يبدو أن الدورة التاسعة عشرة لمهرجان عمر خلفة للمسرح بتطاوين التي تنطلق من 3 ماي وتتواصل إلى 6 منه قد استجابت في مجملها إلى الرّهانات والخطوط الجديدة التي اختارتها الأطراف والجهات المشرفة على تنظيم هذا المهرجان الذي يعود إلى دائرة النشاط بعد غياب سنتين وذلك من خلال ما يتضمنه برنامجها من عروض تجمع بين التنوع والتعدّد سواء بالنسبة للعروض المسرحية أو غيرها من العروض والأنشطة الأخرى التي ستقام على هامش المهرجان. فضلا عن فتح المجال لمناقشة المسرحيات المشاركة إثر كل عرض وذلك لجعل الجمهور طرفا في العروض من خلال مساءلة الفنانين ومشاركتهم هواجسهم وطرح استفهاماتهم حول الأعمال المشاركة في التظاهرة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة التي يشرف على إدارتها المسرحي الدكتور بوبكر خلّوج تنظمها جمعية مهرجان عمر خلفة للمسرح بتطاوين التي يرأسها ناصر المكي. وتراهن هذه الدورة على التأسيس لقواعد وضوابط في التعامل مع الفن الرابع تقطع مع ما هو متعارف عليه في الدورات السابقة على غرار التخلص من عروض الوصاية والمجاملة والمحسوبية بفتح المجال أمام تجارب وأعمال جديدة نالت استحسان المتلقي وأهل القطاع على حد السواء أثناء المناسبات التي عرضت فيها نظرا لما اشتملت عليه من تعبيرات فنية حرة وهادفة وجميلة. وينتظر أن تكون هذه الدورة منعرجا حاسما في عمر المهرجان العريق تضعه في مساره الصّحيح الذي ينتصر للفن الرابع خاصة والإبداع الفني عامة. لتكون مناسبة للم الشمل من خلال المجالس المسرحية التي يستضيف فيها المهرجان عددا كبيرا من الوجوه المسرحية والثقافية من تونس وبعض البلدان العربية من مختلف الانتماءات والأجيال لعل من أبرزهم فرج أبو فاخرة وعبد الرزاق العبارة من ليبيا وسعيد غلاب من الجزائر ونجاة جنات وجعفر القاسمي ورؤوف بن يغلان وجميل الجودي والبشير الدريسي ومحمد عبازة إضافة إلى وحيد السعفي ومحمد العوني ومحمود الماجري وهشام بن عيسى ومروان عبودة وغيرهم من تونس. ليلتقي هؤلاء في أكثر من مناسبة لتطارح مسائل مسرحية على غرار « الفضاءات التقليدية والفرجة» أو من خلال المداخلات التي تتمحور حول «عمر خلفة في الذاكرة» لمحمود الماجري بمشاركة بعض المسرحيين والناصر بوزيان وعائلة الفنان الراحل أو في «المسرح بعد الربيع العربي». ليكون المهرجان بمثابة دعوة عملية يدخل من خلالها المشاركون مباشرة في تفعيل مقولة «الفن للجميع» على نحو يجعل من الثقافة مرفقا عموميا رغم ما تحتويه هذه المقولة أيضا من دلالات وأبعاد رمزية وفنية. ومن بين الأعمال المشاركة في هذه التظاهرة مسرحية «التونسي.كوم» لجعفر القاسمي التي ستعرض في اليوم الافتتاحي للمهرجان بالمركب الثقافي بتطاوين. نفس الفضاء سيحتضن مختلف فقرات المهرجان التي تتضمن أيضا مسرحيات «ترياق» لفرقة بلدية دوز و»غزل البنات» لجمعية النجم التمثيلي بقفصة و»يا...ذنوبي» التي تنتجها وتجسدها على الركح جمعية مدى تطاوين إضافة إلى مسرحية «تعتيم» لشركة آفاق للإنتاج والعرضين اللذين من المنتظر أن تقدمهما جمعية خريجي معاهد الفنون الدرامية كعرض «بائعة الكبريت» و»جسور» في إطار مسرح الشارع ومسرحية « ثعلبان في قرية البلهاء» لجمعية دروب الفن بتطاوين. من جهة أخرى أولى المنظّمون للمهرجان اهتماما مماثلا بالأنشطة الفنية والعروض التي تنتظم على هامش التظاهرة المسرحية على نحو يجعل من المدينة قطبا ثقافيا وفنيا يساهم في تنشيط الحركية بالبلاد. إذ يتضمن البرنامج معرضا يحمل عنوان «ذاكرة المهرجان» باشراف الفنان ضو الشهيدي يتواصل كامل أيام المهرجان فضلا عن تنظيم العرض التنشيطي «الشارع الفنان» في تصور وتنفيذ الفنان إبراهيم بن مسعود. إضافة إلى ورشات في السينوغرافيا والألعاب البيداغوجية وأخرى في تقنيات الصوت والإنارة.