للمرّة الثانية في أقلّ من شهر، اجتمع مديرو المؤسّسات العموميّة بتالة أوّل أمس مع مجموعة من مكوّنات المجتمع المدني لتدارس الوضع العام بالجهة في غياب تامّ للسلط المحلّية وعلى رأسها معتمد الجهة الذي تجاوز غيابه الشهر عن مركز عمله.. القضايا والمشاغل كثيرة وعميقة كان أبرزها الوضع الأمني بالجهة الذي أصبح يمثل كما عبر عن ذلك المتدخلون نقطة استفهام كبيرة، فما معنى أن تبقى المدينة طيلة سنة ونصف تقريبا بدون أمن؟؟؟ وكيف لمستثمر أن يفكّر في بعث مشروع في منطقة معزولة وخارجة عن دائرة المجال الأمني للبلاد التونسيّة.. هذا المشغل أخذ حيزا كبيرا من النقاش والحوار حتى أنّ أحد المتدخّلين تحدّث عن مواصلة عقاب الجهة.. أفكار تنمويّة وطموحات مشروعة المتدخّلون من مديري المؤسسات ورؤسائها عرضوا حزمة من النّقائص والصّعوبات التي تعاني منها قطاعاتهم والمتمثلة أساسا في نقص الإطار وكثافة الخدمات خاصة وأنّ أغلب الادارات المحلية بتالة يتجاوز حدود عملها الجهة ليصل إلى حيدرة والعيون وفوسانة، وهي إدارات محلية بمهام جهويّة.. قابض البريد بتالة مثلا تحدّث عن نقص فادح في الإطار، فبعد أن كان عدد الموظفين في المركز 23 في سنة 1990 أضحى الآن 4 أعوان فقط يقدّمون كما ذكر القابض خدمات لعشرات الآلاف من المواطنين.. ولتجاوز بعض هذه الصّعوبات تحدّث الجميع عن ضرورة تدعيم الإطار بكلّ المؤسّسات بموظفين وعملة من أبناء الجهة لدفع نسق عمل هذه الإدارات.. أطراف أخرى من المجتمع المدني عبّرت عن قلقها العميق إزاء ما يحدث من نهب لثروات الجهة من مادة الرخام وعدم تمكين أبناء الجهة من الاستثمار في هذا المجال الصّناعي، حيث اعتبر رشاد عباسي أحد العاملين في هذا القطاع أنّ مجموعة من أبناء تالة الذين يريدون الاستثمار في هذا الميدان وجّهوا مكتوبا جماعيا إلى وزارة الإشراف طلبوا فيه تمكينهم من مقاطع رخام تابعة للدولة بطريقة المراهنة ولكن الوزارة رفضت هذا الطلب على حدّ تعبير العباسي وقرّرت اعتماد طريقة «المزايدة» لتسويغ هذه المقاطع... أجمع الحاضرون على أنّ الإحصائيات بجميع أشكالها وأنواعها التي تمّ اعتمادها في النظام البائد كمؤشّر للفعل التنموي بالجهة هي إحصائيات مغلوطة استعملها النّظام السّابق لتحجيم مكانة الجهة وتقليص دورها التنموي في المنطقة وهو ما يجب رفضه الآن، ودعا الحضور مديري المؤسّسات من الحاضرين إلى توضيح هذه المسألة المهمّة لدى الجهات المعنيّة حتّى يعاد النظر في الاحتياجات التنمويّة الحقيقيّة للجهة.. معمل إسمنت بقرية «بولحناش» من المواضيع الهامة التي تداولها الحاضرون موضوع معمل الاسمنت ببولحناش، هذه المنطقة الغنية بمادة الاسمنت التي صنفت - كما قال منير السعيدي أحد متساكني هذه المنطقة - من أرفع وأجود هذه المادة في العالم...» واعتبر أنّ إقامة معمل بهذه الجهة سيساهم بدرجة كبيرة في امتصاص البطالة ودعا الحكومة إلى تمكين هذه المعتمديّة الجريحة من هذا المشروع بتمويل عمومي كما حدث مع معمل الفسفاط بسراورتان بولاية الكاف.. هذا المشروع يضيف السعيدي كان مبرمجا منذ عقود وتمّ تحويله إلى جهة أخرى من طرف احد وزراء النّظام البورقيبي.. مطالبة وتهديد اتفق الحاضرون على أن يتمّ تدوين ما تمّ التعرّض له من مشاريع وأفكار تنمويّة وحلول لتفادي النقائص الحاصلة في مجال الإدارات من إطارات ووسائل ورفعها إلى الجهات المسؤولة جهويا ووطنيّا، كما هدّدوا بإضراب عام مفتوح في صورة عدم الاستجابة إلى مطالب الجهة الشرعية في الأمن والتنميّة..