عاجل/ بعد مسيرة 17 ديسمبر التي وصفها بالصفعة التاريخية: سعيد يدعو الى ضرورة المرور إلى السرعة القصوى..    صحفي قناة الحوار التونسي يوضح للمغاربة حقيقة تصريحاته السابقة    عاجل/ الطبوبي يراسل عميد المحامين السابق..وهذه التفاصيل..    عاجل : وفاة لاعب كرة قدم وسط مباراة رسمية ...تفاصيل صادمة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    مصر.. دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد    عاجل: توافد حالات على قسم الإنعاش بسبب ال GRIPPE    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) برنامج مقابلات غدا الجمعة    بعد حادثة ريهام عبد الغفور.. نقابة المهن التمثيلية تعلن الحرب على مستهدفي نجوم مصر    تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة    ويتكوف يكشف موعد المرحلة الثانية من اتفاق غزة    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    تطوير خدمات الطفولة المبكرة محور لقاء وزيرة الأسرة ورئيسة غرفة رياض الأطفال    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    الفنيون يتحدّثون ل «الشروق» عن فوز المنتخب .. بداية واعدة.. الامتياز للمجبري والسّخيري والقادم أصعب    أمل حمام سوسة .. بن عمارة أمام تحدّ كبير    قيرواني .. نعم    تحت شعار «إهدي تونسي» 50 حرفيّا يؤثّثون أروقة معرض هدايا آخر السنة    فاطمة المسدي تنفي توجيه مراسلة لرئيس الجمهورية في شكل وشاية بزميلها أحمد السعيداني    عاجل: إلغاء كافة الرحلات المبرمجة لبقية اليوم بين صفاقس وقرقنة    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    عاجل : وفاة الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري    بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    من الاستِشْراق إلى الاستِعْراب: الحالة الإيطالية    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعد الآخر لأحمد بن صالح... الإنسان والسياسي
قراءات سياسية
نشر في الصباح يوم 26 - 01 - 2008

شهادات نقابية وسياسية وحزبية في كتاب لنورة البورصالي
تونس الصباح : صدر قبل أيام عن دار صامد للنشر كتاب بالفرنسية من 236 صفحة.. من اعداد الاعلامية والجامعية والناشطة الحقوقية نورة البورصالي عن السيد أحمد بن صالح" وزير كل شيء" في الستينات.. الذي تحمل مهاما نقابية ووطنية عديدة قبل الاستقلال وبعده.. من بينها تزعم الحركة النقابية..
ثم تحمل مسؤوليات في المجلس التاسيسي الذي ألغى النظام الملكي وأعد الدستور في صيغته الاولى.. قبل أن يتولى حقائب حكومية عديدة من موفى الخمسينات.. حتى الاعلان في موفى 1969 عن فشل "سياسة التعاضد " التي اقترنت باسمه ثم اقالته ومحاكمته وسجنه في 1970.. وصولا الى توليه بعد فراره من السجن الى خارج البلاد في 1973 تزعم أحد التيارات المعارضة.. التي عرفت لاحقا بحركة الوحدة الشعبية.. وهي الحركة التي كان السيد ابراهيم حيدر وثلة من رفاقه يمثلونها في تونس.. بعد محاكمة 1977.. قبل ان تنقسم إلى مجموعتين الاولى بزعامة بن صالح وحيدر والثانية عرفت لاحقا بتسمية حزب الوحدة الشعبية.. وتزعمها السيد محمد بالحاج عمر حتى ما بعد انتخابات 1999.. عندما اسندت رئاسة الحزب الى السيد محمد بوشيحة.. فيما أعلنت مجموعة السيدين بن صالح وحيدر منذ حوالي عقدين "الانسحاب من الحياة السياسية".. وعاد بن صالح الى تونس بعد التغيير بعد عفو رئاسي ثم هاجر لمدة 9 أعوام قبل أن يستقر مجددا في تونس منذ عام 2000.. بعيدا عن الاضواء..
