ما انفك نادي "مجيدة بوليلة" في أنشطته وتحديدا في إطار "مجالس ثقافية" يطرح قضايا حارقة،تلفت الانتباه وتثير الجدل، مؤخرا وفي هذا السياق نظم النادي حلقة من هذه المجالس بعنوان "الفتاوى: نحو فهم أعمق" نشطها الأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس حافظ قويعة، غص به البهو العلوي للمسرح البلدي بصفاقس، وذلك على امتداد حوالي ساعتين،فكانت جلسة ممتعة دار خلالها الحوار شفافا،ثريا،دسما ومتنوعا... "مسائل خلافية " في البداية،بعد أن وضعت السيدة دلال كريشان رئيسة النادي المجلس في إطاره، تحدث الأستاذ حافظ قويعة في الموضوع بإطناب كبير وبلباقته المعهودة، فشد الانتباه خلال ساعة كاملة... لقد أكد في هذا اللقاء على أن الحديث في مثل هذه المواضيع فيه الكثير من المزالق، وأشار إلى أنه لن يتحدث من موقع الشيخ أو المفتي، وإنما سيحاول الكشف من داخل المنظومة الإسلامية ومن خارجها عن بعض الإشكاليات،حينئذ هي دعوة للفهم وليس للاستفتاء،فالحديث سيكون من موقع معرفي، فهو متخصص في الحضارة، وأكد في الأثناء على ضرورة احترام التخصص، ثم سرد مجموعة من الفتاوى في مسائل خلافية، وفتاوى أخرى عديدة في لعبة الشطرنج، والأكل والشرب أثناء الوقوف والجلوس، و قول الشعر، وأشار إلى أن قدر المرأة أن تكون موضوع إفتاء، وفتاوى عديدة في أمور دنيوية ودينية، وأسمى المحاضر بعض الفتاوى فتاوى على الهواء، وتساءل قائلا: "ماذا لو قام عبد الرحمان بن خلدون من مرقده وشاهد على شاشات التلفزة المتخصص في الفلاحة والهندسة ونصف المتعلم وغيرهم يقدمون فتاوى، وسمع بواحد من علماء الأزهر يتحدث عن فتوى الرضاعة، ولم يفوت الفرصة دون أن يذكر بأنه لدينا فقهاء أجلاء، وذكر بما تعرض له ابن حنبل من تعذيب، ثم خلص إلى الحديث عن المبادئ الأصولية بعدها خلص إلى الحديث عن الأصول الفرعية كالإجماع والقياس والاستحسان وأقوال الصحابة وسد الذرائع أو فتحها: هذه المصادر هي محل خلاف بين الفقهاء وذكر بأن البعض قد حرم زواج المتعة، والبعض الآخر الفلسفة والمنطق، وأشار فيما بعد كيف أن عمر بن الخطاب خرج عن النص، لقد كانت له الشجاعة آنذاك واعتمد عقله، أما اليوم فقد عمد البعض على الهواء إلى أن يحلل ويحرم ويكفر، لقد سبق أن كفروا طه حسين وحامد أبو زيد وأحمد خلف الله، ثمة مسائل خلافية ظن البعض أنها حسمت... خلاصة القول إن الأستاذ حافظ قويعة وضع الأصبع على مسألة بالغة الأهمية ما زالت تثير الجدل وتطرح تساؤلات عديدة تتولد منها قضايا أخرى لا تقل أهمية... النقاش والردود إثر هذا الخطاب تم فسح المجال للحضور لإبداء الرأي والنقاش في المسألة، فتعددت الآراء واختلفت منها أن الأستاذ نزار شقرون أشار في تدخله إلى أن الإمبرياليات تسلحت بما هو أخطر في الوجود ألا وهو سلاح الاعتقاد، و أشار والقول له إلى أن الأزهر تتحكم فيه برامج أمريكية إذ رصدت له مبلغ 600ألف دولار لبرامج التعليم كمساعدة، أما الأستاذ ثامر إدريس فاعتبر أن الفتاوى قد التصقت بواقع سياسي وازدهرت في غياب المؤسسات التشريعية وغياب القانون، لذلك على الجميع تحمل المسؤولية، وتساءل قائلا: " لو كانت المؤسسات القانونية قادرة على التشريع هل كنا نترك الغير يفتي بدلا عنا؟ وفي رده على المتدخلين أشار الأستاذ حافظ قويعة إلى وجود أزمة ثقافية لها جذور وأسباب وأكد على أن هناك نوعا من الكسل، فمن الضروري أن نتصارح ونتحاور لتجاوز وضعنا المتأزم وتجاوز هذا الضياع وأشار إلى تخلفنا مقارنة بأجدادنا فاعتبر أننا نفكر "بالوكالة"، وقال: " ليس من السهل المرور على أربعة عشر قرنا وشطبها. "وختم تدخله بالإشارة إلى "تسليع" الخطاب الديني... لما تتضمنه هذه العبارة من أفكار ومواقف شتى، فقضية الفتاوى حينئذ لا تنتهي إذ أن الجدل يبقى فيها قائما.