أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    عفاف الهمامي: المواظبة على التعلم تمنح كبار السن قدرات إدراكية تحميهم من الزهايمر    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظاهرة تفاقمت بعد الثورة.. فمن يوقفها؟
آفة المخدرات في تونس
نشر في الصباح يوم 02 - 03 - 2012

مشهد يومي تشهده كل المحاكم تقريبا حيث تبت الدوائر القضائية في قضايا تتعلق باستهلاك أو مسك أو ترويج المخدرات ولا يمر يوم والا يتم الكشف عن شبكات ترويج المخدرات أو احباط عمليات تهريب مواد مخدرة على الحدود،ظاهرة المخدرات تفاقمت واستفحلت خلال السنوات الاخيرة وباتت تجارة وتعاطي المخدرات من أكثر الظواهر التى تزايدت حدتها في المجتمع التونسي وتؤكد الارقام والاحصائيات ان متعاطيي أنواع المخدرات هما أساسا من فئة الشباب، وينحدرون من مختلف الشرائح الاجتماعية ويعد ادمان المخدرات وتعاطيها من أكثر المشكلات النفسية والاجتماعية خطورة وأعظمها تأثيرا على صحة الانسان البدنية والنفسية.
ان تزايد قضايا المخدرات بعد فتح المجال لدراسة هذه الظاهرة في مختلف جوانبها وحيث نحظى بإجابة واحدة رغم اختلاف الاشخاص التي دفعتهم الظروف الى تعاطي المخدرات وهي ارادة النسيان والبحث عن مسكنات الفقر والفشل الدراسي والتشتت الاسري.
"الصباح" بحثت في الظاهرة من عدة زوايا ووقفت على حجم الكارثة التى باتت تهدد شبابنا.

تحقيق: نزار الدريدي

الحديث مع مدمني "الزطلة" لم يكن سهلا خصوصا ان هؤلاء عادة ما يتحرجون من الحديث عنها تجنبا للذكريات الاليمة التي مروا بها خلال رحلة تعاطيهم لهذه المواد المخدرة.

