الديمقراطيّة تقوم على برامج و مشاريع و ليس على الرّجم بالنّوايا دعا الامين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي إلى ضرورة الابتعاد عن واقع الاستقطاب السياسي القائم على تفريق الشعب التونسي على اسس المصلحة الحزبية للمستقطبين. و انتقد المرايحي في حوار ل "الصباح" حزب الباجي قائد السبسي "نداء تونس" محذرا الحكومة من انسداد الافق وضياع الامل لدى عموم الشعب سيما الشباب منهم. كما تحدّث المرايحي عن اولويات المرحلة السياسة الحالية: - ما هو موقفكم من مسألة الإستقطابات الثنائية القائمة اليوم بين "نداء تونس" وحركة النهضة؟ إن ما تشهده الساحة السياسية من استقطاب استغل التوجس الموجود لدى شريحة من التونسيين تجاه حركة النهضة ومشروعها المجتمعي ليذكي الخوف فيهم ويدفع نحو عداء أثار بدوره مناهضة من أتباع حركة النهضة ومريديها وهو ما يرسم صورة قاتمة للواقع السياسي التونسي اليوم ويقسم المجتمع إلى موالين للنهضة أو رافضين لها في عداء غير محمود العواقب. و في الأحداث الأخيرة التي عرفتها ولاية صفاقس خير دليل على ما يمكن أن تتطور إليه الأمور وما قد ينجر عنها من مصادمات نحن في غنى عنها وتونس لا تبنى على العداء بين أبناء الشعب الواحد وإن كان التنافس من قواعد اللعبة الديمقراطية فإنه يقام على برامج ومشاريع وليس على الرجم بالنوايا أو حشد الناس وتخويفهم من المنافس. و مع الأسف ينخرط جانب من التونسيين في هذه اللعبة القذرة التي لا تخدم سوى مصلحة أفراد هبوا من كل صوب وحدب وتنكر بعضهم حتى للمبادئ والإيديولوجيات التي كانوا يدافعون عنها بالأمس ليظفروا بواقع في حركة "نداء تونس" فالانخراط في منظومة سياسية أساسه البرامج والأهداف المختارة وليس تجميع الناس كالقطيع ثم بعدها يقع الاتفاق على الأهداف فكأن الناس اجتمعوا على عداء حركة النهضة ثم سيتدبرون أمرهم في الإخراج السياسي وصياغة أدبيات وبرامج لا تلزم أحد سوى المغرر بهم أو المغررين بأنفسهم. مقاربة اقتصادية جديدة ماهو واقع تحالفاتكم وأين وصلت النقاشات, وحسب رأيكم من تجدونه المؤهل لقيادة المرحلة القادمة؟ تونس في حاجة اليوم إلى مقاربة جديدة لنمطها الاقتصادي الاجتماعي. إن الذين يتاجرون اليوم بالثورة ويتشدقون بها لم يعوا أنها قامت كردة فعل على انسداد الأفق أمام التونسيين وخاصة الشباب منهم. فإذا لم نبتكر نمطا اقتصاديا وتنمويا جديدا فإننا مقبلون على أيام حالكة, ومع الأسف الخطاب السياسي السائد اليوم ليس بناء ولا يؤسس لشيء بل يهدم الوحدة الوطنية. إننا في حاجة إلى جملة من الإجراءات الاقتصادية المستعجلة منها أن نسارع بحماية المنتوج الوطني وتشجيع الإقبال عليه بالترفيع في الضريبة على القيمة المضافة على ما نورد من غير المواد ضرورية لآلة الإنتاج. كما نحتاج إلى مبادرة جريئة تخفض من كلفة العمل وترسي مرونة في العلاقة التعاقدية بين الأجير والمؤجر وإلى الترفيع في الأجور خاصة الدنيا منها مع تجنب السقوط في التضخّم وذلك من خلال آليات سنكشف عنها لاحقا. هذا هو رهان المرحلة وعلى الطبقة السياسية أن تمارس فعلا السياسة فما نشهده اليوم لا يجاوز الخطابات المراهقة التي عهدناها أيام الدراسة. خارطة طريق - هل لديكم خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية التي قد تحصل بعد 23 أكتوبر؟ تجلى الآن ماقد نددنا به في حينه من أن الاتفاق على مدة المجلس الوطني التأسيسي غير موضوعي وغير واقعي. ولا نراه يلزم أحدا في مجلس سمته أن يكون أعلى السلط وفوق كل القرارات التي سبقته وله أن يحبها. ومن يطرح موضوع 23 أكتوبر ويتحدث مجددا على الوفاق لا غاية له إلى الأخذ بنصيب من السلطة لم يدركها من خلال صوت الناخب. ومن يدعو بعض الأطراف السياسية إلى التوافق متناسيا أخرى بدعوى أنها غير ممثلة في المجلس نذكره بأنه لم ينل مقاعده إلا بمنّة من قانون انتخابي استثنائي ولو كان الانتخاب على مبدأ الأغلبية لما كان له وجود ولا ذكر داخل المجلس. فكفى إيهاما للنّاس بعظمة وانتشار لتتحول يوم الانتخاب إلى سراب. فالمصلحة تقتضي أن لا نشوش على المجلس ولكن من حقنا أن نطالبه بضبط خارطة طريق وتحديدها بآجال معقولة ومن الحكومة الإفصاح عن نيتها في تنظيم انتخابات وإعلان موعد وآليات لها حتى لا تكون طرفا وحكما في آن يستغل وجوده في السلطة للظفر بالسبق. دور الإعلام - أي دور للإعلام في هذه المرحلة؟ إن الإعلام من ركائز الحياة السياسية السليمة وحريته من شروط نجاحها. وهذه المرحلة المؤسسة للديمقراطية لا أمل فيها إن غاب عنها الإعلام الحرّ إلا أن على الإعلام بذلك أن لا ينقاد نحو قضايا مفتعلة وجانبية لا تساهم في بناء الحوار الوطني حول القضايا المصيرية وأن لا يكون عنصرا من عناصر الدعاية السياسية. وننتظر منه أن يفتح المجال أمام الجميع على قدم المساواة خاصة ونحن في زمن التأسيس.