الكتاب الذي أثثته الزميلة القديرة نورة بورصالي جاء أساسا في شكل حوارات صحفية مطولة اجرتها الكاتبة مع السيد أحمد بن صالح.. نجحت خلالها في تقديم صورة أخرى.. او صور جديدة.. عن بن صالح الانسان والمثقف والمناضل السياسي المعارض.. فضلا عن بن صالح الوزير والمسؤول المقرب من الرئيس السابق الزعيم الحبيب بورقيبة.. خلال عقدي الخمسينات والستينات.. قبل حدوث قطيعة عنيفة بينهما.. أدت إلى محاكمة بن صالح بالسجن لمدة 10 أعوام وبعقوبات سياسية ومالية متفرقة.. وإلى حملات اعلامية منظمة شنت على "الوزير القوي "السابق وعلى سياسة التعاضد التي قادها.. الى حد اتهامه وبعض رفاقه ومساعديه "بسوء التصرف والاستبداد والفساد.. وبمغالطة "المجاهد الاكبر" واستغلال مرضه لتمرير قرارات خطيرة نالت من مصالح الشعب والبلاد والنظام..:
قراءة نقدية
وقد حاولت الزميلة نورة البورصالي خلال حواراتها التي جمعتها في هذا الكتاب أن تتجاوز التسطيح والاتهامات المجانية لشخصية وطنية مثل السيد أحمد بن صالح أثرت في تاريخ تونس وعدد من مؤسساتها.. ولم يكن عملها سهلا اذ تطلب منها سنوات من الجهد.. استوجبت حوارات مطولة وسخنة أحيانا مع أحمد بن صالح "اللغز "..الذي تعذب عدد من أنصاره لما حاولوا الدفاع عن انجازاته في 1977.. واضطهد أخرون داخل مؤسسات الحزب والدولة.. بسبب "تهمة "الولاء السابق له ولمقولاته.. أو "الانحياز "الى "الجناح "الذي كان يرمز اليه في قيادة اتحاد الشغل.. ثم في مؤسسات الحزب والدولة..
ودون أن تنخرط مباشرة في تيارالمطالبة بتنزيه سياسة الستينات الاقتصادية والاجتماعية..ولا في موجة تحميل كل أخطاء عقد الستينات.. لاحمد بن صالح والنخبة المقربة منه.. حاولت نورة البورصالي عبر كتابها الذي اختارت له تسمية" كتاب مقابلات " أن تطرح عليه أسئلة محرجة خامرت ولا تزال تيارا عريضا من الساسة والمثقفين والجامعيين والمواطنين الذين عاشوا عهده.. أو عملوا معه.. أو نكبوا خلال مرحلة حكمه..
عناصر جديدة
ومن خلال قراءة متانية لهذا الكتاب الجديد للزميلة نورة البورصالي التي سبق لها أن أصدرت كتابا عن بورقيبة ومسالة الديمقراطية ما بين 1956و1963 يتضح أن المناضلة الحقوقية والنسائية حاولت أن تكون محايدة نسبيا في تناولها للقضايا التي تهم سيرة بن صالح النقابي ثم الوزير وصولا الى دوره في المعارضة التونسية مباشرة وغير مباشرة.. فضلا عن الدور الذي لعبه دوليا لا سيما عبر الية "الاحزاب الاشتراكية الدولية ".. التي ضمت عددا من كبار ساسة العالم الاشتراكي في الحكم وفي المعارضة.. وحاول بن صالح مع مجموعة من رفاقه توظيفها لدعم سيناريوهات التغيير السياسي والاجتماعي في دول العالم الثالث.. وللحصول على دعم عالمي لقضايا التحرر الوطني في دول الجنوب وخاصة في فلسطين المحتلة.. والعالم العربي..
الديمقراطية وغياب دولة المؤسسات
ولم يكن غريبا على نورة البورصالي أن تطرح على السيد أحمد بن صالح أسئلة محرجة كثيرة.. خلال لقاءاتها المطولة معه والتي تجاوز طول بعضها 10 ساعات متتالية وكان طبيعيا ان يكون بين تلك الاسئلة ما له علاقة بملفات الحريات والديمقراطية وغياب دولة المؤسسات.. مقابل هيمنة واضحة لمنطق الزعامة ودور الزعيم الاكبر والزعيم الثاني والثالث.. والوزير.. وممثلي الحزب والدولة وطنيا وجهويا.. مع تغييب لفرص التعبير عن الراي الاخر والمصارحة والمكاشفة والمحاسبة داخل المؤسسات المنتخبة.. أو الهيئات الممثلة للشعب.. خاصة بعد مؤتمر الحزب ببنزرت في 1964 الذي تبنى عمليا خيار "الحزب الواحد "والتداخل الكامل بين مهام الادراة والقيادة الحزبية.. وطنيا وجهويا.. الى حد تسمية الوالي رئيسا للجنة التنسيق الحزبي.. ؟؟
ومن خلال ردود السيد أحمد بن صالح فقد حاول على غرار ما ورد على لسانه في أحاديث صحفية سابقة وخلال شهاداته في ندوات مؤسسة التميمي تمسك بحقه في الدفاع عن الجوانب الاصلاحية في خياراته خلال مرحلة العمل النقابي والحكومي وفي مرحلة المعارضة.. كما أبرز المكاسب والانجازات التي تحققت في عقد الستينات ومنها مايهم البنية الأساسية في مختلف قطاعات الانتاج والخدمات..والبنية الاساسية التي ساعدت على تحقيق عديد النجاحات الاقتصادية في "المرحلة الليبيرالية اقتصاديا "التي بدأت في السبعينات.. وخاصة في عهد حكومتي الهادي نويرة ومحمد مزالي..