شهادات حية

يقول سمير بن فطوم (مدمن سابق) أن آفة المخدرات خطيرة على المجتمع خاصة على الشباب وهي آفة منتشرة ومتغلغلة كثيرا في تونس ويضيف ان بدايته مع تعاطي المخدرات كانت في سن الرابعة عشرة حيث تعاطى المخدرات وتحديدا مادة الهيروين المنتشرة في أوروبا وادمنها لمدة 5 سنوات خلال فترة دراسته مما تسبب له في انقطاعه عن الدراسة.
وذكر ان ادمانه على المخدرات تسبب في تدهور حالته الصحية والمادية وكذلك في العديد المشاكل العائلية وهوما نتج عنه تغيير التعاطي من الهيروين الى مادة السبيتاكس الاقل كلفة لمدة 7 سنوات مضيفا أنه سجن لمدة سنة بتهمة استهلاك مادة مخدرة بعدها انقطع عن ادمان المواد المخدرة اثر تلقيه علاجا في مركز خاص بصفاقس للإقلاع عن الادمان.
ويقول وليد. د. أنه ادمن على استهلاك مادة الزطلة منذ سنوات وهو ما كلفه السجن لمدة 8 سنوات كاملة بعد القبض عليه متلبسا وبحوزته كمية كبيرة من هذه المادة كان بصدد ترويجها الى أصدقائه حيث قال أنه كان يسعى من خلال ترويج المخدرات الى الاسترزاق من هذه المادة باعتبار ان الطلب كان كبيرا، واضاف ان غياب الرقابة الاسرية وكذلك قلة اليد والفقر كان وراء ادمانه هذه المادة المخدرة مما خلق له العديد من المشاكل مع عائلته وزادت معاناته بعد وفاة والدته.
وفي ذات السياق كشف محمد الهمامي أصيل ولاية بنزرت الذي يواصل علاجه من تعاطي المخدرات في مركز علاجي ويؤكد ان تأثير مادة الزطلة ومخدر السبيتاكس كبير على الصحة وقد أدمن تعاطي المخدرات منذ 6 سنوات في المعهد الذي يدرس فيه وعدد أنواع المخدرات التى تعاطاها بداية من شرب الكحول مرورا الى الزطلة "البركيزول" و"الارطال" وصولا الى الزطلة و"السيبتاكس" عن طريق الحقن..
وكشف محدثنا ان ادمان المخدرات موجود في المدارس والمعاهد حيث يؤكد ان رحلته مع التعاطي بدأت في المعهد وتطورت في الحومة التى يقطنها بسبب رفقة أصدقاء السوء ويقول ان استهلاك الزطلة والسيبوتاكس دمرتا حياته وكانت سببا في خروجه المبكر من الدراسة..
وبحسرة يقول عادل.د ان استهلاك "الزطلة" حرمه من مواصلة دراسته وكان سببا في دخوله السجن بعد ايقافه بتهمة الاستهلاك، ويذكر ان بدايته مع الاستهلاك كانت في "الحومة" التى يقطن فيها ثم انطلقت رحلته مع هذا الداء حيث عجز في وقت سابق عن الاقلاع عنها بسبب قوة تأثيرها على صحته لكنه اليوم يتلقى علاجا خاصا للتخلص من تأثيراتها الجانبية ويضيف ان القانون الحالي صارم ومتشدد ولابد ان تتم مراجعته خاصة وان مستهلكي الزطلة وغيرها من المواد المخدرة غالبيتهم من الشباب.
ويتذكر م.ر أصيل منطقة الملاسين صاحب 45 سنة الذي يعيش حالة اجتماعية صعبة ان بداية الرحلة مع المخدرات انطلقت بعد وفاة والديه حيث أصابه الاحباط وأصبح مدمنا على شرب الكحول في مرحلة أولى ثم تطورت الى تعاطي المواد المخدرة كالسوبيتاكس والزطلة وغيرها من الانواع ويضيف ان الوضع الاجتماعي كان سببا في ضياعه ودخوله عالم المجهول ومخالطته أصدقاء السوء.
ومن جهته يقول الاستاذ عبد المجيد الزحاف رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات ان ظاهرة الادمان ارتفعت وتيرتها بعد الثورة مقارنة بالسنوات الاخيرة نتيجة الانفلات الامني الذي شهدته بلادنا ابان الثورة وهو ما يثير المخاوف في المجتمع.
ويؤكد ان المواد المخدرة تختلف انواعها من استنشاق "الكوالا" و"الديليون" الى "الزطلة" و"السوبيتكس" و"الهيروين" وهي آفات تهدد المجتمع التونسي دون استثناء.
ويقول رئيس الجمعية ان الحد من هذه الظاهرة يكون من الناحية العلاجية قبل النظر اليها من الناحية القانونية والقضائية لان الاولوية تقتضي معالجة حالة المدمن في مرحلة أولى قبل التتبع العدلي.
وقد أثبتت التجربة السابقة أن المعالجة الامنية وحدها لظاهرة المخدرات غير مجدية ذلك أن تعاطيها هو تجربة فردية ويرتبط في كثير من الاحيان بثقافة الناس والمجتمعات والعادات والتقاليد والتفكك الاسري وفشل التعليم والفقر والبطالة والبيئة المحيطة من الاصدقاء والحومة والمدارس والجامعات.
فالسياسة التشريعية اعتمدت على الجانب الوقائي والصّحّي للمدمنين بتشجيعهم على التقدّم من تلقاء أنفسهم للخضوع للعلاج الطبّي وفق إجراءات وشروط قانونية مقابل عدم إثارة الدعوى العمومية تجاههم.

