يبدو أن لجنة المصادرة اختارت الضرب وبقوة هذه المرة على أيدي الفاسدين الذين تمعشوا من النظام السابق وأثروا عن غير وجه حق، كما اختارت اللجنة التصعيد والتسريع في نسق تعاملها مع ملف الأملاك المصادرة وذلك بعد فترة قصيرة من تعيين مسؤول جديد على رأسها. فقد أصدرت اللجنة أمس بلاغا بدا شديد اللهجة في مضمونه، دعت فيه كل الأشخاص الذين استفادوا من منظومة الفساد في العهد السابق وجلبوا لأنفسهم منافع أيا كانت طبيعتها وصبغتها وذلك بخرق القانون الجزائي أو غيره من القوانين العامة أو الخاصة أو الاستثنائية.. دعتهم إلى التصريح تلقائيا على الشرف لدى لجنة المصادرة أو بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الإعلام بالبلوغ، وحددت 30 يوما كآخر أجل للقيام بهذا التصريح. ويتضمن التصريح بيانا بجرد المكاسب «الفاسدة» التي تحصلوا عليها سواء كانت عقارات مسجلة أو غير مسجلة أو منقولات مهما كان نوعها،عربات أو سيارات أو طائرات، وغيرها من المنقولات أو الحقوق المالية، نقودا كانت أم رقاعا، أم التزامات أو أوراقا تجارية أو سندات أو مساهمات داخل شركات. ويخضع هذا الكشف الذي تطالب به لجنة المصادرة للسرية المستوجبة على المعلومة «حفاظا على الكرامة الذاتية للأشخاص المصادرين» وتفادي ردود الفعل المختلفة، على حدّ ما جاء في بلاغ اللجنة. منظومة جديدة لمكافحة الفساد لسائل أن يسأل: لماذا الآن والحال أن عمر اللجنة جاوز السنة تقريبا؟ اجابة عن هذا السؤال كشف نجيب هلال رئيس لجنة المصادرة في اتصال هاتفي ل»الصباح» أن اللجنة اتخذت هذا الإجراء في إطار تنفيذ المنظومة الجديدة التي وضعتها اللجنة في التعامل مع الفساد، ومكافحته، بدءا بتطبيق ما جاء في مرسوم المصادرة وتحديدا الفرع الثاني من الفصل الأول، وكذلك في سياق المنهجية الجديدة التي بدأ العمل بها خلال الفترة الأخيرة. ونفى رئيس اللجنة أن يكون للجنة عدد تقريبي للملفات التي سترد عليها مضيفا أن «التعويل كبير على الحس الوطني لكل التونسيين ليستجيبوا إلى هذه الدعوة في آجالها القانونية وبأمانة»، مشددا على أن اللجنة ستحرص على مصادرة المكاسب الفاسدة دون غيرها. ضمانات.. وستتولى اللجنة التثبت والتدقيق في كل الملفات التي ستصلها، كما ستتعهد بعدم مصادرة المكاسب الشخصية للمصرحين إذا ثبت صدقهم وبعدم إعلام النيابة العمومية عن الجرائم المقترفة من طرفهم. كما ستتولى ايداع التصريح بمكان آمن على ذمة اللجنة ولا تقوم بتسليمه إلا للسلط العليا بالبلاد متى طلبته. و أكد نجيب هلال -في سياق متصل - أنه في صورة عدم التصريح أو التصريح الكاذب أو بعد فوات الآجال فإنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة مثلما ورد بالفرع الثاني من الفصل الأول من المرسوم، وذلك بالقيام بجميع الاستقراءات المستوجبة للكشف عن جميع الحقائق وبواسطة الوسائل المتاحة قانونا، وستقوم بإعلام النيابة العمومية بجميع الجرائم المرتكبة من طرفهم. يذكر أن الفصل الأول من المرسوم يقضي بأن تصادر لفائدة الدولة التونسية وفق الشروط المنصوص عليها بهذا المرسوم وفي تاريخ إصداره، جميع الأموال المنقولة والعقارية والحقوق المكتسبة بعد 7 نوفمبر 1987 والراجعة للرئيس السابق للجمهورية التونسية زين العابدين بن الحاج حمدة بن الحاج حسن بن علي وزوجته ليلى بنت محمد بن رحومة الطرابلسي وبقية الأشخاص المبينين بالقائمة الملحقة بهذا المرسوم وغيرهم ممن قد يثبت حصولهم على أموال منقولة أو عقارية أو حقوق جراء علاقتهم بأولئك الأشخاص. علما بأن صلة القرابة للأشخاص المذكورين تمتد إلى الدرجة الرابعة أي الأصل والفرع والمصاهرة والقرابة، وأيضا إلى ذوي النفوذ الذين استغلوا صفة أو مهمة أسندت إليهم للاستفادة ماليا من منظومة الفساد، كما تشمل القائمة علاقة الجاه التي مكنت أيضا من حصول استفادة. فهل ستفاجئنا اللجنة بأسماء لفاسدين لم تكشف عنهم الثورة ولا المنظومة السابقة؟ وهل لدى اللجنة أسماء معينة من الفاسدين لا ترغب في الكشف عنهم حاليا؟ وهل سيستجيب «الفاسدون» أو من تقبلوا رشاوى او هدايا باهظة القيمة كالعقارات والأموال.. دون وجه حق؟