تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظاهرة تفاقمت بعد الثورة.. فمن يوقفها؟
آفة المخدرات في تونس
نشر في الصباح يوم 02 - 03 - 2012

مشهد يومي تشهده كل المحاكم تقريبا حيث تبت الدوائر القضائية في قضايا تتعلق باستهلاك أو مسك أو ترويج المخدرات ولا يمر يوم والا يتم الكشف عن شبكات ترويج المخدرات أو احباط عمليات تهريب مواد مخدرة على الحدود،ظاهرة المخدرات تفاقمت واستفحلت خلال السنوات الاخيرة وباتت تجارة وتعاطي المخدرات من أكثر الظواهر التى تزايدت حدتها في المجتمع التونسي وتؤكد الارقام والاحصائيات ان متعاطيي أنواع المخدرات هما أساسا من فئة الشباب، وينحدرون من مختلف الشرائح الاجتماعية ويعد ادمان المخدرات وتعاطيها من أكثر المشكلات النفسية والاجتماعية خطورة وأعظمها تأثيرا على صحة الانسان البدنية والنفسية.
ان تزايد قضايا المخدرات بعد فتح المجال لدراسة هذه الظاهرة في مختلف جوانبها وحيث نحظى بإجابة واحدة رغم اختلاف الاشخاص التي دفعتهم الظروف الى تعاطي المخدرات وهي ارادة النسيان والبحث عن مسكنات الفقر والفشل الدراسي والتشتت الاسري.
"الصباح" بحثت في الظاهرة من عدة زوايا ووقفت على حجم الكارثة التى باتت تهدد شبابنا.

تحقيق: نزار الدريدي

الحديث مع مدمني "الزطلة" لم يكن سهلا خصوصا ان هؤلاء عادة ما يتحرجون من الحديث عنها تجنبا للذكريات الاليمة التي مروا بها خلال رحلة تعاطيهم لهذه المواد المخدرة.

