في بيان مشترك : الرئاسات الثلاث تتّهم «فلول العهد البائد» بالوقوف وراء الشغب - أصدرت الرئاسات الثلاث أمس بيانا ادانت فيه المس من المقدسات باسم حرية التعبير الشعب وقالت إن الهدف منها اثارة الفتنة واستغلال حساسية الوضع، كما أدانت ما أسمته "عنف مجموعات الغلو وتهديدها للحريات والسماح لنفسها تعويض مؤسسات الدولة ومحاولة الهيمنة على بيوت الله". واتهمت الرئاسات الثلاث أزلام النظام السابق والخائفين من المحاسبة وتطبيق القانون الذين اخترقوا "الجماعات المتطرفة» وتمويلها، بهدف إرباك السلطة وإثارة الفزع بين المواطنين وإفشال المسار الانتقالي الحالي.. في ما يلي نصّ البيان: «تعيش بعض نواحي البلاد منذ ليلة البارحة أحداث عنف استهدفت بعض مقرات السيادة والأملاك العامة والخاصة ومقرات الأحزاب والاتحاد العام التونسي للشغل وأعوان الأمن والمواطنين. تأتي هذه الأحداث وبلادنا تتجه بخطى ثابتة وسريعة نحو انجاز دستورها الجديد واستكمال بناء مؤسساتها الدستورية وفي إطار مؤشرات ايجابية للاقتصاد الوطني، وفي فترة الامتحانات وموسم فلاحي وسياحي واعد. وهذه ليست المرة الأولى: كل مرة تدخل فيها تونس مرحلة التعافي تبرز مثل هذه الأحداث. كل هذا يهدد استقرار الوطن ويضعف من فرص الخروج سريعا من الأزمة الاقتصادية ويصب في مصلحة أعداء الثورة الذين لم يهضموا أن تونس أفلتت من بين براثنهم وبراثن الفساد والقهر والظلم لتصبح دولة لها شعب، وشعب له دولة. إننا ندين كل مس بمقدسات شعبنا وأمتنا ونعتبر أنها لا تدخل في حرية الرأي والتعبير وأن الهدف منها استفزاز لإثارة الفتنة واستغلال لحساسية الوضع وقابليته للالتهاب. كذلك نحن ندين بمنتهى الشدة هذه الاستفزازات لأنها تضرب الوحدة الوطنية وهي أثمن شيء يجب أن نحافظ عليه. ونحن كذلك ندين عنف مجموعات الغلو وتهديدها غير المقبول للحريات وسماحها لنفسها بتعويض مؤسسات الدولة ومحاولة الهيمنة على بيوت الله، والحال أن تونس الديمقراطية فتحت اليوم المجال السياسي المدني لكل من يرغب في المشاركة في بناء الوطن. اننا ندين هذا العنف الذي تمارسه هذه المجموعات سواء كان جسديا مباشرا أو بالترهيب وان هيبة الدولة تفرض مواجهتها بكل الوسائل القانونية. علما وأن هذه الجماعات المتطرفة هي نفسها مخترقة من قبل الإجرام، يمولها الخائفون من المحاسبة وتطبيق القانون أي فلول العهد البائد وهدفهم إرباك السلطة وإثارة الفزع بين المواطنين وإفشال المسار الانتقالي الحالي. إن رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني التأسيسي ورئاسة الحكومة العاملة باجتهاد من أجل مصلحة البلاد وكل القوى الوطنية، تقف اليوم صفا واحدا ضد دعاة الفوضى والتطرف، وتدعوكم إلى تفويت الفرصة على المستفزين والمتطرفين والانتصار نهائيا على أشباح النظام القديم بالوحدة والتآزر. كما تدعو الرئاسات الثلاث كل القوى المتشبثة بالوحدة الوطنية والرافضة للفوضى والعنف من أحزاب ومنظمات ونقابات إلى رصّ الصفوف وفتح كل سبل الحوار لمواجهة الأخطار، متحدين ومحافظين على الشرعية والديمقراطية. وإننا بهذه المناسبة نحيي المواقف المسؤولة للقوى الوطنية التي فهمت بسرعة أن المستهدف من هذه الأحداث هو الثورة ووحدة الوطن، وأن غاية التحالف الاجرامي إنما هو الالتفاف على ما أنجزناه بدماء شهدائنا العظام. إن مؤسّسة الجيش و جهاز الأمن سيتصدّيان للتّجاوزات والعنف مهما كان المصدر و بما يلزم من الصّرامة في إطار احترام القانون و الإلتزام بقيم الجمهورية. انه امتحان آخر نمر به، ولكنه سيمر مثل الامتحانات التي سبقته، وسنتجاوزه بإرادتنا في حماية بلادنا ومقدراتنا. ثقوا تمام الثقة في وحدة القيادة السّياسيّة. ثقوا تمام الثقة في عزيمة