أسباب الادمان

وعن أسباب الادمان على المخدرات يرى طارق بالحاج محمد الاخصائي في علم الاجتماع ان ظاهرة الادمان على المخدرات آفة متجددة وفي تزايد مستمر وخاصة لدى الشباب وتتخذ المواد المخدرة انواعا مختلفة، فحالة التوتر والضياع الذي يعيشه الشباب التونسي مرتبط بالفقر والتخلف والتهميش والاقصاء والاحياء الشعبية والعائلات الفقيرة والتى تنقصها الثقافة الاجتماعية...
إن تعاطي المخدرات ظاهرة غير مرغوب فيها في أي مجتمع نظراً لانعكاساتها الاخلاقية والعدائية على السلوك العام في المجتمع والمرحلة الحرجة التي يمر بها الشباب تتميز بالاضطراب العاطفي، الذي يؤثر على تماسك وتكامل شخصيتهم فيشعر بالاكتئاب والقلق النفسي فيلجؤون إلى تعاطي المخدرات لتشكل فيما بعد سلوكا عدوانيا لدى الفرد وتكون قاعدة للكثير من مظاهر الفساد والانحراف والدخول الى عالم الجريمة وهذه المظاهر تنجم عادة عن تفكك الاسرة التى تدفع بأبنائها للادمان.
ويقول طارق بالحاج خبير علم الاجتماع ان أسرة المدمن لها شكل وملامح خاصة وهي أسرة مفككة منهارة بسبب الطلاق أو الوفاة.
وفي نفس السياق يرى بوبكر بن عبد الكريم اخصائي في علم النفس ان ظاهرة الادمان هي حالة نفسية بالاساس وترتبط بشخصية الفرد وبمحيطه ويرجع أسبابها من وجهة نظر نفسية الى ضعف الشخصية وقلة الثقة في النفس فيسعي المدمن من خلال عملية استهلاك المخدرات الى تعويض النقص النفسي الذي يؤدي الى تغيير شخصيته واكسابها نوعا من الرضاء، فتعاطي المخدر والادمان عليه يؤدي إلى حالة من الاضطراب العقلي للفرد، حيث الادراك والتذكر والتصور والتخيل كما يؤثر على الجانب الانفعالي للشخص وما يترتب على ذلك كله من تكيف أو توافق بالنسبة للفرد مع نفسه ومن هنا فالمدمن لايمكن أن يمارس دوره الاجتماعي بشكل إيجابي وأن يشارك بشكل فاعل في المهام اليومية للاسرة، فهو عالة عليها وعلى المجتمع.
فالمخدر أياً كان نوعه لاشك أنه يؤثر على الصحة وقد أثبتت الدراسات أن المخدرات تؤثر على النشاط الذهني والحالة النفسية لمتعاطيها حيث يستمر الانسان في تناول المخدر حتى يصل إلى درجة الادمان التي يعاني فيها الانسان من وجود رغبة ملحة في تعاطي مادة ما بصورة متصلة أو دورية، حيث يكون وراء هذا التعاطي رغبة في الشعور بآثار نفسية معينة.

ماذا يقول قانون المخدرات؟

تفاقم الظاهرة خلال الفترة الاخيرة ولد تساؤلات حول الطابع الزجري للقضاء في مكافحة استفحال ظاهرة المخدرات اذ يرى مختص في القانون ان هناك عدة عوامل تحدد تفاقم الظاهرة ويعتبر القانون الزجري والردعي في قانون مكافحة المخدرات وكذلك تصاعد نسب الفقر والبطالة والوضع الاجتماعي المتردي والتشتت الاسري من ابرز الاسباب التى ولدت تزايدا في حالات تعاطي المخدرات..
ويضيف ان الظاهرة تطورت وتزايدت حدتها مع ارتفاع الادمان على مادة "السيبتاكس" التي وجد فيها المدمن حلا بديلا عن "الزطلة" والهيروين" وغيرها من الانواع الاخرى، فالقانون التونسي يعرف المخدّر على انها المادّة التي تشكل خطرا على صحّة الانسان وعلى سلامته وأمن المجتمع وعرّفها المشرّع التونسي في الفصل 1 من القانون عدد52 لسنة1992 المؤرخ في18-5-1992 بأنّها: " تعتبر مخدّرات وتخضع لتطبيق هذا القانون جميع الموادّ المدرجة بالجدول (ب) الملحق بهذا القانون سواء كانت طبيعية أو مركبة ومهما كان نوعها أو شكلها وفي أي مرحلة من نموّها وتركيبها الكيميائي.