شهادات حية

يقول سمير بن فطوم (مدمن سابق) أن آفة المخدرات خطيرة على المجتمع خاصة على الشباب وهي آفة منتشرة ومتغلغلة كثيرا في تونس ويضيف ان بدايته مع تعاطي المخدرات كانت في سن الرابعة عشرة حيث تعاطى المخدرات وتحديدا مادة الهيروين المنتشرة في أوروبا وادمنها لمدة 5 سنوات خلال فترة دراسته مما تسبب له في انقطاعه عن الدراسة.
وذكر ان ادمانه على المخدرات تسبب في تدهور حالته الصحية والمادية وكذلك في العديد المشاكل العائلية وهوما نتج عنه تغيير التعاطي من الهيروين الى مادة السبيتاكس الاقل كلفة لمدة 7 سنوات مضيفا أنه سجن لمدة سنة بتهمة استهلاك مادة مخدرة بعدها انقطع عن ادمان المواد المخدرة اثر تلقيه علاجا في مركز خاص بصفاقس للإقلاع عن الادمان.
ويقول وليد. د. أنه ادمن على استهلاك مادة الزطلة منذ سنوات وهو ما كلفه السجن لمدة 8 سنوات كاملة بعد القبض عليه متلبسا وبحوزته كمية كبيرة من هذه المادة كان بصدد ترويجها الى أصدقائه حيث قال أنه كان يسعى من خلال ترويج المخدرات الى الاسترزاق من هذه المادة باعتبار ان الطلب كان كبيرا، واضاف ان غياب الرقابة الاسرية وكذلك قلة اليد والفقر كان وراء ادمانه هذه المادة المخدرة مما خلق له العديد من المشاكل مع عائلته وزادت معاناته بعد وفاة والدته.
وفي ذات السياق كشف محمد الهمامي أصيل ولاية بنزرت الذي يواصل علاجه من تعاطي المخدرات في مركز علاجي ويؤكد ان تأثير مادة الزطلة ومخدر السبيتاكس كبير على الصحة وقد أدمن تعاطي المخدرات منذ 6 سنوات في المعهد الذي يدرس فيه وعدد أنواع المخدرات التى تعاطاها بداية من شرب الكحول مرورا الى الزطلة "البركيزول" و"الارطال" وصولا الى الزطلة و"السيبتاكس" عن طريق الحقن..
وكشف محدثنا ان ادمان المخدرات موجود في المدارس والمعاهد حيث يؤكد ان رحلته مع التعاطي بدأت في المعهد وتطورت في الحومة التى يقطنها بسبب رفقة أصدقاء السوء ويقول ان استهلاك الزطلة والسيبوتاكس دمرتا حياته وكانت سببا في خروجه المبكر من الدراسة..
وبحسرة يقول عادل.د ان استهلاك "الزطلة" حرمه من مواصلة دراسته وكان سببا في دخوله السجن بعد ايقافه بتهمة الاستهلاك، ويذكر ان بدايته مع الاستهلاك كانت في "الحومة" التى يقطن فيها ثم انطلقت رحلته مع هذا الداء حيث عجز في وقت سابق عن الاقلاع عنها بسبب قوة تأثيرها على صحته لكنه اليوم يتلقى علاجا خاصا للتخلص من تأثيراتها الجانبية ويضيف ان القانون الحالي صارم ومتشدد ولابد ان تتم مراجعته خاصة وان مستهلكي الزطلة وغيرها من المواد المخدرة غالبيتهم من الشباب.
ويتذكر م.ر أصيل منطقة الملاسين صاحب 45 سنة الذي يعيش حالة اجتماعية صعبة ان بداية الرحلة مع المخدرات انطلقت بعد وفاة والديه حيث أصابه الاحباط وأصبح مدمنا على شرب الكحول في مرحلة أولى ثم تطورت الى تعاطي المواد المخدرة كالسوبيتاكس والزطلة وغيرها من الانواع ويضيف ان الوضع الاجتماعي كان سببا في ضياعه ودخوله عالم المجهول ومخالطته أصدقاء السوء.
ومن جهته يقول الاستاذ عبد المجيد الزحاف رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات ان ظاهرة الادمان ارتفعت وتيرتها بعد الثورة مقارنة بالسنوات الاخيرة نتيجة الانفلات الامني الذي شهدته بلادنا ابان الثورة وهو ما يثير المخاوف في المجتمع.
ويؤكد ان المواد المخدرة تختلف انواعها من استنشاق "الكوالا" و"الديليون" الى "الزطلة" و"السوبيتكس" و"الهيروين" وهي آفات تهدد المجتمع التونسي دون استثناء.
ويقول رئيس الجمعية ان الحد من هذه الظاهرة يكون من الناحية العلاجية قبل النظر اليها من الناحية القانونية والقضائية لان الاولوية تقتضي معالجة حالة المدمن في مرحلة أولى قبل التتبع العدلي.
وقد أثبتت التجربة السابقة أن المعالجة الامنية وحدها لظاهرة المخدرات غير مجدية ذلك أن تعاطيها هو تجربة فردية ويرتبط في كثير من الاحيان بثقافة الناس والمجتمعات والعادات والتقاليد والتفكك الاسري وفشل التعليم والفقر والبطالة والبيئة المحيطة من الاصدقاء والحومة والمدارس والجامعات.
فالسياسة التشريعية اعتمدت على الجانب الوقائي والصّحّي للمدمنين بتشجيعهم على التقدّم من تلقاء أنفسهم للخضوع للعلاج الطبّي وفق إجراءات وشروط قانونية مقابل عدم إثارة الدعوى العمومية تجاههم.

