ربما جاز القول بأن تجربة «مسرح فو» التي ظهرت في بداية ثمانينات القرن المنقضي (القرن 20) تعد - تاريخيا - الرحم الأولى التي تشكلت في اطارها أولى المجموعات المسرحية الخاصة التي ظهرت لاحقا ممثلة في مجموعة «التياترو» بادارة الفنان توفيق الجبالي.
فمسرحية «تمثيل كلام» التي تعد باكورة انتاجات «مسرح فو» في بداية الثمانينات من القرن الماضي قد تكون - في جانب منها - الجذع أو الأصل الذي تفرعت عنه سلسلة عروض «كلام الليل» ذاتها تلك المسرحيات الشهيرة التي صنعت جانبا من سهرة فضاء «التياترو» - لاحقا -... والتي لايزال النقاد «حائرين» في تصنيفها ك«جنس» فرجوي مسرحي.. علما بأن مسرحية «تمثيل كلام» لمسرح فو في بداية الثمانينات اجتمع على تقديم لوحاتها و«مونولوجاتها» وقتها مجموعة ممثلين من بينهم خاصة توفيق الجبالي نفسه ورؤوف بن عمر رجاء بن عمار.. لا بل أكثر من ذلك فإن جوهر فكرة مسرحية «تمثيل كلام» من حيث أنها عرض ساخر يريد أن «يلعب» دراميا وكوميديا على مفارقات دلالات مفردات اللغة المنطوقة سواءكانت مفردات بالعربية الفصحى أو بالدارجة تكاد تكون هي نفسها جوهر فكرة سلسلة عروض «كلام الليل» التي لايزال توفيق الجبالي وفضاء «التياترو» يشتغلان عليها الى غاية اليوم.. وضعنا هذه المقدمة لا من أجل اقامة مقارنة بين مسرحية «تمثيل كلام» باكورة انتاجات مجموعة «مسرح فو» في بداية ثمانينات القرن المنقضي وسلسلة عروض «كلام الليل» لفضاء «التياترو» واثبات عناصر الشبه بينهما... فهذا موضوع يحتاج لبحث نقدي وفني معمق ولكن - فقط - لنخلص للحديث عن عودة مجموعة «مسرح فو» بادارة الثنائي المنصف الصايم ورجاء بن عمار الى النشاط وذلك بمناسبة الاعلان عن إعادة فتح فضاء «مدار» الثقافي بضاحية قرطاج وهو الفضاء الذي اتخذه منذ سنوات هذا الثنائي مقرا لنشاطهما المسرحي قبل أن يقع غلقه بأمر بلدي.. «مدار» والثنائي المنصف الصايم ورجاءبن عمار إذن، وبعيدا عن ملابسات قرارغلق فضاء «مدار» الثقافي طيلة السنوات القليلة الماضية... ها أن الثنائي المسرحي البارز المنصف الصايم ورجاء بن عماريزفان من جديد لأحباء المسرح خبر إعادة فتح هذا الفضاء الذي سيكون فضاء للفنون الركحية والسمعية البصرية - كما جاء في نص البلاغ -. إعادة فتح فضاء «مدار» سكيون بتاريخ 28 مارس الجاري وقد اختار «مسرح فو» أن تكون هذه العودة بالمسرح أساسا وذلك من خلال الانتاج المسرحي الجديد «القرد» نص وتصور المنصف الصايم واخراج المنصف الصايم ورجاء بن عمار. علما بأن في برنامج «عروض إعادة الفتح» عرضان كوريغرافيان وذلك بتاريخ 29 مارس، الأول بعنوان «الأنبوب» لرندة الدباغ، والثاني بعنوان «علبة موسيقى» لوفاء عماري. كوريغرافيا... كوريغرافيا وإذ لا يسع أي محب للمسرح إلا أن يستبشر بخبر إعادة فتح فضاء «مدار» الثقافي وأن يهيء فريق «مسرح فو» وعلى رأسه الثنائي المنصف الصايم ورجاء بن عمار بوصفهما ثنائيا بارزا في تاريخ الحركة المسرحية ولكونهما قد ناضلا كثريا من أجل تحقيق حلم اعادة الفتح فإن ملاحظة هامة وجوهرية لا بد أن تفرض نفسها بالمناسبة وتهم التوجه الفني لمجموعة «مسرح فو» وهو توجه طبع عروضها المسرحية بطابع التجديد - حتى لا نقول السريالية! - وجعلنا «تغرق» في «مفردات» الكوريغرافيا والفرجوية الى درجة «الاستيلاب»أحيانا.. فهل أن مثل هذا التوجه سيقع تكريسه من خلال مسرحية «القرد» التي يعود بها الثنائي المنصف الصايم ورجاء بن عمار أن هناك مراجعة؟.. الجواب ستكشف عنه مسريحة «القرد»!