تعيش البلاد في الفترة الاخيرة مرحلة صعبة وفترة توتر وقلق شديدة وتجاذبات كبيرة بين الحكومة وعددا لا بأس به من مكونات المجتمع. تجاذبات وتشنج مر الى الفعل وردة الفعل بين هذا وذاك غذّاه "الفايسبوك" والمواقع الاجتماعية التي تحولت الى ساحة صراع من خلال اولا الاخبار وكشف المستور وثانيا ردّات الفعل غير الرسمية من هذا الجانب أو ذاك. وافتقد المواطن للمعلومة وللحقيقة بعد أن غطت المواقع الاجتماعية على الاعلام الكلاسيكي وبات المواطن يثق في الاعلام البديل أكثر خاصة في ظل الحملة الشرسة على الاعلام الكلاسيكي وهو ما استغلته الأطراف بما في ذلك الحكومة في المعارك السياسية التي باتت تلوح منها رائحة الحملات الانتخابية. الاخبار تعددت والاتهامات تنوعت وكل يوم يجد المواطن نفسه أمام أنباء جديدة وتسريبات خطيرة يغيب عنها الرد الرسمي والنفي أو التأكيد ويغيب عنها الموقف السياسي والاخلاقي على غرار الاقالة والاستقالة ان كان الخبر صحيحا والمعني به مسؤول في الدولة.. ويغيب عنه التكذيب الرسمي المدعّم والمقنع. وأبرز الامثلة على هذا ما تسرب في اليومين الاخيرين من انباء حول امتلاك مستشار رئيس الحكومة لطفي زيتون قناتين تلفزيتين وما رافق ذلك من لغو واتهامات وتكذيبات غير رسمية وتصعيد في التصريحات بين مستشار رئاسة الحكومة والطرف الذي كشف ما يعتبره حقيقة وهو موقع "بزنس نيوز" ومديره الزميل نزار بهلول.. النيران اشتعلت بين الجانبين والمطلوب أن يعرف المواطن الحقيقة ويتحمل كل طرف مسؤوليته خاصة ان الطرفين دخلا في حرب تكذيبات وتهديد بالتقاضي. الغطاء الثاني الذي انزاح كذلك ليكشف ما تحته حسب مروج الخبر هو حصول حركة النهضة على مبلغ 150 مليون دولار من أمير قطر لتمويل الحملة الانتخابية.. وهو خبر انكشف ضمن حوار أجرته صحيفة "أندبندنت" مع وليد المعلم وزير الخارجية السوري كشف خلاله أن أمير قطر الشيخ حمد أمر بمنح زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي مبلغ 150 مليون دولار كدعم لحزبه في الانتخابات. وهو ما أكده الصحفي روبر فيسك بصحيفة "بال فاست تليغراف" البريطانية حيث ذكر أنه كان شاهد عيان على إعطاء أمير قطر الأمر بدفع 150 مليون دولار لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من اجل تمويل حملة حزبه النهضة أثناء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي. حركة النهضة ولا مكتب الشيخ راشد لم ينفيا الخبر رسميا باستثناء بعض التصريحات الاعلامية النافية من قبل بعض مسؤولين في الحركة لم تاخذ الصبغة الرسمية رغم أن التشريع التونسي يجرم المال الاجنبي لتمويل الحملات الانتخابية. موعد الانتخابات ظل كذلك نقطة استفهام كبيرة وتضاربت المواعيد والتصريحات الرسمية بشأنه آخرها ما أعلنه سمير ديلو من أن لا انتخابات قبل صيف 2013 أو حتى 2014... وظل هذا الموعد الحاسم غير معلوم وتتقاذفه افواه المسؤولين من تاريخ الى آخر في ظل صمت رسمي وغياب أي تبرير لهذا الموعد أو ذاك. الشعب اليوم بات يعيش في متاهة أمام أفق غامض ومصير غير معلوم تتلاعب به أخبار الانترنات التي باتت مصادرها رسمية وحزبية رغم أنها تمرر غير الرسمي بل ما يخدم هذه الجهة او تلك وما يضر بهذا الطرف او ذاك... والمطلوب مصارحة الشعب واخراجه من حالة التيه والضياع والكشف عن حقيقة ما يروج ومدى صدقية الاخبار الخطيرة الرائجة.. وإن ثبت بعضها فما على الاطراف المتورطة أو التي لم تصارح الشعب بالحقيقة تحمل مسؤولياتها.. فالشفافية والمصارحة مطلوبة ولملمة الملفات والابقاء على الغموض لن يزيد الامر الا توترا وحق الشعب في المعلومة الرسمية والحقيقة واجب.. لننتظر اذا التوضيحات الرسمية حول ما راج هذه الايام من أنباء ونرجو أن لا تتأخر هذه التوضيحات.