الاجراءات القانونية

وعن الحلول القانونية والعلاجية يقول مختص في القانون ان الاشكال يبقى في الناحية القانونية خاصة ان المشرع التونسي لا يميز بين مختلف جرائم المخدرات حسب خطورتها.
ويضيف أنه كان بالإمكان التمييز بين صنفين من الجرائم، صنف أول يتناول الاستهلاك والمسك لغاية الاستهلاك التي يمكن اخضاعها لنظام زجري يسمح بتفرد العقوبة ثم صنف ثان لجرائم الاتجار الذي يمكن اخضاعه لنظام رادع وصارم.
ويضيف الخبير القانوني ان المطلوب هو تحوير التشريع المتعلق بالمخدرات لمراجعة الحل الزجري في معالجة الظاهرة وتنويع الحلول للتصدي لها بشكل ناجع وفعال.
ومن بين الحلول التي يمكن اعتمادها بشكل أوسع انطلاقا من الطرق العلاجية واعادة التأهيل وكذلك ضرورة التفريق بين الاستهلاك والاتجار الى جانب تعزيز دور المؤسسات للإحاطة والوقاية من مخاطر المواد المخدرة.

مشروع تحوير القانون

وفي سياق متصل يشير خبير القانون ان الاعداد لمشروع قانون لتحوير قانون المخدرات جاء بعد نقاشات وحوارات داخل لجنة ضمت ممثلين عن وزارة الداخلية والعدل والصحة وهذا المشروع أصبح جاهزا في تصوره الاولي ويتضمن هذا المشروع بابا يتعلق بالتدابير الوقائية والعلاجية من خلال احداث هيئات وطنية وهيئات جهوية للإحاطة بمستهلكي المخدرات ويقترح كذلك اعتماد العلاج كوسيلة للإعفاء من العقوبة بالنسبة للأشخاص الذين استهلكوا المخدرات لأول مرة.
كما يقول ان المشروع يقترح كذلك الغاء التحجير في تطبيق ظروف التحقيق المنصوص عليها في الفصل 53 من المجلة الجزائية بالنسبة لجرائم الاستهلاك والمسك لغاية الاستهلاك وفي المقابل يحافظ على الصبغة الزجرية لباقي جرائم المخدرات.
علاج نفسي طبي
وحسب طارق القسطنطيني مدير مركز الاصغاء والمساعدة وتأهيل المدمنين فان مؤسسات علاج المدمنين في تونس قاصرة عن تلبية احتياجات جميع المرضى ويعيق عملها كثير من العقبات والمشكلات، كما يرى ان المعالجة القضائية عادة ماتكون سببا في حالات العود للادمان على المخدرات وبالتالي من المهم مراجعة قانون المخدرات واعادة النظر في بعض الفصول الخاصة باستهلاك المواد المخدرة وعدم تجريم الاستهلاك.
وقال القسطنطيني ان تجربة مركز المساعدة والاصغاء بصفاقس أثبتت نتائج ايجابية في معالجة حالات الادمان منذ انشاء هذا المركز في سنة 1995 حيث يخضع المدمن الى علاج نفسي بمساعدة طبية للإقلاع ويضيف ان 80 بالمائة من الحالات من اقليم تونس الكبرى ونابل وبنزرت حيث كشف ان عدد الحالات تجاوز 1045 حالة في 4 سنوات مؤكدا ان قائمة انتظار لعلاج المدمنين في المركز وصل الى 336 حالة .
في هذا الصدد يرى أن معالجة مدمني المخدرات تتطلب مخططا متكاملا واستراتيجية واضحة المعالم وطويلة المدى،.
ويمر برنامج علاج المدمنين عبر مراحل مختلفة تبدأ بعملية التخلص من السموم لتنتهي إلى إعادة التأهيل مرورا بفترة النقاهة والوقاية من الانتكاسات..
ويقول مدير المركز إنه بعد موافقة المدمن على عقد للعلاج يحدد له التزاماته إزاء قواعد العلاج بالمركز ويستفيد المتعاطي من علاج للتخلص من السموم يساعده على الاقلاع عن المخدرات والتخلص من الاثار الناجمة عنها.
وفضلا عن العلاج الكيميائي يستفيد مرضى إدمان المخدرات من علاج نفسي بالإضافة الى توفير الرعاية النفسية والاجتماعية لمتعاطي المخدرات..
وأوضح أن المدمن بمجرد أن يقلع عن المخدرات يلجأ إلى البحث عن البديل أو الانخراط في ممارسات غير متوازنة مشيرا إلى أنها مرحلة أساسية تمكن فريق العمل بالمركز من إعداد المريض وتهيئه للاندماج في محيطه الاجتماعي عبر برامج متنوعة لإبعاده عن التفكير باستهلاك المواد المخدرة.

