لماذا تدهورت فجأة العلاقات الديبلوماسية بين العراق من جهة والسعودية وقطر من جهة أخرى؟ نطرح هذا السؤال، لا فقط على خلفية قضية لجوء نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المطلوب للعدالة العراقية الى الدوحة ومطالبة السلطات العراقية بتسليمه يقينا منها بأنه لاجئ سياسي وإنما أيضا على خلفية الحملة الإعلامية التي تشنها هذه الأيام وسائل اعلام قطرية وسعودية على رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بسبب انتقاده دعوة هاتين الأخيرتين (قطر والسعودية) الى تسليح المقاومة السورية.. الواقع أن عديد القرائن تدفع باتجاه القول أن «المسألة» السورية تبدو قائمة وحاضرة بقوة في ثنايا مشهد تدهور أو تأزم العلاقات الديبلوماسية بين كل من العراق والسعودية وقطر هذه الأيام.. اذ ليس من باب الصدفة مثلا، أن يتزامن قدوم طارق الهاشمي الى الدوحة من ملاذه الآمن بمنطقة كردستان العراق مع انعقاد مؤتمر اسطنبول للمعارضة السورية بتاريخ الأحد 1 أفريل. كما أنه ليس من باب الصدفة ربما أن تتزامن تصريحات رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني التي حمل فيها على هذا المؤتمر وعلى كل الاطراف المشاركة فيه مع تصريحات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، التي انتقد فيها دعوة كل من قطر والسعودية الى تسليح المعارضة السورية. على أن السؤال الأكثر خطورة هنا، يبقى ذاك الذي مفاده: هل نحن أمام بوادر «لعبة محاور» ذات علاقة بالمسألة السورية، وقد بدأت تعلن عن نفسها بوضوح من خلال هذا الطارئ السلبي على العلاقات الديبلوماسية بين العراق من جهة، وقطر والسعودية من جهة أخرى؟ لا نريد أن نذهب بعيدا في الإجابة، وسنكتفي بالقول أنها بالفعل وكأنها «لعبة محاور» لا أكثر ولا أقل، بدأت تلقي بظلالها على المنطقة، وستكون لها انعكاسات سلبية بالتأكيد على الوضع الإقليمي برمته سياسيا وأمنيا. وما من شك أنه بالنظر لحساسية البعد الطائفي في «الملف السوري»، فإنه يتعين على كل الاطراف الاقليمية المتدخلة أن تكون حريصة على الارتقاء فوق «شبهة» الحسابات الطائفية والمذهبية (سني/ شيعي) وأن تصدر في مواقفها من منطلق الحرص على مصلحة الشعب السوري ووحدة نسيجه الاجتماعي وأمن واستقرار المنطقة اتعاظا على الأقل بما حدث في لبنان سابقا. إن بوادر هذه الأزمة الناشئة في العلاقات الديبلوماسية بين العراق من جهة، وقطر والسعودية من جهة أخرى، يجب أن تكون بمثابة ناقوس خطر ينبه الى ضرورة التوافق عاجلا على حل عربي للأزمة السورية.. حل يضمن للشعب السوري من جهة، حقه في الاصلاح والتغيير في ظل نظام دولة مدنية ديمقراطية تحفظ لجميع مواطنيها الحق في العيش الكريم، ويساعد على حفظ الأمن والسلام والاستقرار الاقليمي في المنطقة من جهة أخرى. إن الخطر، كل الخطر، في أن يفلت زمام المبادرة فيما يخص «المسألة السورية» من أيدي المجموعة العربية، وأن ينساق البعض منها ولو من حيث لا يريد وراء حسابات سياسية ومذهبية ضيقة، من شأنها أن تعمق «الحالة» وتزيد في معاناة الشعب السوري وتعميق مأساته وتهدد الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة.