كان يُفترض أن تختتم الدورة الرئيسيّة للباكالوريا اليوم الأربعاء باجتياز آخر إختباراتها لو لم يحدث ما لم يكن في الحسبان و يصدم الجميع بخبر تسريب إمتحان العربية و ما أدرانا عن ماهيّة بقيّة التّسريبات التي تمّ التّهديد بنشرها. عمل جبان وإجرامي أدخل البلبلة على أكثر من 129ألف مترشح ومن ورائهم مجتمع بأسره بفعل الضربة الموجعة لامتحان وطني يشكل تتويجا لمسار جيل تلمذي يتوق إلى جني ثمار سنوات من النهل من مدارج العلم والمعرفة. ومع طعم المرارة الذي خلفته عملية التسريب لدى كل تونسي معني من قريب أو بعيد بهذا الحدث السنوي المميزّ لا يمكن للمرء إلاّ أن ينتصر على محاولة الإرباك هذه وتجاوز هزاتها عبر المضي في ما تبقى من مشوار البكالوريا بكل ثقة وبكل أمل في النجاح وإنجاح هذا الموعد الوطني. ولذلك نعتقد أنّ هذه العقبة يجب تجاوزها بمواصلة ما تبقى من مشوار الباكالوريا في ضوء قرار وزارة التربية تأجيل الامتحانات التي كانت مبرمجة في اليومين الأخيرين من عمر هذه المحطة التقييمية إلى الجمعة والسبت وإعادة تنظيم امتحان العربية لشعبة الآداب غدا الخميس حفاظا على مصداقية الشهادة العلمية للباكالوريا التونسية وضمانا لتكافؤ الفرص بين كافة المترشحين.ورغم قوة الهزة التي خلقتها عملية التسريب في نفوس الجميع تعمل «التربية» وكل الأطراف التي ساهمت وتساهم في الإحاطة بالباكالوريا من مربين وأجهزة أمنية على المضي في إنجاح المرحلة المتبقية من الامتحانات .وفي هذا الإطار علمت الصباح- من مصادر مطلعة بالوزارة أنه منذ الساعة الثانية من ظهر أول أمس وإلى هذه الساعة يجري العمل دون انقطاع لإعداد مطبوعات المواضيع المستبدلة والترتيب الدقيق لعمليات النقل وإيداع المواضيع في أفضل الظروف بالتعاون والتنسيق مع الأمن والجيش. وأكدت مصادرنا أن كل الضمانات الممكنة تم إتخاذها لتأمين ظروف عادية لسير الامتحان الذي يستأنف غدا على الساعة الثامنة صباحا بالنسبة لشعبة العربية. حصر الشبهة وحسب معطيات أولية توفرت ل «الصباح» حول مستجدات البحث الإداري الذي فتحته الوزارة للوقوف على الأطراف التي سرّبت مواضيع الامتحان فإنه أمكن إلى غاية صباح أمس حصر الشبهة في مركز إيداع ببن عروس يبدو أن اختراق سرية الامتحانات انطلقت منه وقد يكون فريق البحث وقف على إخلالات في مستوى التنظيم بهذا المركز. والتحقيقات متواصلة إداريا من قبل التفقدية العامة بالوزارة وأمنيا وقضائيا بعد فتح وزارة العدل تحقيقا قضائيا في المسألة .وفي إجراء عملي سريع بادرت وزارة الداخلية -حسب ذات المصادر- إلى غلق صفحة الموقع الذي نشر التسريبات بشبكة التواصل الاجتماعي. الإعلان عن النتائج وحول استتباعات تأجيل الامتحانات على عمليات إصلاح التحارير ومواعيد الإعلان عن النتائج تم استبعاد أي إرباك قد يحصل على عملية الإصلاح التي علمنا أنها تتواصل هذه الأيام خلال «الوقت المستقطع الإضافي» الذي أملته التسريبات وتهم المواد التي تم إنجازها يوم الإثنين كما تنطلق الجمعة لجان الإصلاح في البت في تحارير العربية .وبالنسبة للإعلان عن النتائج فإنه وفق تأكيدات رسمية لن تشهد تأخيرا وستحافظ على موعدها المحدد ليوم 23جوان بالمعاهد وإن كان لا يستبعد أن يطرأ على الإعلان عن النتائج بال»آس آم آس» بعض التأخير. النقابة تتهم... من جانب النقابة العامة للتعليم الثانوي بدا الحرص جليا على مواصلة الإسهام بشكل فاعل في إنجاح الامتحان الوطني وتجاوز ما تبقى من إختبارات في أحسن الظروف وتوفير مناخ ملائم للمترشحين لاجتياز هذه المحطة. وأورد لسعد اليعقوبي كاتب عام النقابة في تصريح ل»الصباح» أن كل الاهتمام صلب النقابة منصب حاليا على تجسيم هذا المشغل حتى تبقى مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار والنأي بمصداقية الشهادة عن كل الشبهات. وقال « رغم كل الاعتداءات التي لحقت طوال السنة بالمربين وتواصلت حتى أثناء الامتحان يبقى الأساتذة مجندين لهذه العملية والدعوة موجهة للجميع لمواصلة هذا الجهد بداية من الغد بما في ذلك الأساتذة غير المراقبين للمساهمة تطوعا في إنجاح الامتحان.» إلاّ أن تغليب مصلحة التلميذ في هذا الظرف الدقيق لا يحول في رأي النقابة دون التمسك بحق مساءلة وزارة التربية لاحقا عما حدث وعن الإخلالات التي سجلت وتحديد مسؤولية كل طرف. وأشار اليعقوبي إلى أن وزير التربية مدعو إلى مد الرأي العام في أسرع وقت بنتائج التحقيقات في عملية التسريب .معتبرا تصريحاته الأخيرة غير مطمئنة حيث حصر الشبهة في عمل فردي قد يكون اقترفه اثنان من الأعوان في أحد مراكز الإيداع بما يعني التفصي من المسؤولية. و أوضح بأن الموضوع أكبر من مجرد شبهة في شخصين بل وصفه بالعمل المدبر والمنظم الغاية منه إدخال البلاد في حالة بلبلة وإفشال الامتحانات الوطنية .ووجه إصبع الاتهام إلى من وصفها «بمجموعة المنظومة الفاسدة بالوزارة التي سبق للنقابة التحذير منها مرارا وتكرارا، غير أن الآذان لم تكن صاغية وها أننا نقف على واحدة من أكبر الجرائم المرتكبة في حق هذا الشعبعلى حد تعبيره-. ضمانات الحكومة وتعقيبا على سؤال حول المخاوف من تداعيات أحداث الانفلات الأمني هذه الأيام على سير إمتحان الباكالوريا ؟ أفاد الكاتب العام بأن النقابة تتابع بقلق كبير ما يحدث واصفا الاعتداءات الحاصلة في هذا التوقيت بغير البريئة . مشددا على أن فرحة التونسي بنجاح أبنائه يجب أن تبقى فوق كل الحسابات .ودعا الحكومة إلى أخذ الإجراءات اللازمة لإنجاح الباكالوريا وبقية الامتحانات الوطنية بتوفير كامل الضمانات بمراكز الامتحانات.