محاميان: أحمد فريعة ضرب يد الثورة بعصا من نار.. والمتّهمون ضحايا قانون المخلوع ! شرعت أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس في المرافعات في قضية شهداء وجرحى إقليمتونس الكبرى وولايات بنزرت ونابل وزغوان وسوسة والمنستير التي سقط فيها 43 شهيدا و95 جريحا، والتي شهدت حضور المتهمين المحالين بحالة إيقاف وغياب 4 متهمين محالين بحالة سراح وهم هشام الماجري وعبد الكريم بن إسماعيل وغازي الثابت ووسام المديوني إضافة إلى حضور مكثف لعائلات الشهداء والجرحى التي نظمت بالمناسبة وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة. المرافعات استهلت بإفساح المجال لمحاميي القائمين بالحق الشخصي التي امتدت على فترتين صباحية ومسائية وارتكزت على طلب الوصول إلى الحقيقة، إذ لاحظ الأستاذ عبد الرؤوف العيادي أن هذه المحاكمة ستدخل سجل التاريخ"لأننا في مرحلة انتقالية" مضيفا أن المحكمة العسكرية لعبت دورا في قيام سلطة عانى منها الشعب وكانت أداة لفرض استبداد النظام السابق الذي خرب القيم وكان مسؤولا عن أزمة أخلاقية مشيرا أن السلطة التي كانت قائمة خضعت"في تشريعاتها لنظام استعماري" ملاحظا أن المتهمين في هذه القضية هم إلى حد ما ضحايا لقوانين وإجراءات كانت تخدم السلطة، وذكر أن هذه القضية.. قضية شهداء وطن ويجب التعرف على قتلتهم وهي ليست قضية تعويضات. طلب التخلي عن القضية وانسحاب طلب الأستاذ العيادي من المحكمة العسكرية أن تتخلى عن هذه القضية وتودع ملفها لدى النيابة العمومية إلى حين تتكون محاكم قادرة على كشف الحقيقة وتحقيق العدل كما طلب من المحكمة أن لا تصدر أحكامها إلا بعد أن تتأكد من الحقيقة وأكد على أنه غير مقتنع بأن المحكمة مؤهلة للحكم في هذه القضية وأعلن انسحابه. بعد ذلك قدم عدد من المحامين تقارير تضمنت طلبات الدعوى المدنية قبل أن يتدخل الأستاذ الهادي العبيدي بمرافعة من أبرز ما جاء فيهاأن هذه القضية.. قضية سياسية لأن أبناء الشعب المضطهد هم من انتفضوا على حكم جائر ولاحظ أن الأبحاث التي أجريت لم تكن كافية للوصول إلى كشف الحقيقة وعاب على وزير العدل السابق عدم إذنه للنيابة العمومية بفتح بحث حول سقوط الشهداء والجرحى كما أكد على أن حكم محكمة الكاف العسكرية كان بمثابة الصدمة لدفاع الشهداء والجرحى ولعائلاتهم مضيفا أن ذلك الحكم لم يكشف الحقيقة واعتبرها محاكمة تسلية وليست محاكمة جدية. إعدام دليل كشف الحقيقة الأستاذ العبيدي قال إنه متأكد من أن عددا من المتهمين في هذه القضية سينالون البراءة مثلما حدث في عسكرية الكاف لأن الأبحاث كانت بسيطة ولم تتطرق إلى الجانب الذي تم إخفاؤه وطمست الجريمة فيه بعد إعدام سجلات قاعة العمليات المركزية، كما طلب إعادة الاختبارات في ملف هذه القضية حتى وإن استدعى الأمر إرسالها إلى الخارج. وتساءل عن القناصة ملاحظا أن دورهم كان كبيرا وظاهرا للعيان من خلال العدد الكبير للشهداء والجرحى في تالة والقصرين وكذلك في بنزرت وتساءل عن سبب مرور الأبحاث في هذه القضية مرور الكرام مشيرا إلى وجود أطراف ليس من مصلحتهم الكشف عن القناصة أو الاعتراف بوجود هذا الجهاز في تونس. ما سرّ ترقية قادة أمنيّين بعد الثورة؟ طلب الأستاذ العبيدي الإذن بإضافة الدفتر الذي يقع فيه تسجيل السلاح والذخيرة التي يتسلح بها كل عون عند خروجه في مهمة وقال إن هذا الدفتر تم إخفاؤه وفي الآن نفسه وقعت ترقية قادة أمنيين بعد الثورة. كما لاحظ أن خلية الأزمة التي تكونت زمن الثورة بوزارة الداخلية كانت العقل المدبر الذي خطط لتنفيذ قتل المواطنين وكان علي السرياطي يمثل حلقة الربط بينها وبين المخلوع وينقل تعليماته لأعضائها وكان له دور فعال في هذه الخلية التي كان يحضر اجتماعاتها ويشرف عليها أحيانا. عصا من نار وعن أحمد فريعة لاحظ أن هذا الأخير صرح أنه عين على رأس وزارة الداخلية لتغيير النظام من قمعي إلى آخر يؤمن بالحريات في حين أنه لما باشر مهامه سقط عدد كبير من الشهداء بالكرم ومناطق أخرى واعتبر ذلك خير رد على زيف تصريحات فريعة ولاحظ أن له قناعة أكيدة بأن فريعة قرر إخماد الثورة وضرب يدها بعصا من نار واستشهد بتصريحات أدلى بها فريعة في ندوة صحفية إبان تعيينه وزيرا للداخلية بقوله "ماتوا 15 واحد ياخي باش نعملوا عليهم حالة" مشيرًا إلى وجود مصلحة في العمل على استقرار نظام بن علي. كما استشهد بما قاله العربي الكر يمي مدير قاعة العمليات المركزية السابق بوزارة الداخلية حين تمت مكافحته بفريعة حيث أكد على أن فريعة لم يبلغه بالمنشور الذي تحدث عنه وقال أنه أصدره إبان تعيينه وزيرا وتضمن تعليمات بمنع إطلاق النار. وقال الأستاذ العبيدي إن أحمد فريعة ينتمي إلى مدرسة العنف الممنهج وعدد الشهداء الذين سقطوا بين 13 و14 جانفي خير دليل على ذلك. كما أضاف أن من صوّر حادثة سقوط الشهيد أنيس الفرحاني صحفي أمريكي تمت إصابته في فخذه حتى لا يمرر الشريط ولاحظ أن مسؤولية كل واحد من المتهمين ثابتة وطلب محاكمة عادلة تكشف مرحلة من مراحل تاريخنا. الأستاذ شكري بالعيد تمسك أثناء مرافعته في الفترة المسائية بالنقاط التي تطرق إليها زملاؤه وطالب بمحاكمة عادلة مشيرا إلى أن وسائل الإثبات تم إعدامها كما أن عددا من المورطين في سفك دماء الشهداء وإعطاء تعليمات بالقتل تمت ترقيتهم بعد الثورة عوضا عن محاسبتهم كما لاحظ أن المحامين يرفضون أن يكونوا شركاء في مسرحية تفتقد لمقومات المحاكمة العادلة. وستواصل الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس اليوم والأيام الموالية إفساح المجال لمحاميي الشهداء والجرحى للمرافعات.