عدد قليل من الأحزاب "الصغيرة" إلى جانب حركة النهضة وحزب التكتل والحزب الجمهوري واكبت أمس "جلسة الحوار مع الأحزاب السياسية : قانون العدالة الإنتقالية في تونس: الرؤى والتصورات" التي نظمتها أمس اللجنة الفنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الإنتقالية بمقر الوزارة ذات الإختصاص. العدد القليل من الحضور أثار حفيظة سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية لدى افتتاحه لأشغال الجلسة حيث علّق قائلا "تنتظرنا تحديات عديدة لتحقيق هذا المسار، وقد قطعنا جزءا من المسافة ولازال أمامنا الكثير للقيام به".
مضيفا: "فكرة العدالة الإنتقالية بدأت تشق طريقها بالرغم من الضبابية لا في أذهان المواطن العادي فحسب بل أيضا لدى النخبة السياسية والحزبية فعدد كبير من الأحزاب لم تواكب هذه الجلسة الحوارية التشاورية بالرغم من حاجاتنا لحضورها ولإقتراحاتها" مؤكدا أن "مسار العدالة الإنتقالية شبيه بالخطوات الأولى في كتابة الدستور فهو مسار توافقي وتشاركي وتشاوري يستوجب تدخل جميع الأطراف".
وتساءل ديلو عن كيفية طي صفحة الماضي بأقل ما يمكن من الخسائر حتى يقع تجنب السقوط في الإنتقام والتشفي. الحوار والتشاور وأضاف أنه كان أمام الفاعلين في ملف العدالة الإنتقالية خياران إثنان:"إما تحديد الإطار القانوني ثم التباحث والتشاور لاحقا أو العكس بالعكس، فكان الخيار الأول الذي يبدو مثاليا في شكله ومضمونه ولكنه صعب في تطبيقه" وقال إن الرغبة في الحوار والتشاور والإبتعاد عن الإسقاطات الفوقية بتشريك المجتمع ذاته بتبسيط جملة من المفاهيم والمصطلحات". هذا الطرح الذي تطرق إليه وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية من ضبابية في المفاهيم والمصطلحات وبطء المسار بدا واضحا وجليا في جملة من المداخلات من بعض ممثلي الأحزاب، فبعد مرور أكثر من سنة ونصف على الثورة مازال من بينها من يناقش مصطلح العدالة والعدل والفرق بينهما، كما أنه مازال من لم يستوعب فكرة جلسة الحوار والتي كان المقصد منها الإستماع إلى إقتراحات الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية، المعروف منها وغير المعروف، حول المحاور الرئيسية التي تمثل العدالة الإنتقالية وهي معرفة الحقيقة، المحاسبة، جبر الضرر، إصلاح المؤسسات والمصالحة وآليات تجسيد هذه المحاور لإطلاق المسار الحقيقي للعدالة الإنتقالية بعد الفترة الزمنية التي ستشمله.
اشكالية التعويضات مرة أخرى
ارتكزت بعض النقاشات حول إشكالية التعويضات التي طغت على الأحداث مؤخرا إلى جانب طرح إشكالية تكوين اللجان الجهوية وتمثيليتها، إذ رأى ممثل حركة الإصلاح والعدالة الإنتقالية أنه لا يمكن الحديث عن بعث لجان جهوية لتحقيق هذا المسار مادامت لم تمس المواطن ولم تتصل بالأحياء الشعبية والحال أن هذه اللجان الجهوية هي بدورها ستشرف على الحوارات الجهوية ذات العلاقة لجمع الإقتراحات وتبويبها في تقرير نهائي وذلك بتشريك جميع الأطراف من مكونات مجتمع مدني وأحزاب وجامعيين وضحايا وغيرهم . إلى جانب التكفل بتوزيع الإستمارات وتعميرها للخروج بالخطوط العريضة والمفصلة حول آليات وطرق تحقيق العدالة الإنتقالية.
قلة .. قليلة
كما تطرق بعض من ممثلي الأحزاب إلى مسائل تفصيلية مثل رد الإعتبار للمنتهكة حقوقهم وتعويض عدد من العسكريين وغيرها من النقاط المفصلة من جهة والعامة طغت عليها المصطلحات الفضفاضة وبدت خارجة عن إطار جلسة الحوار التي من المفروض أن تجد طريقها في تقديم اقتراحات.
قلة قليلة من الأحزاب الحاضرة من كان مسار العدالة الإنتقالية واضحا أمامها، فقد اقترح ممثل التكتل تغطية كامل الفترة السابقة وأن تعمل من خلالها الهيئة التي ستبعث وعلى مدى خمس سنوات بتحديد الأضرار وتقصي الحقائق وذلك بتمكينها بالصلاحيات القانونية اللازمة لتتمكن من القيام بمهامها. أما ممثل الحزب الجمهوري فقد اقترح إحداث هيئة وطنية مستقلة تترأسها شخصية وطنية يقع اختيارها بالتوافق وتمتد مدة أشغالها إلى أربع سنوات وتتفرع عنها أربع هيئات جهوية. في حين استبطأ ممثل حركة النهضة مسار العدالة الإنتقالية فرأى أنه بعد سنة ونصف من الثورة تحتاج المسألة إلى شيء من التدارك والتعجيل معتبرا أنه من المهم توسيع الإستشارة لكن كان من المهم أكثر ضبط إطار قانوني في أقرب وقت ممكن.