انطلقت فعاليات مهرجان الحمامات الدولي في دورته48 بمسرحية "فايسبوك" لمسرح "فو" للمخرجة رجاء بن عمار. وكما كان متوقعا، شهد المسرح حضور عدد كبير من أحباء أب الفنون إلى جانب وزير الثقافة وثلة من المسرحيين والفنانين التونسيين. وبعد إلقاء كلمة من مدير المهرجان فتحي الهداوي أعرب خلالها عن تمنياته بالنجاح لكل العروض وشجّع على أهمية حضور الجماهير لاستعادة مكانة مهرجان الحمامات الدولي، كان الموعد مع رجاء بن عمار مخرجة وممثلة ومصممة مسرحية "فايسبوك".مسرحية انطلقت وسط فضاء ليس بالفضاء الكلاسيكي بل هو فضاء مفتوح على شكل رواق علقت على جانبيه شاشات عملاقة تنبهنا إلى عوالم افتراضية، فضلا عن رجل مثقف ملفوف بنسيج العنكبوت، إحالة إلى تجاهل المثقف وأهل الإبداع في تونس ومدى انعكاس ذلك على شتى القطاعات. مضمون "فايس بوك" رغم أنّه لم يتقيّد بنصّ واضح من حيث تسلسل الأحداث والحبكة الدرامية، فقد بدا تناوله لفترة ما قبل الثورة وما بعدها واضحا من خلال الكوريغرافيا وألعاب الفيديو وخيال الظل والعنصر السمعي،جسدت لوحة شاملة للثورة بلغة غير الكلمات. أما الفريق التقني والفني فيضم كل من رجاء بن عمار(تصور وإخراج) والممثلون رجاء بن عمار،رندة الدباغ، هدى الرياحي ،ملاك الزوايدي،نجلاء جبالي، المنصف الصايم، عبد القادر بن سعيد. الكوريغرافيا لسعاد أسترتسيفيتس وتصميم الديكور لكوثر بن عمارة، صوت وصورة رندة الدباغ، فيديو غازي الفريني،إضاءة مولدي عرعار وعقيل حراث،توضيب الركح لرياض بن محمود ومدير الإنتاج المنصف الصايم. "ايتوري سكولا" و بن علي انطلق العرض ببث التلفزيون لفيلم يتحدث عن فاشية "ايتوري سكولا" وكان من الواضح بالنسبة للمتفرجين أن يكون الفيلم خيطا رابطا بينه وبين نظام ما قبل ثورة 14جانفي محاولا هضم أهم التحولات التي شهدتها بلادنا.وفي طبقة أخرى من المبنى الذي تقطنه رجاء بن عمار يعيش صحفي (المنصف الصايم) منعزلا يراقب العالم الخارجي من برجه.من جهة أخرى نشاهد المدونة المناضلة (رندة الدباغ) التي حرمها نظام بن علي الفاشي من أبويها لتجد ضالتها في قضاء ساعات على شاشة الكوميوتر. وهكذا أثثت العرض ثلاث شخصيات رئيسية جسدت المرأة التونسية البسيطة والمثقف والشباب المناضل. كما التقت الشخصيات في واقع افتراضي واقعي في آن واحد منذ إرهاصات ثورة14جانفي وصولا إلى العبارة الشهيرة "ديقاج" رصدت لحظات تطور الحراك الشعبي في تونس بألعاب بهلوانية وموسيقى من مختلف الأنماط (راب،أغان قومية،موسيقى آلتية..) وظفت أحسن توظيف خاصة وأن "فايسبوك" كانت في مجملها عبارة عن مسرح راقص تعبيري. وقد مثلت المدونة في العرض المرأة والوطن والثورة معا.. تارة من خلال الرقص وتارة أخرى من خلال المشي على عكاز..أحداث مفاجئة ومتواترة سرعان ما أخذت نسقا تصاعديا لترسم أللاستقرار التي تشهده البلاد. غياب النص الممثلة ليلى الشابّي كانت من بين الحاضرين، وبيّنت لنا بعد عرض "فايسبوك" أنها استحسنت الإخراج لرجاء بن عمار كما دور المنصف الصايم إلا أنّ الملفت للانتباه حسب رأيها- هو غياب النصّ وتسلسل الأحداث قائلة" ربما ميل رجاء بن عمار إلى المسرح التجريبي حال دون توظيف نص واضح وهو من خصائص المسرح المعاصر. ولئن أبدت إعجابها كذلك باللوحات الراقصة فقد بينت أن رجاء بن عمار كان من المفترض أن توظف راقصين أكثر حرفية لتجسيد مختلف الأفكار والآراء. من جهة أخرى أعربت لنا الممثلة المسرحية ليلى الشابي عن إعجابها الكبير بفكرة توظيف أكثر ما يمكن من العروض المسرحية في مهرجان الحمامات خاصة وأن الأعمال المبرمجة تعد من بين أهم الأعمال الحديثة التي من شأنها أن تزيد الفن الرابع في تونس رفعة وحضورا.