تضاء الليلة الأنوار بالمتحف الأثري بقرطاج معلنة افتتاح أول دورة للمهرجان الدولي بعد ثورة 14 جانفي وفتح أبواب هذا الفضاء الثقافي بما يحيل عليه من رمزية ودلالة أمام الفنون وكل من انتصر لها من جمهور واسع يبحث عن الترفيه والاستمتاع والإفادة، بعد أن أغلق الفضاء وخيم عليه الظلام خلال الصائفة الماضية مقابل فتح فضاءات أخرى لاحتضان تظاهرة ليالي قرطاج التي دارت في ظروف استثنائية بكل من متحف قرطاج والنجمة الزهراء بسيدي بوسعيد وقصر العبدلية وحلق الوادي. يوقد اليوم المشعل في افتتاح المهرجان الدولي في دورته 48 ما يقارب عن ثلاثين فنانا في عرض تونسي مائة بالمائة اختارت نقابة المطربين المحترفين أن تطلق عليه اسم لمسة وفاء. وهو عرض غنائي ينقسم إلى جزأين يخصص الأول لتقديم وصلة من الأغاني التونسية يَراوَح فيها بين المالوف والموشحات والطبوع التونسية. فيما يخصص الجزء الثاني من العرض للاحتفاء بالفنان لراحل علي الرياحي في ذكرى مائويته على اعتبار أنه أحد رموز الأغنية التونسية ومؤسسيها. ويشارك في سهرة الافتتاح عدد كبير من الفنانين التونسيين من مختلف الأجيال نذكر من بينهم الشاذلي الحاجي ولطفي بوشناق وزياد غرسة وغيرهم من الجيل القديم إضافة إلى مروان علي ووفاء بوكيل وسفيان الزايدي ومريم الكحلاوي ومحمد دحلاب وغيرهم من الجيل الصاعد. لتكون المحطة الأهم في عرض لمسة وفاء التي تختزل مضمون السهرة مخصصة لتكريم ثلة من الفنانين التونسيين ممن أعطوا الكثير للأغنية التونسية على امتداد عقود على غرار محمد أحمد ونعمة وقاسم كافي وسلاف وزهيرة سالم وصفوة وسعاد محاسن ورضا الحجام وعزالدين ايدير وكمال رؤوف النقاطي وغيرهم. لكن يبدو أن قدر الدورة الحالية للمهرجان الدولي بقرطاج أن تحافظ على تقاليدها مع الإثارة والاحتجاج وعدم الرضى وعدم القدرة على الإقناع في مستوى القرار والرأي والاختيار... خاصة أنها ممارسات رافقت المراحل الأولى للتحضير لهذه الدورة مما أثار حفيظة أهل القطاع في الداخل والخارج ليتعداه إلى حد التجاذبات واحتجاجات الفنانين التونسيين ودعوتهم الجماعية لمقاطعة المهرجانات الوطنية بسبب تغييبهم من برمجة هذا المهرجان الذي طالما حرموا منه تحت دواع وتعلات مختلفة. ورغم المبادرة الترقيعية لوزارة الثقافة بمحاولة إرضاء هؤلاء وامتصاص غضبهم بإضافة أربعة عروض تونسية إلا أن عنصر المروق يسجل قبل يوم من موعد المهرجان بعد ما تردد عن خروج محمد الجبالي من اللمة التي كان من بين مهندسيها دون تبرير هذا الخروج المفاجئ أرجعه البعض إلى مشاركته في احتفالات دولة شقيقة بعيد استقلالها.