أسباب الادمان

وعن أسباب الادمان على المخدرات يرى طارق بالحاج محمد الاخصائي في علم الاجتماع ان ظاهرة الادمان على المخدرات آفة متجددة وفي تزايد مستمر وخاصة لدى الشباب وتتخذ المواد المخدرة انواعا مختلفة، فحالة التوتر والضياع الذي يعيشه الشباب التونسي مرتبط بالفقر والتخلف والتهميش والاقصاء والاحياء الشعبية والعائلات الفقيرة والتى تنقصها الثقافة الاجتماعية...
إن تعاطي المخدرات ظاهرة غير مرغوب فيها في أي مجتمع نظراً لانعكاساتها الاخلاقية والعدائية على السلوك العام في المجتمع والمرحلة الحرجة التي يمر بها الشباب تتميز بالاضطراب العاطفي، الذي يؤثر على تماسك وتكامل شخصيتهم فيشعر بالاكتئاب والقلق النفسي فيلجؤون إلى تعاطي المخدرات لتشكل فيما بعد سلوكا عدوانيا لدى الفرد وتكون قاعدة للكثير من مظاهر الفساد والانحراف والدخول الى عالم الجريمة وهذه المظاهر تنجم عادة عن تفكك الاسرة التى تدفع بأبنائها للادمان.
ويقول طارق بالحاج خبير علم الاجتماع ان أسرة المدمن لها شكل وملامح خاصة وهي أسرة مفككة منهارة بسبب الطلاق أو الوفاة.
وفي نفس السياق يرى بوبكر بن عبد الكريم اخصائي في علم النفس ان ظاهرة الادمان هي حالة نفسية بالاساس وترتبط بشخصية الفرد وبمحيطه ويرجع أسبابها من وجهة نظر نفسية الى ضعف الشخصية وقلة الثقة في النفس فيسعي المدمن من خلال عملية استهلاك المخدرات الى تعويض النقص النفسي الذي يؤدي الى تغيير شخصيته واكسابها نوعا من الرضاء، فتعاطي المخدر والادمان عليه يؤدي إلى حالة من الاضطراب العقلي للفرد، حيث الادراك والتذكر والتصور والتخيل كما يؤثر على الجانب الانفعالي للشخص وما يترتب على ذلك كله من تكيف أو توافق بالنسبة للفرد مع نفسه ومن هنا فالمدمن لايمكن أن يمارس دوره الاجتماعي بشكل إيجابي وأن يشارك بشكل فاعل في المهام اليومية للاسرة، فهو عالة عليها وعلى المجتمع.
فالمخدر أياً كان نوعه لاشك أنه يؤثر على الصحة وقد أثبتت الدراسات أن المخدرات تؤثر على النشاط الذهني والحالة النفسية لمتعاطيها حيث يستمر الانسان في تناول المخدر حتى يصل إلى درجة الادمان التي يعاني فيها الانسان من وجود رغبة ملحة في تعاطي مادة ما بصورة متصلة أو دورية، حيث يكون وراء هذا التعاطي رغبة في الشعور بآثار نفسية معينة.

ماذا يقول قانون المخدرات؟

تفاقم الظاهرة خلال الفترة الاخيرة ولد تساؤلات حول الطابع الزجري للقضاء في مكافحة استفحال ظاهرة المخدرات اذ يرى مختص في القانون ان هناك عدة عوامل تحدد تفاقم الظاهرة ويعتبر القانون الزجري والردعي في قانون مكافحة المخدرات وكذلك تصاعد نسب الفقر والبطالة والوضع الاجتماعي المتردي والتشتت الاسري من ابرز الاسباب التى ولدت تزايدا في حالات تعاطي المخدرات..
ويضيف ان الظاهرة تطورت وتزايدت حدتها مع ارتفاع الادمان على مادة "السيبتاكس" التي وجد فيها المدمن حلا بديلا عن "الزطلة" والهيروين" وغيرها من الانواع الاخرى، فالقانون التونسي يعرف المخدّر على انها المادّة التي تشكل خطرا على صحّة الانسان وعلى سلامته وأمن المجتمع وعرّفها المشرّع التونسي في الفصل 1 من القانون عدد52 لسنة1992 المؤرخ في18-5-1992 بأنّها: " تعتبر مخدّرات وتخضع لتطبيق هذا القانون جميع الموادّ المدرجة بالجدول (ب) الملحق بهذا القانون سواء كانت طبيعية أو مركبة ومهما كان نوعها أو شكلها وفي أي مرحلة من نموّها وتركيبها الكيميائي.

