلا:" تحرك الحكومة الحالية في اتجاه واشنطن متأكد جدا.. لان الحكومة السابقة لم تستغل الفرص التي قدمتها لها ادارة اوباما ولم تتقدم بمشاريع عملية وملموسة لتوفير مساعدات مالية فورية لتونس الى جانب البدء في استثمار اموال تحدث ديناميكية اقتصادية في تونس وتساهم في معالجة نسبة من ملفات البطالة المتراكمة ".. وطالب الدكتور المصمودي في حديثه ل "الصباح" الحكومة الحالية ب" تطوير علاقاتها مع الولاياتالمتحدة فورا.. وعدم اضاعة الوقت وتفويت فرصة العام المتبقي من عهد الرئيس اوباما لانه وغالبية انصاره في الادارة والكنغرس تحمسوا بقوة بصفة خاصة للثورة التونسية ولجهود انجاز اصلاحات سياسية واقتصادية شاملة في تونس حتى يكون الانتقال الديمقراطي نموذجا للتغيير لبقية الدول العربية الاستبدادية .." وتوقع المصمودي ان تتجاوب الإدارة الامريكية مع الجهود التي قد تقوم بها الحكومة الحالية بهدف ضمان حصولها على مساعدات مالية امريكية " هائلة " قد تصبح دورية.. وتتراوح قيمتها بين 3و5 مليار دولار سنويا مثلا.. مقابل احترامها لحقوق الانسان والديمقراطية وتكريسها نقلة نوعية من نظام استبدادي الى نظام معتدل وديمقراطي على غرار النموذج التركي او افضل منه"..
تقاطع مصالح
لكن لماذا يمكن ان تحرص الادارة الامريكية على دعم الديمقراطية والاقتصاد في تونس؟ وما هو المقابل؟ وهل أصبحت الديبلوماسية الامريكية تحكمها " الاعتبارات الخيرية" ام ان لها مصالح خفية واستعمارية جديدة مثلما يورد البعض؟ الرد واضح حسب الدكتور رضوان المصمودي:" هناك تقاطع مصالح.. من مصلحة الشعب التونسي إنجاح الثورة والاصلاح خدمة لمصالحه.. ومن مصلحة أمريكا والغرب توفير الأمن والاستقرار ومقاومة الفساد والاستبداد القضاء على الاسباب العميقة للتطرف والارهاب.."
واستطرد مخاطبي قائلا:" ادارة اوباما دعمت الثورات العربية واعلنت بصفة خاصة رهانها على تونس وعللا تشريك الاسلاميين المعتدلين في الحكم في المنطقة وخاصة في تونس ومصر والمغرب بعد الانتخابات الديمقراطية.. وهي تعتقد ان حركة النهضة هي من أكثر الحركات السياسية والاسلامية إعتدالا في المنطقة ويمكن الرهان على نجاحها في بناء تجربة سياسية تنفتح على العلمانيين واليبيراليين واليساريين المعتدلين.. وتعتبر ان نجاح حكومة الائتلاف الحالية بين اسلاميين وعلمانيين يعني تقديم نموذج جديد غير النموذج التركي للتوافق بين الاسلام والديمقراطية وهي الفكرة التي حرص مركزنا في واشطن (مركز الاسلام والديمقراطية) على ان يقنع بها الساسة الامريكيين طوال أكثر من 10 أعوام وخلال جلسات الحوار السنوية التي نظمتها خلال الاعوام الماضية في بيت والدي بتونس بين قياديين من حزب النهضة وديبلوماسيين أمريكيين.." وإعتبر المصمودي أنه " في صورة فشل الثورة التونسية لاقدر الله فان ذلك سيكون كارثيا بالنسبة لاوباما وانصاره داخل الولاياتالمتحدة.. لانهم راهنوا على دخول العالم العربي بعد تونس مرحلة التعددية والديمقراطية وعلى القطع مع الاستبداد والحكم الفردي والفساد..."
وعود قمة الثمانية؟
لكن لماذا اثارة مثل هذه المطالب الآن ما دامت قمة الثمانية في فرنسا والتي حضرها اوباما تعهدت بتقديم مبالغ هائلة لتونس ولبلدان "الربيع العربي"؟ تعقيبا على هذا السؤال اورد المصمودي ان " قمة الثمانية لم تقدم اكثر من الوعود الى تونس.. لكن الاتصالات المباشرة يمكن ان تؤدي الى إبرام اتفاق رسمي ونهائي بين تونسوالولاياتالمتحدة لتقديم مبالغ مالية مهمة دورية لتونس.. ومثل تلك المساعدات الدورية الضرورية خلال الاعوام القليلة الماضية.. لان الحديث عن الاستثمار سابق لاوانه الان.. ولابد من تحميل واشنطن مسؤولية تقديم مساعدات نقدية فورية لتونس.. وهو أمر ممكن.. اذا كان التحرك ناجعا وذكيا وفوريا"..