- الاعتدال والوسطية والتسامح ستكون ثوابت الإذاعة - آراء وأفكار وجدي غنيم لا تلزم إذاعة الزيتونة - النقاب لا يلزم ولا يمنع - حوار: محمد صالح الربعاوي -بعد تجاذبات طويلة داخل إذاعة الزيتونة انعكس على خطابها الديني الذي ظل متذبذبا طوال الأشهر الماضية تسلم الدكتور رشيد الطباخ منذ ايام قليلة مقاليد إدارتها خلفا للدكتورة إقبال الغربي. وعلى عكس ما روّج أكد الطباخ ان تعيينه لم يكن تحت ضغط أيّ طرف، بل ان تعيينه كان من طرف وزير المالية حسين الديماسي. وأضاف ان التسامح والاعتدال والوسطية ستكون ثوابت الإذاعة في المستقبل. وإن أكد أن آراء وأفكار وجدي غنيم لا تلزم إذاعة الزيتونة فان الطباخ شدّد على أن ختان البنات لا يهمّ المجتمع التونسي لا من قريب ولا من بعيد... «الأسبوعي» تطرّقت معه إلى عديد المسائل من خلال الحديث التالي: ما مدى صحة تأكيد البعض على ان تعيينك كان بناء على ضغوطات بعض الأطراف في تلميح إلى طرف سياسي معيّن؟ أذكر أن موظفي إذاعة الزيتونة اقترحوا أكثر من شخص -كنت من بينهم- ممن يحملون الدكتوراه في العلوم الإسلامية ولهم خبرة إدارية وإسهامات في مجال الإعلام، وكان ذلك في حكومة السيد الباجي قائد السبسي، بينما كانت إذاعة الزيتونة دون مدير فعلي يباشر عمله بصفة عادية، ومع مرّ الأيام بل الأشهر والموظفون دون رواتب والأزمة تستفحل يوما بعد يوم عندئذ قامت الحكومة المنتخبة بالتدخل. وبما أن إذاعة الزيتونة شركة مصادرة، ووزارة المالية هي صاحبة العلاقة بالتصرف في الأموال والممتلكات المعنية بالمصادرة أو الاسترجاع لفائدة الدولة، قام السيد حسين الديماسي وزير المالية وهو رئيس اللجنة الوطنية للتصرف في الأموال والممتلكات المصادرة بدعوتي إلى مكتبه بمقرّ وزارة المالية ومن ثم تعييني على رأس مؤسسة إذاعة الزيتونة، ولم تتمّ دعوتي من أيّ وزير آخر، سواء من النهضة أو من غيرها.
كلفت بمسؤولية ادارة اذاعة الزيتونة بعد فترة من التجاذبات والمشاكل التي شهدتها المؤسسة طوال الاشهر الاخيرة الا تعتقد انك ستكون أمام عديد التحديات التي تقتضي منك معالجة عديد الملفات خاصة ان لغة الحوار تعطلت مع المديرة السابقة إقبال الغربي؟ - وهل هناك مؤسسة اليوم تخلو من ملفات تحتاج المعالجة؟ عندنا ملفات مستعجلة كتمكين الموظفين من أجورهم وقد تمّ ذلك مباشرة بعد تسلمي المهام. وأما الملفات الأخرى المتعلقة بالتنظيم الإداري وتطوير البرامج وتدريب الأعوان وملف الجودة وغيره فلا شك أنها تحتاج إلى وقت وتأتي بالتدرج، وقد لمست استعدادا طيبا من كافة أعوان الإذاعة لتحقيق هذه الأهداف. بعد التذبذب الذي طغى على خطاب الاذاعة في الاشهر الماضية لابد ان لك رؤيتك الخاصة لتعديل خطها التحريري خاصة بعد الانتقادات التي وجهها البعض الى بعض برامجها التي تجاوزت أحيانا دائرة الاعتدال والوسطية؟ - من الصعب ان تحكم على أداء إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم في فترة الأزمة، وقد تقدم أن توقف الأجور وغياب المدير الفعلي للإذاعة وضعف الرضا الوظيفي لدى الأعوان كل هذه الأمور أثرت على أدائها. كيف تريد لموظف إذاعة الزيتونة أن يبدع ويحقق ذاته في العمل الإعلامي وهو يعيش بدون راتب لأربعة أشهر أو يزيد؟ أما عن الاعتدال والوسطية والتسامح والخصوصية التونسية فأعتبرها ثوابت في إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم. كما أن الخط التحريري للإعلام في تونس ما بعد الثورة واستقلالية الخطاب عن كل توجه سياسي وأيديولوجي مطلب أساسي، ليس للإعلامي فحسب وإنما للشعب التونسي الذي ضحى من أجل الحرية والكرامة، فعلى وسائل الإعلام في بلادنا أن تكون على مسافة واحدة من هذا الخط. لكن علاقة الاذاعة بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ظل يسودها الكثير من التوتر فما هي الحلول المناسبة للخروج من الزاوية الحادة وإيجاد صيغة تفاهم؟ لنقابة الصحفيين وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني دور مهمّ ولا سيما بعد الثورة في الدفاع عن مصالح الشرائح التي يمثلونها وفي دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد، ويفترض ألا يكون هناك توتر بين نقابة الصحفيين وأعوان إذاعة الزيتونة، وهذا هو الوضع السليم الذي نتمناه. في ظل التشنج بين الأطراف اليسارية واليمينية ماهي الاستراتيجية التي تعتمدها لرأب التصدع الذي يزداد بين يوم وآخر داخل المجتمع التونسي؟ الاختلاف في الأفكار والمعتقدات السياسية والمواقف الأيديولوجية ينبغي ألا تكون حائلا دون تنمية المجتمع. لقد أسهم المحافظون كما أسهم اليساريون في تغيير الواقع السياسي في تونس من القهر والاستبداد إلى الحرية، فليسهموا في تغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. ينبغي أن تكون الرسالة واحدة وهي تحقيق التنمية الشاملة لمجتمعنا التونسي وإن تنوعت الوسائل. في ثنايا الضجّة التي أحدثتها زيارة وجدي غنيم الى تونس وما شابها من كلام كثير ومواقف متباينة فتحت له اذاعة الزيتونة ابوابها واستضافته وهو ما عاتبكم عليه البعض لآراء الرجل المتشددة ودعوته الى الفتنة وفقا لمنتقديه؟ - لقد تعب إعلامنا على مدى عقود من الإقصاء الممنهج، وبعد الثورة المباركة تحررت موجات الهواء وبدت إذاعاتنا في تونس تنبض حياة ونشاطا واندفاعا على الطريف الإعلامي. في هذا الإطار استمعنا إلى وجدي غنيم في إذاعة الزيتونة وفي غيرها من الإذاعات التونسية، والذي أنوه به هو أن ما يقوله الضيف أو المتدخل من آراء وأفكار لا تلزم بالضرورة الإذاعة التي تدخل فيها. أنا لست مع تجديد القيود على موجات الهواء. - لكن أسلوبه الدعوي وعبارات التحدي ودعوته الى ختان البنات أسال الكثير من الحبر بل ان البعض دعا الى محاكمته؟ - هذا الأمر -في نظري- لا يهم المجتمع التونسي من قريب ولا من بعيد. بصراحة هل تعتقد ان تونس التي صدّرت عشرات آلاف الأدمغة في مختلف المجالات في حاجة اليوم إلى توريد الدعاة وأمثال وجدي غنيم بمختلف مرجعياتهم الدينية وأساليبهم الفلكلورية؟ - أما عن نفسي فأحبذ المحاضرات العلمية القيمة الهادئة، ولكنني لا أفرض رأيي على الآخرين، وعلينا ألا نتخلى عن قيمنا التونسية الأصيلة في احترام ضيوف تونس. ماهو رأيك في قضية النقاب التي شدّت الاهتمام طوال الفترة الماضية؟ - النقاب -في نظري- لا يلزم ولا يمنع. والزواج العرفي الذي اختلفت بشأنه الآراء حتى بين رجال الدين؟ - لا أرى الزواج في عصرنا الحاضر وفي مجتمعنا التونسي إلا موثقا. اعتبر البعض ومنهم الاستاذ عبد الفتاح مورو ان الاعتماد على الشريعة الإسلامية في صياغة الدستور يمثل مخاطر كبيرة للمجتمع لما يفتحه من نوافذ قد تسببه الكثير من المشاكل فماهو رايكم في هذه المسالة؟ - ألسنا ممن يصف الشريعة الإسلامية بالسمحة؟ كيف تكون سمحة وتسبب الكثير من المشاكل؟ كيف تحكم على المشهد الإعلامي اليوم وانت الذي كنت ترصده ولو من بعيد باعتبارك كنت مديرا للمعهد الأعلى لأصول الدين؟ - الإعلام التونسي يمثل جزءا رئيسا في حياتنا اليومية، في نظري يحتاج إلى مزيد الجهد لتحقيق تماسك البنيان الاجتماعي ودفع عجلة التنمية فيه. هذا ما نحتاجه من الإعلام التونسي بعد الثورة المباركة.