الاجراءات القانونية

وعن الحلول القانونية والعلاجية يقول مختص في القانون ان الاشكال يبقى في الناحية القانونية خاصة ان المشرع التونسي لا يميز بين مختلف جرائم المخدرات حسب خطورتها.
ويضيف أنه كان بالإمكان التمييز بين صنفين من الجرائم، صنف أول يتناول الاستهلاك والمسك لغاية الاستهلاك التي يمكن اخضاعها لنظام زجري يسمح بتفرد العقوبة ثم صنف ثان لجرائم الاتجار الذي يمكن اخضاعه لنظام رادع وصارم.
ويضيف الخبير القانوني ان المطلوب هو تحوير التشريع المتعلق بالمخدرات لمراجعة الحل الزجري في معالجة الظاهرة وتنويع الحلول للتصدي لها بشكل ناجع وفعال.
ومن بين الحلول التي يمكن اعتمادها بشكل أوسع انطلاقا من الطرق العلاجية واعادة التأهيل وكذلك ضرورة التفريق بين الاستهلاك والاتجار الى جانب تعزيز دور المؤسسات للإحاطة والوقاية من مخاطر المواد المخدرة.

مشروع تحوير القانون

وفي سياق متصل يشير خبير القانون ان الاعداد لمشروع قانون لتحوير قانون المخدرات جاء بعد نقاشات وحوارات داخل لجنة ضمت ممثلين عن وزارة الداخلية والعدل والصحة وهذا المشروع أصبح جاهزا في تصوره الاولي ويتضمن هذا المشروع بابا يتعلق بالتدابير الوقائية والعلاجية من خلال احداث هيئات وطنية وهيئات جهوية للإحاطة بمستهلكي المخدرات ويقترح كذلك اعتماد العلاج كوسيلة للإعفاء من العقوبة بالنسبة للأشخاص الذين استهلكوا المخدرات لأول مرة.
كما يقول ان المشروع يقترح كذلك الغاء التحجير في تطبيق ظروف التحقيق المنصوص عليها في الفصل 53 من المجلة الجزائية بالنسبة لجرائم الاستهلاك والمسك لغاية الاستهلاك وفي المقابل يحافظ على الصبغة الزجرية لباقي جرائم المخدرات.
علاج نفسي طبي
وحسب طارق القسطنطيني مدير مركز الاصغاء والمساعدة وتأهيل المدمنين فان مؤسسات علاج المدمنين في تونس قاصرة عن تلبية احتياجات جميع المرضى ويعيق عملها كثير من العقبات والمشكلات، كما يرى ان المعالجة القضائية عادة ماتكون سببا في حالات العود للادمان على المخدرات وبالتالي من المهم مراجعة قانون المخدرات واعادة النظر في بعض الفصول الخاصة باستهلاك المواد المخدرة وعدم تجريم الاستهلاك.
وقال القسطنطيني ان تجربة مركز المساعدة والاصغاء بصفاقس أثبتت نتائج ايجابية في معالجة حالات الادمان منذ انشاء هذا المركز في سنة 1995 حيث يخضع المدمن الى علاج نفسي بمساعدة طبية للإقلاع ويضيف ان 80 بالمائة من الحالات من اقليم تونس الكبرى ونابل وبنزرت حيث كشف ان عدد الحالات تجاوز 1045 حالة في 4 سنوات مؤكدا ان قائمة انتظار لعلاج المدمنين في المركز وصل الى 336 حالة .
في هذا الصدد يرى أن معالجة مدمني المخدرات تتطلب مخططا متكاملا واستراتيجية واضحة المعالم وطويلة المدى،.
ويمر برنامج علاج المدمنين عبر مراحل مختلفة تبدأ بعملية التخلص من السموم لتنتهي إلى إعادة التأهيل مرورا بفترة النقاهة والوقاية من الانتكاسات..
ويقول مدير المركز إنه بعد موافقة المدمن على عقد للعلاج يحدد له التزاماته إزاء قواعد العلاج بالمركز ويستفيد المتعاطي من علاج للتخلص من السموم يساعده على الاقلاع عن المخدرات والتخلص من الاثار الناجمة عنها.
وفضلا عن العلاج الكيميائي يستفيد مرضى إدمان المخدرات من علاج نفسي بالإضافة الى توفير الرعاية النفسية والاجتماعية لمتعاطي المخدرات..
وأوضح أن المدمن بمجرد أن يقلع عن المخدرات يلجأ إلى البحث عن البديل أو الانخراط في ممارسات غير متوازنة مشيرا إلى أنها مرحلة أساسية تمكن فريق العمل بالمركز من إعداد المريض وتهيئه للاندماج في محيطه الاجتماعي عبر برامج متنوعة لإبعاده عن التفكير باستهلاك المواد المخدرة.

