على إثر صدور قائمة المنتدبين في مناظرة «ستام» شهدت منطقة الملاحة برادس موجة من الغضب والاحتقان سرعان ما تحوّلت إلى اعتصام بالطريق المؤدية إلى ميناء حلق الوادي، وبعد زيارة والي بن عروس إلى مكان الاعتصام في الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت تم فك الاعتصام من قبل شباب المنطقة رغم عدم حصولهم على وعود من طرف والي الجهة... بل فوجئ السكان حسب تصريحات أهالي المنطقة في صباح اليوم الموالي أي في حدود الساعة السابعة صباحا من أول أمس السبت بعملية اقتحام للمنازل ومطاردة لبعض الشباب. وقد أدت عملية الاقتحام إلى مزيد الاحتقان وردود الفعل خاصة بعد أن تعرّض العديد من الأهالي إلى العنف والاختناق بالغاز. «الأسبوعي» زارت سكان حي الملاحة لمزيد التعرّف على ما حدث أول أمس السبت وعند زيارتنا كان الوضع هادئا والأمن منتشرا على الطريق بينما كان عدد كبير من الشباب متجمعا في مختلف الزوايا لا حديث لهم إلا عن اليوم الأسود الذي عاشته منطقة حي الملاحة. حيث قال المواطن محمد الحبيب الروافي (بحار من قدماء حي الملاكة وعمره 57 سنة) «لقد عشنا يوما أسود بعد اقتحام أعوان الأمن المنزل وتعرّضنا للضرب والإهانة في بيوتنا» وقد فسّر ذلك بإصرار الأعوان على القبض على أبنائه كما يقول أيضا «لقد حجزنا معدات الضرب وقنابل الغاز المسيل للدموع والتي لم تستثن لا الأطفال ولا المسنين والنساء».
بفعل فاعل
وتقول أم نبيل بدورها أن حالة الرعب لن تمح من ذاكرتها وأطلعتنا على الأضرار التي أصابت منزلها جراء عملية الاقتحام الجماعية مؤكدة أن الأعوان كانوا مرفوقين بقائدهم المدني عند اقتحام المنازل ويعرفونه جيدا إذ تقول «في البداية طلبوا مني تسليم أبنائي قبل أن يهاجموا المحل ويحاولوا القبض عليهم وقد حجزوا بطاقة تعريف أحد أبنائها الذي لم يكن متواجدا بالبيت».
10 غرز
من جهته يقول بلال «قمنا يوم 14 جانفي باعتصام بسبب البطالة وطالبنا والي بن عروس آنذاك بإيجاد حل لوضعنا وكان وقتها متفهما ووعدنا بانتداب 104 منّا لكن ما راعنا في ما بعد وقد تم انتداب 100 من جهة أخرى وهو ما أثار غضب شبان المنطقة وخرجوا في اعتصام سلمي لكن تحوّل بفعل فاعل إلى نهاية مأساوية كان ضحيتها نساء ورجالا ومسنين وأطفالا». وقد عاينا إصابات عديدة لبعض المواطنين وخاصة في صفوف النساء والشباب، على غرار الحاجة عائشة وعمرها 64 سنة وجدناها في غيبوبة ومصابة بجرح تم رتقه وتطلب 10 غرز إلى جانب إصابات حادة في الظهر واليد وحالتها غير مستقرة رغم نقلها في أكثر من مرة لمستشفى الحروق ببن عروس أين تم الاحتفاظ بها حوالي 4 ساعات في العناية المركزة قبل أن تغادره وتعاود الرجوع إليه.
.. حتى الفتيات!
أما شاكرة الروافي (فتاة عمرها 30 سنة) فتقول بأنها تعرضت للضرب والتنكيل وجرها من شعرها رغم أنها لم تشارك في الاعتصام. تقول شاكرة أيضا «الأعوان قاموا بإيقاف بعض الشبان من بينهم صديقتي سناء العياري وعمرها 30 سنة». شباب وأهالي حي الملاحة طلبوا الاعتذار من ميّة الجريبي التي زارتهم صباح أمس الأحد لكن حالة الاحتقان جعلتهم يسيؤون معاملتها عن غير قصد. رضا
ميّة الجريبي ل«الأسبوعي»
تعرضت إلى المضايقة.. وما حدث في «حي الملاحة» برادس مؤشر خطير
في تصريح خصت به «الأسبوعي» قالت ميّة الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري إنها تحولت أمس الى حي الملاحة على خلفية ما شهده من احتقان واعتداءات من أعوان الأمن الذين عنفوا وروعوا الأهالي واقتحموا المنازل. وما ان وصلت حتى تجمع حولها عشرات الشبان الذين وجهوا لها أبشع النعوت واتهموها بالمتاجرة بمآسي المعطلين. وأضافت الجريبي: «تحولت إلى هناك من منطلق مسؤوليتي الحزبية وما يمليه عليّ ضميري كمناضلة من ضرورة المساهمة في تخفيف الاحتقان بعد ليلة عاصفة عاشها الأهالي لكن بعض الأطراف عمدت إلى مضايقتي بحضور أعوان الأمن وان كان الانتماء الحزبي لهذه المجموعة ظاهرا ومكشوفا. وبعد اضطراري إلى العودة إلى منزلي زارني عديد الشبان من «حي الملاحة» وأبدوا تضامنهم معي وكشفوا لي عديد المعطيات التي تدين المجموعة التي ذكرتها.» وأوضحت ميّة أنها اتصلت هاتفيا بوزير الداخلية علي لعريّض و أكدت له ان الاحتقان لا يمكن أن يحل إلا بالحوار مع ضرورة إطلاق سراح الموقوفين وخاصة الفتاة سناء العيّاري التي تمر عائلتها بظروف عصيبة على حد تعبيرها. واعتبرت الجريبي ان ما حدث من اعتداءات في حي الملاحة يمثل مؤشرا خطيرا لان مواجهة الحكومة وخاصة وزارة الداخلية للمطالب بأسلوب قمعي يثبت ان الحكومة تسير بالبلاد في اتجاه قد يجرها إلى عديد المنزلقات الخطيرة. وتابعت قائلة: «وإذا كانت بعض الأحزاب تعتقد أنها ستكسب ثقة المواطن بأغلبيتها فإنها خاطئة في حساباتها لذكاء المواطن».