الحقيقة الوحيدة التي تبدو ثابتة في الجريمة الإرهابية البشعة التي استهدفت مجموعة من الجنود المصريين في سيناء أنها وضعت حدا لشهر العسل الذي لم يدم طويلا بين الرئيس المصري الجديد محمد مرسي وبين حركة حماس وصادرت الى أجل غير مسمى ما شهدته الفترة القليلة الماضية من فتح لمعبر رفح وتحفيف للقيود على الحدود بين مصر وغزة التي أنهكت مليوني فلسطيني يعيشون منذ سنوات في ظل أسوا أنواع العقاب الجماعي والحصار الخانق...والواقع أنه سيكون من السابق لأوانه الحديث عن تداعيات الجريمة على اتفاقية كامب دايفيد أو ما اذا ستكون منطلقا لتعديل الاتفاقية التي يعتبرها شريحة مهمة من المصريين مهينة للشعب المصري فالجانب الاسرائيلي يصرمن جانب على المجاهرة بان السلطات المصرية الجديدة لم تتقدم بأي طلب لمراجعة اتفاقية السلام ولكنه من جانب اخر يفاخر بأن سمح للسلطات المصرية بنشر قوات عسكرية في سيناء في اشارة لا تخفى على مراقب بان انتشار المدرعات العسكرية التابعة للقوات المصرية يخضع لاذن اسرائيلي .اما النقطة التالية التي لا يمكن غض الطرف عنها في الجريمة البشعة فهي بالتاكيد التحذير الذي أصدرته اسرائيل لرعاياها في سيناء قبل ساعات من وقوع الهجوم والسرعة التي واجهت بها القوات الاسرائيلية المجموعات الارهابية في محاولتها التسلل الى سيناء والارجح أن الاستخبارات الاسرائيلية كانت على أهبة الاستعداد لمحاصرة وتطويق المتسللين وقد كان بامكان القوات الاسرائيلية تطويق المهاجمين وتسليمهم الى السلطات المصرية على الاقل لمحاسبتهم وكشف أمام الرأي العام المصري والفلسطيني عن الاطراف التي تقف وراء العملية وما خفي من الجريمة وتجنيب الجيش المصري والعائلات المصرية تلك الخسائر الثقيلة وبالتالي تفادي الغرق في بحر من الشكوك والاتهامات التي لا تنتهي... وبالعودة الى ما حدث في هجوم سيناء الذي لم يكشف أسراره بعد لا سيما فيما يتعلق باختيار التوقيت أو كذلك بتحديد الطرف أو الاطراف التي خططت ونفذت العملية وذهب ضحيتها ستة عشر من الجنود المصريين الذين كانوا غافلين ساعة الافطار ولم ينتبهوا للكارثة فان المستفيد الاول يبقى الجانب الاسرائيلي الذي استطاع أن يحقق ما لم تحققه المطالب الرسمية بعد ان شهدت العلاقات بين الحكومة الجديدة في مصر وبين حركة حماس في غزة تحولا مثيرا لم تعرفه من قبل ما ساعد الاهالي على الخروج من سجنهم والتنفس بعض الشيء مع فتح المعابر التي كانت مغلقة وقد انقلب الحال بعد الحادثة باعادة اغلاق معبر رفح وإغلاق الانفاق الحدودية .وبذلك تكون الجماعة أو الجماعات التي تقف وراء هجوم سيناء قد قدمت من حيث تدري أو لا تدري خدمة لاسرائيل التي تجد في عملية سيناء الارهابية مكسبا ديبلوماسيا واعلاميا اضافيا للترويج بخطابها الدعائي القديم الجديد عن المخاطر الامنية التي تلاحق الاسرائيليين بسبب الجماعات المتطرفة... وفي انتظار ما يمكن أن تكشفه التحقيقات الامنية المصرية حول المتورطين في الهجوم فان الاكيد أن المنفذين ليسوا سوى أداة لارتكاب الجريمة ولعل في تصريحات أحد الشهود ممن كتب لهم النجاة وهو ينقل أن المهاجمين كانوا يرددون الموت «لجيش فرعون»، فقد تعددت الاسماء والرموز للمجموعات التي تقف وراء هجوم سيناء ومن جماعة الراية السوداء الى أنصار الجهاد الى جماعة مجلس شورى المسلمين وغيرها من الاسماء والشعارات تبقى النتائج واحدة وهي أنه لم يعد هناك اليوم حديث عن قضية فلسطينية وصراع مع الاحتلال في المحافل الدولية والاقليمية الرسمية وغير الرسمية وأن دماء العرب والمسلمين وحدها التي تهدر على الطرقات بعد أن هانت على أصحابها وباتت تسخر لخدمة العدو...