مؤسسة الجيش والمؤسسة الأمنية على حماية الشرعية. ثقوا تمام الثقة في وطنية الطيف الواسع من المعارضة المسؤولة والتي ستتصدى معنا للعنف والفوضى. ثقوا أن للثورة أبناء وبنات لن يتركوها تحت التهديد، وأن لدولتنا مؤسسات شرعية منتخبة لن تسمح لأحد بإسقاطها في حبائل الفوضى. ثقوا تمام الثقة في أنفسكم وفي قدرتكم فردا فردا على المساهمة الفعالة في كسر موجة العنف والفوضى. ثقوا في الله عز وجل، خلصنا من الاستبداد وسيعيننا على الخلاص من بقاياه. نعم بفضلكم وبفضل وحدة وطنية صماء سنصل بتونس إلى مرفإ الأمان رغم كل المصاعب والأخطار. حمى الله تونس وشعبها. عاشت الجمهورية والمجد والخلود لكل شهداء أمتنا العظام. هل أعاد بيان الرؤساء الثلاثة الطمأنينة للشعب التونسي؟ وجّه الرؤساء الثلاثة أصابع الاتهام الى «فلول» النظام البائد في ما يتعلق بأحداث العنف والحرق التي جدت مؤخرا وذلك في بيان موحد لهم نشر أمس على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية. وقال البيان إن «الجماعات المتطرفة يموّلها الخائفون من المحاسبة وتطبيق القانون أي فلول العهد البائد وهدفهم إرباك السلطة وإثارة الفزع بين المواطنين وإفشال المسار الانتقالي الحالي». علما أن البيان قد كرر 6 مرات عبارة «ثقوا» في محاولة لتبليغ أن الحكومة قادرة على إرجاع الأمور الى نصابها، والسيطرة على الانفلاتات الأمنية، وفرض القانون وإعادة الهيبة المفقودة للدولة وللأجهزة الأمنية.. تشخيص خاطئ وتعليقا على هذا البيان اعتبرعصام الشابي عن الحزب الجمهوري أن الرؤساء الثلاثة لم ينجحوا في تشخيص الأوضاع الخطيرة التي تعرفها البلاد والوقوف على أسبابها الحقيقية وبالتالي فان الوصفة التي اقترحوها لن تكون صالحة، وفق تقديره، بما أن التشخيص «لم يكن دقيقا فهو تشخيص يبحث عن شماعة ليعلق عليها مسؤولية الأوضاع الأمنية المتدهورة». وأوضح الشابي أن «الشعب التونسي القلق على أوضاعه كان ينتظر بيانا من قبل الرؤساء الثلاثة يتضمن جملة من الإجراءات تعيد له الطمأنينة وتردع المتجاوزين عبر القانون.» وذكر أنه على الرؤساء الثلاثة «تحمل مسؤولياتهم باعتبارهم في أعلى مواقع الدولة وألا يتعاملوا كرؤساء أحزاب ترضي بعض الناخبين على حساب مصلحة الوطن.» وخلص الشابي الى القول بان ما يتهدد تونس اليوم من استفحال للعنف والفوضى يحتم على القائمين على الدولة أولا وسائر الأحزاب الوطنية والمجتمع المدني تحمّل واجبهم في محاصرة ظاهرة التطرف قبل أن تستفحل. تطبيق القانون أما المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل فيرى انه إذا ما توصل الرؤساء الثلاثة الى استنتاج مفاده أن فلول النظام السابق مورطون في الأحداث الأخيرة، فان الحكم بيدهم، «وعليه فإن الحكومة مطالبة بتطبيق القانون والمحاسبة والمرور من مجرد توجيه أصابع الاتهام الى التحرك الفعلي و تطبيق القانون.» وقال الجندوبي في نفس السياق إن الشعب منح للحكومة ثقته خلال انتخابات 23 أكتوبر، ومن هذا المنطلق على الحكومة أن تكون في مستوى هذه الثقة لان البلاد لا تتحمل مثل هذه الهزات. خطوط حمراء في المقابل يؤيد محمد بنور ما جاء في فحوى البيان معتبرا أن من يقف وراء هذه الأحداث هم فعلا «فلول النظام البائد باعتبار أنها ليست المرة الأولي التي يستغلون فيها بعض الأوضاع والمواقف لنشر الفوضى وأكد أن ما حدث ويحدث حاليا هي ردود فعل محكمة التدبير تقف وراءها أياد آثمة تستغل الأحداث.» وأضاف بنور أن السلفيين يتحملون بدورهم المسؤولية خاصة أن ردود فعلهم كانت عنيفة للغاية. واعتبر أنه يتوجب على الجميع الغيرة على مصلحة تونس وعلى مصالح المواطنين وتجنب منطق الاستفزازات لا سيما آن هنالك خطوطا حمراء لا بد من احترامها.