عبّرت هيئة المهندسين المعماريين التونسيين عن تخوفها من طريقة تنفيذ الحكومة لبرنامج السكن الاجتماعي الاستثنائي، من حيث الآليات والجدوى الإقتصادية. وترى الهيئة في بيان لها اصدرته مؤخرا أن البرنامج السكني يتم فيه تغييب دور المهندس المعماري لاسيّما وأنّ التخوّفات الأهم في هذا البرنامج الوطني هو صبغة هذه البناءات التي تراها هيئة المهندسين لا تتلاءم وطريقة عيش المواطن التونسي و نمط حياته. جدير بالذكر ان الحكومة أعلنت عن عزمها بناء 30ألف مسكن إجتماعي خلال 3سنوات انطلاقا من السنة الحالية ببناء 8آلاف مسكن من بينها 6آلاف مسكن إجتماعي وألفا مسكن لتعويض المساكن البدائية، من المقرر أن يستفيد منها ضعاف الحال والعائلات المعوزة. وحذر مجلس هيئة المهندسين المعماريين من أنّ جميع الآليات التي عُرِضت بخصوص السكن الإجتماعي أمام اللجنة الفنية لا تعدو أن تكون سوى منتوجات صناعية ومستوردة مخصصة أساسا للبناءات الصناعية مع بعض التعديل لإكسابها الصبغة المعيشية الإنسانية والتي لا تتلاءم و طريقة عيش المواطن التونسي ونمط حياته. فالمعدات المخصصة لدى البناء هي الحديد والطولة زيادة أنها مساكن غير قابلة للتوسعة والتهيئة، إضافة أنّ جنبات المساكن الخارجية مكوّنة من مادة عازلة polystyrène وهي مادة غير منصوح بها حاليا في دول أوروبا للبنايات ذات الإستعمال السكني خوفا من التسبب في الحرائق. كما أنّ مناخ بلدنا المتوسّطي يختلف بين المناطق الداخلية التي تتّسم بشدّة البرودة شتاء والحرارة صيفا لبعدها عن تأثيرات البحر في حين أن المناطق الساحلية تتميّز باعتدال مناخها أمّا الشمال فيمتاز برطوبة على عكس المناطق الجنوبية الواقعة تحت تأثير الصحراء وهو ما يجعل طبيعة هذا المشروع الإجتماعي تستوجب دراسة خاصة حماية لساكنيه لاسيما أنّه تمّت تجربة هذه المشاريع في عدة بلدان كماليزيا و أستراليا وكندا والبرازيل والأرجنتين وأثبتت عدم نجاعتها في إحترام السكن اللائق للإنسان. حلول جاهزة وتغييب للكفاءات الوطنية عبّرممثّلو الهيئة في كافة الجهات اثر اجتماع طارئ كان قد دعى إليه مجلس هيئة المهندسين المعماريين بمدينة العلوم تونس يوم12أفريل الماضي عن استعدادهم لتقديم الدعم اللازم للبرنامج الإستثنائي للسكن الإجتماعي لسنة2012 غير أنه وبعد مشاركتهم في جلسات اللجنة الفنية الوزارية الخاصة بهذا البرنامج وحرصا منهم على أن لا تكون هذه المشاريع الوطنية عرضة للفشل، ارتأت هيئة المهندسين التنبيه من سلبيات الإلتجاء إلى الحلول الجاهزة مع التشكيك في الجدوى الإقتصادية في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد من مشاكل تنموية و ازدياد العاطلين عن العمل في وقت يعتبر فيه مشروع بناء30ألف مسكن فرصة لاستيعاب كم هائل من البطالة، إذ يُتوقّعُ بعث 50ألف موطن شغل بصفة مباشرة و20ألفا أخرى بصفة غير مباشرة.. واشتكى أيمن الزريبي رئيس هيئة المهندسين المعماريين بتونس في تصريح ل"الصباح" من تغييب كلي لدور المهندس المعماري في هذا المشروع الوطني في سابقة لم يشهدوها منذ صدور القانون المنظم لمهنة المهندس المعماري عدد46لسنة1974 والنصوص ذات الصلة كمجلة التهيئة الترابية والتعميرمتسائلا عن مدى احترام اللجنة المكلفة بالنظر في هذا المشروع للقوانين المنظمة للبناء والهندسة المعمارية والدورالأساسي للمهندس المعماري فيه واصفا المسألة بعملية "تشجيع وتقنين للبناء اللامنظّم" في غياب ملاءمة امثلة التهيئة والتقسيمات والمصممين والترخيص في البناء. وأضاف الزريبي"على إثر لجنة انعقدت بوزارة التجهيز تاكّدت مخاوف المهندسين المعماريين عقب تصريح ممثل وزارة التجهيز و في تحرك منفرد عن القرار بالبدء في طلب عروض دولي حسب نظام المشروع الكاملCles en main وهو ما يطرح مدى مصداقية الجلسات الفنية التي عُقِدت و مازالت ويثبت أن الحسم قد تم مسبقا من دون إعلام أعضاء اللجنة أو هيئة المهندسين المعماريين وهي اختيارات غير مبررة لمشاريعنا الوطنية باعتبار أن هيئة المهندسين المعماريين التونسيين هي المخوّل الوحيد قانونا من طرف الدولة لتنظيم قطاع الهندسة المعمارية والمحافظة عليه علاوة على أنه لابد من تشجيع برنامج البناء الذاتي بتمكين المواطنين من قطع أراض مستخرجة من مقسّمات مهيّأة للغرض ومن مواد البناء المحلية والمصنعة في تونس ومساندة جميع الهياكل الفنية والمهنية ذات الصلة ومتابعتهم وتأطيرهم".