خطر الانتكاس

ويعتبر الدكتور محمد التونسي طبيب مختص في معالجة الادمان ان مشكلة تعاطي المخدرات ليست فردية بل هي مشكلة متعددة الجوانب لكل جانب منها خطورته على حياة الفرد ومعنوياته وتوافقه مع نفسه ومع غيره من الناس فتعاطي المخدرات مشكلة صحية تتعلق بالجانب البدني وبالجانب السيكولوجي.
ويضيف أنه بهدف الوقاية من أخطار الانتكاس يعمد الاطار المعالج إلى تقييم الامراض النفسية المصاحبة والتي يتم أخذها بعين الاعتبار خلال التدبير الشامل للحالة المرضية.
ويعرف الدكتور محمد التونسي الانتكاسة بأنها عودة المدمن المتعافي إلى نمط الحياة القديمة وتبدأ حياة المدمن بالتدهور..
كما أن عملية الانتكاس أن يقوم الشخص المتوقف عن التعاطي لفترة من الزمن بتعاطي المخدر مرة أخرى،، حيث ان التوقف يعني أن الشخص ممتنع عن التعاطي، وبالتالي فإن هذا التوقف وفي اغلب الاحيان يكون محكوما عليه بالفشل وأن النتيجة الطبيعية والحتمية هي العودة مرة أخرى إلى التعاطي من جديد...
وتأتي بعد ذلك عملية إعادة التأهيل كمرحلة أساسية إذ بدونها يكون العلاج ناقصا ويرتفع خطر انتكاس الوضع الصحي.
وتهدف هذه العملية إلى إدماج أوإعادة إدماج المريض في محيطه الخارجي وتمكينه من حياة عادية وجعله مواطنا فاعلا
ويحذر من أن الادمان مرض مزمن وأن الانتكاسات تمثل القاعدة بينما يمثل الاقلاع النهائي ومن الوهلة الاولى الاستثناء موضحا أنه بالرغم من أن الاقلاع الفوري والنهائي فإن حدوثه لا يتأتى إلا بعد شهور وأحيانا سنوات من بدء العلاج.
ويرى أن طول مدة بقاء المريض داخل المركز وخضوعه للبرنامج العلاجي يعد أفضل مؤشر على نجاح محاولة الاقلاع مؤكدا ان هناك حالات كانت عرضة لانتكاسات متكررة لكنهم ظلوا يصرون على مواصلة برنامج علاجهم تحذوهم رغبة أكيدة في بلوغ مرحلة الاقلاع عن تعاطي المخدرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.