تونس الصباح: يعتبر تحقيق التغطية الصحية لكامل جهات البلاد ابرز اهداف مخططات التنمية. وينتظر ان تمثل مرحلة المخطط الحادي عشر للتنمية ابرز مرحلة في تحقيق جملة من الاهداف الصحية، خاصة وانها تتزامن مع دخول منظومة التأمين على المرض حيز التنفيذ. ولئن توصلت وزارة الصحة العمومية الى تحقيق عديد الانجازات في هذا المجال عبر الانتدابات السنوية او في نطاق سد الشغورات، فانه من المؤمل تحقيق المزيد من التطور خلال هذا المخطط قصد بلوغ هدف التوازن الجهوي في مجال الصحة، وخاصة دعم وارساء قاعدة واسعة لطب الاختصاص. فماذا عن التوجهات العامة في مجال توفير طب الاختصاص في الجهات؟ وعن البرنامج الذي وضعته الوزارة في هذا المجال والمرتكزات التي يقوم عليها؟ الترفيع في مراكز الاقامة لطب الاختصاص يجري حاليا تنفيذ برنامج شامل لدعم حضور طب الاختصاص في الجهات، وكذلك لتطوير الاختصاص داخل مراكز الاقامة والترفيع عددها وعدد الاطباء المقبلين على الاختصاص. وتشير مصادر مطلعة من وزارة الصحة العمومية انه يجري الترفيع سنويا في عدد المراكز المفتوحة في مناظرة الاقامة في الطب قصد التخصص، ومن ذلك تطور عدد هذه المراكز من 200 الى 300 و400 الى 450 في الوقت الحاضر. كما يجري من ناحية اخرى تمكين اطباء الاختصاص الذين يقبلون العمل في المناطق ذات الاولوية، من منحة خصوصية (300 دينارشهريا)، مع منحهم ايضا امكانية القيام بعيادات خاصة داخل المؤسسات الاستشفائية خلال حصتين بعد الظهر في الاسبوع، علما وان قائمة المؤسسات الصحية والاختصاصات المعنية لهذه الامتيازات قد خضعت لمراجعة دورية منذ احداثها، وذلك في اتجاه توسيع عدد المنتفعين ليشمل كافة الاختصاصات مع العمل ايضا على الرفع من قيمة المنحة. تغطية 11 جهة بطب الاختصاص ويشار الى ان تطبيق هذا البرنامج في مراحله الاولى ومن خلال جملة آلياته المعتمدة قد سجل تطورا هاما في عدد اطباء الاختصاص العاملين بالجهات الداخلية ذات الاولوية، حيث تم تمكين 11 جهة من جملة من الاختصاصات الطبية. واجماليا تطور عددهم من 70 طبيبا الى 200 الى غاية سبتمبر 2007. ومن جهة اخرى يشار الى تطور مجالات التنسيق بين مصالح وزارتي صحة العمومية والدفاع الوطني قصد تغطية الحاجيات من اطباء الاختصاص في اطار الخدمة الوطنية وذلك بتعيينهم بالجهات الداخلية. ومقابل ذلك ايضا يجري الحرص على التقليص من انتدابات اطباء الاختصاص بالجهات الساحلية والمراكز الجامعية وتوجيه اطباء الاختصاص للجهات الداخلية. نظام جديد لنقل اطباء الاختصاص ويشمل البرنامج المشار اليه جملة من القرارات والاجراءات الاخرى ذات الاهمية، حيث الى جانب ما اشرنا اليه آنفا حرصت وزارة الصحة العمومية في نطاق الامكانيات المتاحة، على تدعيم نظام النقل الدورية لاطباء الاختصاص بالجهات الداخلية، بالاضافة الى تشجيع التعاون بين المراكز الجامعية والمستشفيات الداخلية بخصوص ارسال المقيمين والقيام بزيارات دورية. ويتم من ناحية اخرى التعويل على تنقلات القوافل الصحية التي تكون معززة باطباء الاختصاص، وتنظم لفائدة الجهات الداخلية وينتفع بها عديد المواطنين المتواجدين في تلك المناطق النائية. صعوبات قائمة في مجال تعميم طب الاختصاص وبعيدا عن برنامج الوزارة في سعيها الدؤوب لتعميم طب الاختصاص على الجهات الداخلية للبلاد، والنتائج التي تحققت، والاهداف التي يقع السعي الى بلوغها في هذا المجال. هناك جملة من الملاحظات والصعوبات التي مازالت قائمة، والتي تتطلب جهدا تحسيسيا واسعا لتجاوزها. ومن ابرز هذه الصعوبات هو عزوف اطباء الاختصاص الشبان من متساكني العاصمة والمدن الكبرى على العمل بالمناطق الداخلية، كذلك تسجيل عديد الاستقالات خلال السنوات الاخيرة في صفوف اطباء الاختصاص الذين يعملون في الجهات في جملة من الاختصاصات الطبية مثل امراض النساء والتوليد، طب الاطفال، وتوجههم للانتصاب في القطاع الخاص. وهذه عقلية يجب العمل على التحسيس بخطورتها على اساس انها تتنافى والمخططات الوطنية في مجال تعميم طب الاختصاص وتقريبه للمواطن اينما كان. وعملا على تفادي هذه الظاهرة علمنا انه يتم اللجوء الى سد الشغور بالاتجاه الى انتداب اطباء اختصاص متعاقدين اجانب من جنسيات بلغارية وروسية وصينية، وذلك للعمل بالجهات. لكن وعلى الرغم من توخي هذا الاسلوب في سد الشغورات الحاصلة بالجهات في مجال طب الاختصاص، يشار الى تسجيل صعوبات جديدة تتعلق خاصة: بعدم رغبة الاطباء الاجانب في تجديد عقودهم، وذلك رغم الزيادة في اجورهم عدم توفر مترشحين جدد من هذه البلدان للعمل بالجهات التونسية النائية، وذلك لتحسن مستوى التأجير في بلدانهم الاصلية من جهة، ولاستقطابهم من طرف بلدان الاتحاد الاوروبي من جهة اخرى.