سجّلت المصالح المكلفة بالتشغيل في وزارة التشغيل والتكوين المهني ما يزيد عن 30 ألف عمليّة إنتداب خلال جانفي و 25 جويلية 2012 إنّ وعد الحكومة باستحداث 100 ألف موطن شغل موزعة بين القطاعين العام والخاص في موفى 2012 يعتبر رهانا كبيرا ولتحقيقه سعت وزارة التشغيل على اختلاف مكوناتها الى توخي مسار ماراطوني لبلوغ هذا الرهان. فقد كثفت الوزارة من البرامج التي تشجع على التشغيل وقدمت جملة من الامتيازات المغرية في القطاع الخاص وتكفلت بتوفير 25 ألف موطن شغل للمعطلين عن العمل في القطاع العمومي. فهل ان توخي هذا المنهج من طرف الحكومة يعتبر ناجعا للحد من شبح البطالة؟ صرح الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الجليل البدوي في هذا السياق ل "الصباح" انه بالرغم من توفر البرامج التشجيعية على التشغيل والامتيازات المغرية امام المؤسسات والشركات الخاصة إلا انها لا تكتسي اهمية بالغة حيث أن وجودها كعدمها. إذ أننا نعيش ركودا اقتصاديا واضحا وبما ان قيمة المردودية ضعيفة لدى هذه المؤسسات فإنها بالتالي تفضل الابتعاد عن فكرة الانتدابات الجديدة. التعويل على الاستثمارات العمومية ويضيف الخبير الاقتصادي انه لابد على الدولة ان تعول على نفسها ولا تأمل كثيرا في القطاع الخاص واستعرض لنا في هذا السياق بعض الحلول التي تعالج المشكل وهي التعويل على الاستثمارات العمومية مثل الاهتمام بالبنية التحتية والمحافظة على الموارد الطبيعية وتجميل المدن والعمل على نظافتها وكذلك عن طريق الاهتمام بالاقتصاد التضامني الاجتماعي في الوقت الذي يشهد فيه اقتصادنا تراجعا وركودا. ويعتبر الدكتور البدوي ان التوجه الى الاستثمارات العمومية يمثل حلا وجيها لتوفير اكثر عدد من مواطن الشغل رغم انه لا يحقق الانتاجية في الوقت الاني بل يعمل على تهيئة محيط الانتاج للقطاع العمومي والخاص في المستقبل. وفي نفس السياق اكد ل"الصباح" كمال سعد امين عام مساعد باتحاد الشغل مسؤول عن الدواوين والمنشآت العمومية ان "ال25 الف موطن شغل التي تتحدث عنها الدولة في القطاع العمومي ليست بالأمر الواقع لان القطاع اليوم غير قادر على استيعاب انتدابات جديدة لأنها ستثقل كاهله" وأضاف سعد أن القطاع مازال يعاني من تركة النظام السابق من خلال الانتدابات العشوائية التي خلقت خللا داخل المؤسسات العمومية على غرار شركة "الخطوط التونسية الجوية" التي تشغل حاليا 8 ألاف و200 عامل في خطط هي في غنى عنها لأنها جاءت عن طريق المحسوبية. في المقابل يؤكد كمال سعد أن مؤسسات عمومية أخرى تشكو من نقص جلي في العمال كما هو الحال مع "البريد التونسي" الذي يشكو نقصا بألف عامل لان ميزانيته بالأساس ضعيفة فنجد الموظف الواحد يشغل فيها أكثر من خطة. التوظيف لتحريك عجلة الإقتصاد ويرى كمال سعد أن القطاع العمومي مادام يمر بصعوبات مالية فوجب عليه المحافظة على العمال الذين يمارسون عملهم وضرورة تامين أجورهم. أما تقييم محمد علي بن زينة الباحث في الديمغرافيا وتحليل المعطيات فهو يختلف مع من سبقه. فقد اعتبر أن توفير 25 ألف موطن شغل في القطاع العمومي أمر ممكن وهو رقم ليس من الصعب على الدولة تحقيقه وذلك بعودته للنظرية الشهيرة لرجل الاقتصاد العالمي "كاينز" التي تقول انه في حالة ركود وعجز اقتصاد الدولة وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب الأزمة فلا بد من التدخل العاجل للدولة المتمثل في خلق وظائف للمعطلين عن العمل في القطاع العام وتوفير أجور لهم وبالتالي تتحول هذه العملية إلى استهلاك. الشيء الذي يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية ودواليب الاقتصاد. ودعا محمد علي بن زينة إلى حسن توزيع مواطن الشغل في أماكنها المناسبة والتخطيط الجيد لها مسبقا مع العمل على حسن تاطير الأعوان في المؤسسات العمومية وهو ما يساهم في تحسين المردودية. ويشير في هذا السياق إلى وجود نقص واضح في التاطير الإداري في معظم المؤسسات العمومية لا سيما في المناطق الداخلية للبلاد.