لا يختلف اثنان في أن الأوضاع أمام مقر التلفزة اتخذت منذ ظهر أول أمس منحى خطيرا يؤشر بان العنف سيكون سيد الموقف خلال الأيام القادمة وسط تردد الهياكل المعنية في تنفيذ قرارات عاجلة... إذ تجاوز اعتصام يوم أمس مقولة "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" ليصل حد تبادل العنف بين الطرفين المستهدف خصوصا صفوف عاملي مؤسسة التلفزة حيث تعرض الصحفي وليد الحمراوي الى العنف بواسطة آلة حادة فضلا عن تضرر عدد آخر من الإطارات العاملة داخل المؤسسة... وتلخص المشهد في دماء تنزف.. وصراخ يتعالى وأشياء تقذف في السماء وهي مظاهر تؤكد بان الاعتصام ابعد من أن يكون سلميا.. صباح أمس كانت الأجواء متوترة في صفوف الشقين الذين انتظرا بفارغ الصبر الساعة الواحدة بعد الزوال الموعد الذي حدده وكيل الجمهورية لتطبيق قراره القاضي بفك الاعتصام..انتظار صاحبته موجة من الشعارات رددها الطرفان حيث رفع أعوان مؤسسة التلفزة شعار "ديقاج" في وجه المعتصمين في حين اقتصرت شعارات الطرف الآخر على أن التطهير حتمية لا بد منها... تأكيد وكيل الجمهورية بأنه سيستشير النيابة العمومية بشان فك الاعتصام بعث بشحنة أمل لدى العاملين بمؤسسة التلفزة جعلتهم يصطفون أمام مقر التلفزة غير عابئين بحرارة الطقس غيران الشحنة سرعان ما تلاشت.. تلاها إحساس بخيبة الأمل. وهو ما عبر عنه خميس بن فرج (قسم الأخبار) الذي قال بأنه ينتظر منذ الساعة الحادية عشرة فك الاعتصام غير أن ما راعه هو أن ذات الممارسات لا تزال قائمة من ذلك العنف اللفظي والكتابات بالدهن وقال في هذا السياق : "إذا كانت النيابة العمومية عاجزة عن التنفيذ فسنتولى نحن تنفيذ ذلك لا سيما أن أعوان التلفزة يتعرضون للعنف من بينهم الزميل فتحي الخياري الذي تعرض الى الضرب صباح أمس ".وأضاف أن النيابة العمومية لم تحدد موعدا نهائيا للتنفيذ حيث اكتفت بالقول أنها ستنفذ في القريب العاجل فعن أي قريب عاجل تتحدث؟؟
منطق التصعيد
كما أشار ياسين البحري مسؤول عن الإعلام في النقابة الأساسية للتصوير والإخراج أن الاعتصام بدا يأخذ منحى التصعيد في ظل الاعتداءات المتكررة على الأعوان العاملين داخل المؤسسة.ورغم اننا لمسنا بعض التجاوب من الحكومة (فك الاعتصام) إلا أن الواقع لا يعكس ذلك إذ أن الممارسات هي ذاتها ومع ذلك ستبقى التلفزة التونسية ذلك المرفق العمومي الذي يعبر عن صوت الشعب. وذكرت هدى ورهاني (قسم الأخبار) بان المعتصمين كانوا أكثر عددا مقارنة بأول أمس اذ شهدوا تعزيزات في صفوفهم معبرة عن استيائها من الاستفزازات والعنف اللفظي الذي تواصل أول أمس حتى موعد النشرة الرئيسية للأنباء مشيرة في السياق ذاته الى أن "الوضع بات لا يطاق"... في المقابل يقف منظمو الاعتصام قبالة إطارات وأعوان مؤسسة التلفزة يفصلهم عن بعضهم البعض وحدات التدخل.. وكانوا رافعين الشعارات ذاتها من ذلك "التلفزة التونسية للبيع" مرددين أناشيدهم وأغانيهم مستعملين آلة" البندير"...وفي محاولة للتحدث مع منسق الاعتصام رفض هذا الأخير مدنا بالتصريحات اللازمة مشيرا الى أن أنصاره قد تحدثوا بالقدر الكافي...وليس هنالك ادني إضافة... وبمجرد طرح سؤال حول مدى تمسكهم بالاعتصام حتى بعد قرار وكيل الجمهورية القاضي بإلغائه حتى ثار احدهم : "لن نتحرك من هنا"....
انتظار دون جدوى..
ما إن تجاوزت الساعة الواحدة والنصف من زوال ظهر أمس حتى بلغ التوتر ذروته وبدأ العنف المتبادل بين الطرفين عبر القذف بالحجارة وأدوات الطبخ المنزلية التي يستعملها المعتصمون ليحصل اثر ذلك الاعتداء على الصحفي وليد الحمراوي بواسطة آلة حادة والتي أشرت لسلسلة من الاعتداءات الأخرى.. تجدر الإشارة الى أن أعوان شرطة المرور كانوا رابضين على بضع خطوات من مقر مؤسسة التلفزة مؤكدين أن تواجدهم هو للتدخل فقط في حال وقوع مناوشات لتسيير حركة المرور فضلا عن حماية المنشآت العمومية.. منال حرزي
وكيل الجمهورية يمهل المعتصمين 24 ساعة لفك الاعتصام
تحول عشية أمس وكيل الجمهورية صحبة عدد من الإطارات الأمنية إلى مقر التلفزة وقد أسفرت عملية التفاوض مع المعتصمين في مرحلة أولي علي إمهالهم 48 ساعة لفك الاعتصام ليصبح في ما بعد 24 ساعة.وقد صاحب هذا القرار سخط كبير في صفوف العاملين بمؤسسة التلفزة الذين عمدوا الى قطع الطريق تعبيرا عن احتجاجهم مؤكدين انه لن يمر احد باستثناء الحالات الحرجة. في حين كانت الاحتفالات سيدة الموقف في صفوف المعتصمين !! يذكر أن عددا من نواب المعارضة تحولوا عشية أمس أمام مقر التلفزة لمساندة العاملين بها من بينهم احمد نجيب الشابي ومية الجريبي واحمد ابراهيم والعضو المستقل خميس قسيلة.