خطر الانتكاس

ويعتبر الدكتور محمد التونسي طبيب مختص في معالجة الادمان ان مشكلة تعاطي المخدرات ليست فردية بل هي مشكلة متعددة الجوانب لكل جانب منها خطورته على حياة الفرد ومعنوياته وتوافقه مع نفسه ومع غيره من الناس فتعاطي المخدرات مشكلة صحية تتعلق بالجانب البدني وبالجانب السيكولوجي.
ويضيف أنه بهدف الوقاية من أخطار الانتكاس يعمد الاطار المعالج إلى تقييم الامراض النفسية المصاحبة والتي يتم أخذها بعين الاعتبار خلال التدبير الشامل للحالة المرضية.
ويعرف الدكتور محمد التونسي الانتكاسة بأنها عودة المدمن المتعافي إلى نمط الحياة القديمة وتبدأ حياة المدمن بالتدهور..
كما أن عملية الانتكاس أن يقوم الشخص المتوقف عن التعاطي لفترة من الزمن بتعاطي المخدر مرة أخرى،، حيث ان التوقف يعني أن الشخص ممتنع عن التعاطي، وبالتالي فإن هذا التوقف وفي اغلب الاحيان يكون محكوما عليه بالفشل وأن النتيجة الطبيعية والحتمية هي العودة مرة أخرى إلى التعاطي من جديد...
وتأتي بعد ذلك عملية إعادة التأهيل كمرحلة أساسية إذ بدونها يكون العلاج ناقصا ويرتفع خطر انتكاس الوضع الصحي.
وتهدف هذه العملية إلى إدماج أوإعادة إدماج المريض في محيطه الخارجي وتمكينه من حياة عادية وجعله مواطنا فاعلا
ويحذر من أن الادمان مرض مزمن وأن الانتكاسات تمثل القاعدة بينما يمثل الاقلاع النهائي ومن الوهلة الاولى الاستثناء موضحا أنه بالرغم من أن الاقلاع الفوري والنهائي فإن حدوثه لا يتأتى إلا بعد شهور وأحيانا سنوات من بدء العلاج.
ويرى أن طول مدة بقاء المريض داخل المركز وخضوعه للبرنامج العلاجي يعد أفضل مؤشر على نجاح محاولة الاقلاع مؤكدا ان هناك حالات كانت عرضة لانتكاسات متكررة لكنهم ظلوا يصرون على مواصلة برنامج علاجهم تحذوهم رغبة أكيدة في بلوغ مرحلة الاقلاع عن تعاطي المخدرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.