نشر البنك الإفريقي للتنمية تقريره التحليلي الخاص بشمال إفريقيا خلال الربع الأول من السنة الحالية تحت عنوان «ليبيا جديدة، جوار جديد: أية فرص لتونس؟» ويدرس التقرير خصوصا الفرص المتوفرة للاقتصاد التونسي في ليبيا والدور الذي من الممكن أن تلعبه تونس في إعادة إعمار البلاد، بالرغم من التحديات التي من الممكن أن تواجهها على غرار عدم الاستقرار وضعف الوضع الأمني في الجارة الجنوبية. وفي مواجهة هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية يوصي التقرير بضرورة البحث عن آليات للعب دور جوهري في عملية إعادة الإعمار في ليبيا. كما توفر السوق الليبية اليوم فرصة لضخ العمالة التونسية بخمسة أضعاف عدد التونسيين الذين عادوا إلى ديارهم عندما بدأت الثورة الليبية، وذلك بالرغم من العقبات التي يتوقع التقرير استمرارها على المدى القصير في مجال التجارة والاستثمار وتنقل اليد العاملة. ويبرز التقرير أنّ هذه العقبات تتمثل أساسا في عدم توفر تصاريح الإقامة والعمل للتونسيين. إجراءات موحدة ومن بين الآليات والإجراءات التي ستمكن الاقتصاد التونسي من الاستفادة من الإمكانات المتاحة في ليبيا يقترح التقرير ضرورة تطوير القطاع المصرفي ومواءمة إجراءات الدفع، نظرا إلى أنّ النظام المصرفي يلعب دورا جوهريا في تطوير التجارة الثنائية والاستثمار بين البلدين. إذ يواجه المستثمرون التونسيون صعوبات لا تشمل توقيع العقود بل تطبيقها أساسا، نظرا إلى اعتماد عدد من البنوك الليبية آلية تفرض أن تساوي ضمانة القرض 25 % من قيمة الاستثمار. إلى جانب تكثيف شبكات النقل الرابطة بين البلدين. ويعتبر التقرير أنّ الخطوط الجوية التونسية والليبية يجب أن توحدا عملهما وتنظما رحلات مشتركة إلى أوروبا وإفريقيا. قناة عبور ولا ينحصر الدور الاقتصادي الذي من الممكن أن تلعبه تونس في ليبيا في العلاقات الثنائية فقط، نظرا إلى أنّ إحدى التوصيات التي خرج بها التقرير تتمثل في ضرورة تعزيز التعاون الثلاثي. إذ أنّ الخصوصيات الثقافية والجغرافية لتونس تمكنها من أن تلعب دور الوسيط بين ليبيا وبلدان أخرى - مثل فرنسا- إلى جانب البلدان الأخرى أو المستثمرين الذين ليسوا على دراية واسعة بخصوصيات السوق الليبية. فبإمكان تونس -كما يؤكد معدو التقرير- أن تتحول إلى قناة عبور مركزية للاستثمارات الموجهة إلى السوق الليبية، مما من شأنه أن يساعد على تحديد نوعية العمالة التي يمكن أن توجه إلى ليبيا كما توفر فرصة لتونس لاستقطاب الاستثمارات أيضا. وخلص التقرير إلى أنّ بإمكان تونس وليبيا بلوغ مرحلة متقدمة من التكامل الاقتصادي من خلال تحرير التجارة التي يعدها أهم خطوة في هذا السياق، وإرساء سوق مشتركة، وإنشاء مجتمع اقتصادي موحد من خلال التعاون التكاملي بين البلدين. ويشير التقرير إلى أنّ الأزمة في ليبيا أثرت سلبيا في الاقتصاد التونسي، إذ أدت إلى تراجعه بنسبة 0,4 بالمائة، مما يعكس العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين البلدين، خاصة وأنّ ليبيا تعدّ ثاني شريك اقتصادي لتونس بعد الاتحاد الأوروبي. ويعود ذلك بحسب التقرير إلى تراجع الصادرات التونسية إلى ليبيا (باستثناء المواد الفلاحية والغذائية) والانخفاض الحادّ في التحويلات المالية بسبب عودة المهاجرين التونسيين إلى بلادهم.