وثائق مهمة ..ولكن
في نفس الوقت يمكن اعتبار شهادات بن صالح المفصلة في كتاب السيدة نورة البورصالي وثيقة مهمة عن جوانب عديدة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية والحزبية والسياسية في تونس في الخمسينات والستينات.. وزاد الشهادات قيمة أن الكتاب نشر وثائق مفيدة لكل الباحثين المناصرين لبن صالح وخصومه.. بينها نصوص عن محاكمته في ماي 1970 وعن المراسلات بينه و بين الرئيس بورقيبة وبين الزعيم بورقيبة والمغفور له الباهي الادغم الكاتب العام للرئاسة ثم رئيس الحكومة بعد ابعاد بن صالح.. الى جانب وثائق تهم برامج الاتحاد العام التونسي للشغل وسياسة التعاضد..
لكن أغلب الاجوبة الواردة على لسان السيد أحمد بن صالح بدت كعادتها تقلل من أهمية الانتقادات الموجهة الى سياسته وأخطائه الشخصية لما كان وزيرا "لكل شي ء "في الستينات .. كما رفض السيد أحمد بن صالح في أجوبته المنشورة في الكتاب تقديم نقد ذاتي صريح وواضح لأخطاء السياسة التي قادها قبل أكثر من 40 عاما.. وللغلطات الفادحة التي وقعت فيها الحكومة في عهده من حيث اعتقدت أنها بصدد "تحديث "الزراعة والصيد البحري وتجارة التفصيل.. فكانت النتيجة كسادا اقتصاديا واجتماعيا واخفاقا سياسيا أواخر الستينات..
ولاشك أن اجابات بن صالح سلطت الضوء على مسؤولية الزعيم بورقيبة وعدد من المقربين الاخرين منه في الحزب والدولة في دفع البلاد نحو سياسة التعاضد (كما مورست).. لكن بعضها قد لا يقنع كثيرا من المسؤولين والمثقفين والمواطنين الذين عايشوا تلك المرحلة بايجابياتها ونقائصها واحتكوا ببن صالح وحضروا اجتماعات موسعة واخرى مضيقة معه.. ولهم روايات مناقضة تماما لرواياته حول مرحلة الستينات.. ثم حول نظرته في دور المعارضة والتعددية الحزبية والسياسية..
وفي كل الحالات فالكتاب الذي خصص بن صالح وهو في ال81 من عمره برحابة صدر وقتا طويلا للمساهمة في تسهيل مهمة نورة البورصالي لانجازه اضافة نوعية لسلسة الشهادات التي صدرت في الاعوام الماضية عن مرحلة بناء الدولة الحديثة في تونس وهو غني بالشهادات الشخصية والمعلومات التي يمكن أن تفيد الباحثين والمؤرّخين والاعلاميين.. على غرار الشهادات التي صدرت في كتب أعدها أو ساهم فيها وزراء ومناضلون سابقون في الحركتين الوطنية والنقابية مثل شهادات الوزيرالاول سابقا السيد محمد مزالي ووزير الداخلية والاعلام سابقا الطاهر بلخوجة والوزيرالاول ومديرالحزب سابقا الهادي البكوش والوزير والديبلوماسي سابقا والمناضل الوطني منذ الثلاثينات الرشيد ادريس.. والمناضل علي المعاوي.. والكاتب العام للرئاسة سابقا الباهي الادغم.. وغيرهم..
فعسى أن يتواصل نشر الشهادات.. ليتمكن الباحثون عن الحقيقة من فرص أكثر للتاليف والتركيب والتثبت..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.