.. فوجئت لدى عودتي من ندوتين عالميتين عن الديموقراطية والإصلاح السياسي وتطوير الاعلام في العالم العربي الأولى في إسبانيا والثانية في الدوحة حضرتهما بصفتي الأكاديمية مع مئات من كبار الجامعيين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان في الوطن العربي بمقال نشر في صحيفة الموقف تضمن تعليقا غريبا على مقال نشرته في صحيفة الصباح (يوم الجمعة 25 ماي الماضي) تناول بعض ملامح الحياة الإعلامية والسياسية والحزبية في تونس على هامش عدد من الأحداث منها الاحتفال باليوم الوطني والعالمي لحرية الصحافة.. المقال نشر تحت عنوان مثير تعودنا عليه في بعض الصحف "الصفراء" "من كان بيته من زجاج".. وتضمن ردود فعل متوترة ومتشنجة واتهامات مجانية للمقال وصاحبه بأسلوب عصبي مع تقديم معلومات واستنتاجات توحي بأن " المسؤول الحزبي" في الحزب الديموقراطي التقدمي الذي كتبه لم يقرأ مقالي أصلا.. ولا أعتقد أن المقال تعمد التقليل من الدور السياسي النسبي للحزب الديموقراطي التقدمي ولا من مساهمة صحيفة الموقف.. لكن "عيبه" أنه قدم ملاحظات نقدية محدودة لواقع بعض الصحف المعارضة والمستقلة التي تحسن هامش الحرية السياسية فيها منذ أشهر.. (وهذا مكسب كبير) لكن مستواها المهني يمكن نقده لأنه يوجد فرق كبير بين الصحيفة و"النشريات الحزبية".. والملاحظات النقدية (التي يمكن تقديم نقد لأسلوب صياغتها وملابساته المهنية والسياسية) لا تقلل من الأهمية النسبية لصحف المعارضة وخاصة صحيفة الموقف في تكريس حق الاختلاف وتقديم جانب من "الرأي الآخر".. خاصة اذا سلمنا بضرورة التطرق للعوامل الذاتية للازمات وليس فقط للعوامل الخارجية .. ولا أعتقد أن المقال يستحق تعليقا على مضمونه لأنه لم يتضمن ردا على مقالي بل اتهامات متوترة ومجانية لا تخدم مصلحة أحد تصدر أحيانا عن عدد من الساسة و"زعماء المعارضة".. الذين يطالبون الحكومات بقبول النقد ويرفضونه عندما يشملهم ويطالبون بالتداول على المسؤوليات ويحتكر بعضهم زعامة حركات وأحزاب وهيئات نقابية وحقوقية منذ عشرات السنين.. وقد يكون من المفيد أولا الاتفاق على أنه يجوز نقد "زعماء" المعارضة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني مثلما يمكن نقد الرسميين.. مع الاجابة عن سؤال قديم جديد هو: هل يمكن نقد المعارضة وصحفها أم لا؟ مع فائق التقدير