أفتخر باستقلاليتي رغم قناعاتي السياسية رغم أنها تحتكر أعلى نسبة مشاهدة من التونسيين حسب آخر سبر للآراء.. تبقى نشرة الأخبار على القناة الوطنية الأولى محل جدل وتجاذب سياسي وحتى اجتماعي؛ فأصوات كثيرة تتعالى من هنا وهناك مبدية تبرّمها ممّا يقدّم من أخبار مدعية أن ما يبثّ لا يرتقي لتطلعات المشاهد الذي يدفع من جيبه معلوما للإعلام العمومي. وعلى هامش الندوة التي عقدها مركز الإعلام والديمقراطية تحت عنوان «نحو إعلام حرّ ومسؤول» التقينا سعيد الخزامي رئيس تحرير قسم الأخبار بالتلفزة الوطنية الأولى الذي ذكّر في مداخلته بالندوة المذكورة آنفا في سياق حديثه عن تجربة قناة الجزيرة التي نجحت بالرأي الأخر لأن الحكومات العربية لها أبواقها وهي عادة الإعلام الحكومي أو العمومي.. سألت سعيد الخزامي هل تحتاج الحكومات اليوم إلى أبواق بعد» الربيع العربي» ؟ فكانت إجابته قاطعة بحيث أفادنا: «يجب على الحكومات أن تساير الواقع الجديد في بلدانها وهو واقع الثورات العربية.. الثورة على الدكتاتورية والثورة على الاستبداد .. والثورة على تكميم الأفواه وبالتالي لا بدّ أن تساير هذا الواقع الجديد وإلا فهي إذن خارج السياق وهذا ممّا لا شكّ لا نختلف فيه تماما.. فالحكومة لا يجب أن تتوهّم أنها تقيم تلفزة مثلا لخدمة أغراضها أو إذاعة لخدمة أغراضها وأتحدث هنا تحديدا عن مؤسسات الإعلام العمومي التي لا يمكن إلا أن تخدم الشعب والمجتمع وتكون في خدمة أغراضه وإلا فإن الحكومات بهذا الشكل تكون مرة أخرى قد استولت على هذه الوسائل الإعلامية.». وحول الضغوطات التي يتعرّض لها قسم الأخبار والاتهامات والتجاذبات المثيرة للجدل يردّ سعيد الخزامي عن كل ذلك قائلا: «المهم أننا في مرحلة جديدة وهي مرحلة خاصّة تمتاز بالحرية وهذه الحرية تعطي للتونسيين شعبا وسلطة الحق في التعبير عن آرائهم ومواقفهم ؛ وهذا ما نسعى إليه بقدر المستطاع ونتعامل معه بل ونظهره على أرض الواقع؛ ولكن في الجانب الآخر يرى كل واحد «التلفزة «من خلال فكره ومن خلال الإيديولوجية التي ينتمي إليها ومن خلال قناعاته؛ وهو ما يصعّب علينا العملية ،فكيف يمكن لك أن ترضي كل الأفكار وكل الأذواق وكل الاتجاهات الايديولوجية. فهذا مستحيل وإنما بالنسبة إلينا فنحن نسعى قدر المستطاع أن نجتهد ونعمل بحرفية وحيادية وتوازن يضمن لنا متابعتنا من كل شرائح المجتمع التونسي وقد نجد الرضا أحيانا وقد نجد عدم الرضا أحيانا أخرى.. نحن نكدّ في العمل مع ملاحظة أن الفترة قصيرة ومن المهم التذكير بأننا خارجون من فترة الرداءة وعهد الاستبداد وفرض الرأي الواحد وهذا يحتاج الى وقت لتجاوزه بصفة نهائية.. وهو ما نلمسه من خلال التعامل في غرفة الأخبار ومن خلال تعامل بعض السياسيين الذين يحتاجون هم بدورهم إلى مراجعة تفكيرهم وسلوكهم حتى لا تقع مهاتفتنا و«محاسبتنا» على كل خبر نمرّره في الأخبار». سألت محدّثي في الختام ما إذا كان قسم الأخبار يتعرّض لضغوطات رسمية فأكّد : «هذا صحيح ولكن نحن على كل حال بحيادنا واستقلاليتنا لا تهمّنا الضغوطات.. فأنا شخصيا أفتخر باستقلاليتي؛ فليس لي أي انتماء سياسي أو حزبي أو فكري ..طبعا لي قناعاتي السياسية مما لا شك فيه لكن لا تؤثّر على عملنا.. فالحياد عنصر مهم يجعلنا نصمد أمام أي ضغوطات.. وأنا أعتبر نفسي نجحت عندما أرضى على نفسي بأن الأخبار المقدمة تخضع للمعايير الدولية في الإعلام الحرّ والمسؤول والتي أراها أنا وتعلّمتها في قنوات أجنبية لها نصيب معتبر من المهنية والحرفية وكذلك عندما يرضى التونسيون على نشرة الأخبار الرئيسية».