اللون البنفسجي جميل إلا في بيتنا، لأنه التحف رداء الاستبداد والفساد، لأنه حملته أياد غير نظيفة عاثت في الأرض عبثا وإفسادا، ومن هنا مرّ التجمع كحزب السلطة البائد والمنحل، ومن هنا يمر اليوم وفي أدغال الفعل السياسي المشوه أو المزيف أو المفقود وصحراء القيم رعيل قديم جديد بكل جرأة وثقة في النفس مستغربة لينادي نحن هنا نحن هنا والعود أحمد!!! في رؤوس أقلام حتى لا نطيل فعين الشمس واضحة ولا داعي للتوسع في التحليل، وبعيدا عن بعض التوصيفات والتي أضعفها غياب الحياء، وبعيدا عن لغة المؤامرة واستبعادنا المنهجي لدور الآخر في مأساتنا، فإنا نرى دور المجموعة الوطنية قبل غيرها وخاصة نخبتها الحاكمة والمعارضة، هي المدعوة للتغيير وفهم مساهمتها في وصول الحالة العامة إلى هذا الوضع، فلا تلوموهم ولكن لوموا أنفسكم، لذا فإننا نزعم أن هذه الجرأة على العودة والخروج إلى السطح لأهل التجمع رغم أنهم لم يغادروه أصلا ولكن تواروا قليلا، يعود أساسا إلى المضارب التالية: * الثورة حين لم نع أنها لم تكتمل وبقينا نراوح مكاننا، قضاء وإدارة وشهداء وجرحى ومساجين سياسيين وإصلاحات متوقفة أو مؤجلة، حيث أصبح الانتظار والإرجاء منهجية المشهد عموما! * حرب الزعامات والحقائب على حساب لغة المبادئ ومزاعم النضال، حيث ضُربَت الطهورية النضالية في مقتل، ولا ننسى كم أضاعت الحكومة المنتخبة من وقت في تكوينها! * صفقات مشبوهة وأجندات مخفية ومعلنة ساهم البعض بالمشاركة والبعض بالمباركة والبعض بالصمت. * مراهقة سياسية لبعض المواقف والممارسات وأخطاء أظهرت للعيان أن السلطة مسؤولية وكفاءة عليا وليست جولة استراحة. * تلكؤ خطير وتردد في غير محله لم تستوعبه النخبة الحاكمة في خصوص بعض المواقف الهامة حيث راهنت على عامل الوقت لاندثارها، إلا أن هذه الظاهرة رأت التلكؤ خوفا أو مساندة فتجرأت وزعزعت الأمن والاستقرار. فلم نر حوارا جديا ولا حسما فعالا وبقي المواطن في التسلل وهو الضحية بامتياز. * أولوية مصالح أفراد ومجموعات على حساب مصالح الوطن والشعب، مرتبات خيالية للبعض دون حياء وانظروا الزيادات لنواب الشعب، في حين بقي المواطن المسكين يقاوم يومه وليله، وهي رسالة قاتلة لمصداقية أي فعل أو رأي يدعي صاحبه وقوفه مع الشعب في عذاباته. * عدم وعي النخبة أو عجزها أو اجتهادها الخاطئ عن فهم أن الرأس مقطوع والحية لها سبعة رؤوس، وأن الفساد والإفساد منظومة وليست شخصا وهي تتطلب أكثر من باب مواجهة ومقاومة، وأكثر من وعود وأمنيات، وأكثر من جرأة وشجاعة. * فهم الكثير أن الحكم غنيمة تتقاسم والسلطة «تفرهيدة» ومتعة وجولة ليلية، وليس مسؤولية وخدمة الشأن العام والمجموعة الوطنية، وإلا لما كثرت الطوابير والتملقات والنفاق السياسي والمحاباة. ولما رأينا البعض يدخل منذ الآن في حملته الانتخابية والبلد يمر بأصعب فتراته وأخطرها. * القطيعة مع العهد البائد لم تكن واضحة، لا في الأشخاص ولا في الممارسات، فالثورة نقلة نوعية وقطيعة جذرية وليست تواصلا مخفيا...ولقد كانت بعض الأفعال السلبية مطية لفقدان المصداقية ورسالة خيبة ويأس للبحث عن بديل ولو في عالم الأموات. * الباب المعيشي من غلاء الأسعار واضطراب القدرة الشرائية مع وعود مطلبية انتخابية أسالت اللعاب وعجزت عن التلبية، ساهمت في التجاء البعض من هذا الشعب الكريم إلى مقارنة أوضاعه بأوضاع سابقة فنالته بعض الخيبة وحتى التحسر. فالشعب لا يأكل ديمقراطية وحرية فقط ولكن «لا تسألوا من ليس في بيته دقيق» كما قال أبو حنيفة! ختاما لو كان التجمع لونا، لكرهناه، ولو كان مذاقا للفظناه، ولو كان رائحة لنبذناها، ولكنه منظومة تمشي بيننا، وثقافة تطرق أبواب بيوتنا، وممارسة لا زلنا نلقاها في يومنا وليلنا، ولكن للسلطة السياسية دورها الأولي والمبدئي في مقاومته، فهي لا تنسى أنها ثمرة الثورة وأنه جيء بها لتحدث هذه القطيعة والنقلة بين عهد مضى وانتهى، وبين مستقبل واعد مختلف ومخالف يُبنى بكل جدية وكفاءة ومسؤولية، لذا نقول وبدون تلكؤ إن عنصري الأخلاق والقيم يظلان الحارس الأبدي لكل تصرف مهتز، وعندما تكون السياسة عدمية من منظومة أخلاق حازمة وحاسمة، وحين تغيب القيم الأصيلة عن الإطار فإن الانحرافَ والزيغ في المسار والهدف مصيرُ كل موقف وهدف. بقلم: د.خالد الطراولي* رئيس حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي