طرح تناقض الخطاب الحكومي عديد التساؤلات خاصة ان الرأي العام كان يتفاجأ مع مرور الايام بتناقض الخطابات وتضادد التصريحات التي تعكس غياب التناغم والتنسيق حيث تبدو نماذج هذا التناقض سواء بين رؤوس السلطة أو أعضاء الحكومة. واذا كان من المفروض ان يكون انسجام الخطاب الحكومي رسالة مطمئنة للرأي العام فانه اصبح احيانا مصدر قلق وحيرة. ومازلنا نتذكر كيف سارعت رئاسة الجمهورية الى الاشارة الى ان عناصر مجموعة بئر علي بن خليفة قد تكون تنتمي الى شبكة لتجارة السلاح قبل أن يكشف علي لعريض وزير الداخلية بعد ايام فقط ان العناصر التي شاركت في العملية تنتمي الى السلفية . نقد لاذع ولئن دافع حسين الديماسي وزير المالية عن القانون التكميلي لميزانية الدولة واعتبره يتماشى مع انتظارات الشعب فقد وجه له شوقي عبيد المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية نقدا لاذعا من خلال تصريحه لموقع «بيزنس نيوز» ان «قانون المالية «تافه» ويمثل اعادة للحلول الاقتصادية التي كانت معتمدة في عهد بن علي ....قد أكون مخطئا وأرجو ان اكون مخطئا في تشخيصي وتقييمي « ولن ننسى كيف اعترف عبد الوهاب معطر وزير التشغيل على صفحات «الأسبوعي» بانتداب ابنته «ذاكرة معطر» مستشارة بوزارة المرأة ? قبل استقالتها مؤخرا - في الوقت الذي حاولت فيه سهام بادي تغطية الحقيقة على قناة «حنبعل بتأكيدها على ان «ذاكرة معطر» تعمل متطوعة داخل الوزارة . قنبلة المؤامرة وتزايدت الانتقادات الى اعضاء الحكومة اكثر بعد ان تضاربت تصريحاتهم وتناقضت بشأن المؤامرة التي اثارت الجدل وأسالت الكثير من الحبر فبعد تأكيد لطفي زيتون على القناة الوطنية الأولى في برنامج «المشهد التونسي» :اتفهم قول سمير الشفّي أن الاتحاد لا يريد إسقاط النظام ولكن لا افهم نفيه لوجود مؤامرة لإسقاط الحكومة ..نحن نعلم ان الاتحاد ليس مشاركا فيها ونحن مقتنعون بذلك لأننا متأكدون من وجود بعض الأطراف التي تتصل بالسفارات الأجنبية « لكن زيتون تراجع عن هذا التصريح عبر جريدة «الصريح « بقوله «أنا لم اذكر كلمة مؤامرة ولا اتذكر ان أحدا من الحكومة ذكر كلمة مؤامرة «. واذا كان محمد عبّو قد أكد في برنامج «التاسعة مساء» على قناة التونسية «ان جهات تابعة لسفاراتنا في الخارج أعلمت الوزير ان هناك من اتصل بهم وابلغهم ان هذه الحكومة ستسقط في مارس « وعبد الكريم الهاروني وزير النقل قد صرح على صفحات «المغرب»: «لدينا معلومات ثابتة عن تحركات هدفها إسقاط الحكومة ولدينا فكرة عما يحاك في الخفاء وهذا الكلام ليس للإثارة الإعلامية او التبرير والمعلومات التي لدينا ثابتة ولا يرقى إليها الشك « فان عبد الوهاب معطر وزير التشغيل قد أكد لقناة «نسمة» :»انا ابعد ما يكون عن عقلية المؤامرة وانا شخصيا كوزير وناشط سياسي لم أر أي مؤشرات عن أي مؤامرة».كما قال نورالدين البحيري وزير العدل ل»المغرب» «انا لا اميل لهذه التوصيفات فقط اقول ان بلادنا تعيش وضعا صعبا وذلك بسبب تركة النظام السابق". لخبطة غير مفهومة ولئن تواصلت اللخبطة بعد ان أطل سمير ديلو الناطق الرسمي باسم الحكومة في لقاء اعلامي وقال: «ان ما ذكره عبد الكريم الهاروني يسأل عنه هو بالذات « فان تصريحات علي لعريض وزير الداخلية على قناة «حنبعل» ضمن برنامج «الصراحة راحة» قد وضعت حدا لكل الشكوك والتأويلات لما شدّد على عدم وجود أية معلومات استخباراتية او معطيات أمنية تثبت رغبة بعض الأطراف التآمر على الحكومة بل ان دور السفارات الأجنبية ايجابيا في مساندة الثورة التونسية . تباين حول الدستور وتناقضت خطابات أعضاء الحكومة كذلك حيال الدستور وأفضت مسالة التنصيص على الشريعة في الدستور الى شرخ وتناقض بين خطابات وزراء «الترويكا»؛ ففي الوقت الذي صرح فيه نورالدين الخادمي وزير الشؤون الدينية لصحيفة» البلد» الصادرة يوم 21 مارس الجاري ان «الشريعة هي منظومة فكرية واجتهادية كاملة ولأن الشعب التونسي مسلم ويدين لهذا الدين ولأن بعض التجارب السابقة اساءت فهم مقاصد الشريعة او أخلّت بها فانا ادعم اعتماد الشريعة كمصدر أساسي في الدستور» قال محمد عبو لصحيفة «المغرب» الصادرة يوم 22 مارس الجاري ان: «التنصيص في الدستور على ان تكون الشريعة المصدر الأساسي للتشريع لا نقبله ولا نريد في الوقت ذاته ان ننقسم الى أطراف تدافع على الدين وأخرى تظهر في موقع مخالف «؛ .بل ان نور الدين البحيري وزير العدل اكد لنفس الصحيفة «ان حركة النهضة لم تطرح موضوع الشريعة لأنها تعتقد ان القانون التونسي ليس في حاجة الى تاكيد مثل هذا التنصيص باعتباره في مجمله منسجما مع الشريعة الإسلامية». ضرورة التنسيق وحتى لا يتكرر سيناريو التناقض الذي عشنا على إيقاعه طيلة الثلاثة أشهر الماضية يتعين على الحكومة إيجاد آليات للتنسيق حتى يكون خطابها منسجما ومتناغما ولا يعكس شرخا وتضاربا في الآراء قد يؤثر على الرأي العام .