مرصد شاهد: اقبال ضعيف على الإنتخابات التشريعية الجزئية ببنزرت الشمالية    معتمدية قرقنة: حافلة قديمة تُبعث من جديد    انقطاع الكهرباء في المهدية : الشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه تُعلن عن اضطرابات في توزيع الماء اليوم الأحد    عاجل/ بعد فضيحة الخيانة: الرئيس التنفيذي لشركة "أسترونمر" يتخذ هذا القرار..    موجة تضرب شمال إفريقيا : سخانة تشوي الراس من 20 ل23 جويلية!    البطولة الأمريكية: ميسي يسجل ثنائية جديدة ويقود إنتر ميامي للفوز على ريد بولز    كيف حال الشواطئ التونسية وهل السباحة ممكنة اليوم؟..    عاجل : دعوى تطالب بإلغاء حفل فنان مشهور في الأهرامات    زلزالان قويان يضربان أقصى الشرق الروسي وتحذيرات من تسونامي    وزارة المالية تكشف عن عدد المعلمين والأساتذة النواب المشمولين بالتسوية سنتي 2025 و2026    قابس : تخرج 109 مهندسا جديدا من المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس    البطولة الافريقية لالعاب القوى للشبان - ادم بن عافية يحرز برونزية الوثب الثلاثي للفئة العمرية تحت 18 عاما    معالجة الإرهاق المزمن مرتبط بتزويد الجسم بحاجياته اللازمة من المغذيات الدقيقة    السيطرة على خمسة حرائق في ولاية القصرين في يوم واحد    احذر اكتئاب الصيف: حرارة الشمس قد تخفي وراءها اضرار كبيرة    تونس تسجل ارتفاعا في الطلب على الغاز الطبيعي مع موفى ماي 2025    طبرقة: اختتام الدورة التدريبية المشتركة التونسية الجزائرية في الغوص    سهرة لاتينية على إيقاعات السالسا مع يوري بوينافينتورا في مهرجان الحمامات الدولي    تراجع انتاج النفط الخام وسوائل الغاز بنسبة 9 % مع موفى ماي 2025    تونس ورّدت 11 بالمائة من حاجياتها من الكهرباء من الجزائر    تونس : انخفاض نسبة استقلالية الطاقة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات - جنوب إفريقيا تتأهل الى نصف النهائي بفوزها على السنغال بركلات الترجيح (4-1)    فيتنام.. ارتفاع حصيلة ضحايا غرق القارب السياحي    حملة أمنية في سوسة لمراقبة الشريط الساحلي: تحرير 12 محضرا وحجز معدات مستغلة دون ترخيص    ألمانيا.. مقتل رجل بعد إطلاقه النار على الشرطة والمارة    منال بوعلي: من باجة إلى قناة الجزيرة... مسيرة إصرار ونجاح    صفاقس : الدورة الثلاثون لمهرجان عروس البحر بجزيرة قرقنة من 25 جويلية إلى 7 أوت القادم    أعنف غارة منذ بداية الحرب.. إسرائيل تنسف آخر منزل ببيت حانون    سخانة و شهيلي.. حضّر روحك لنهار صيفي بامتياز!    أفضل مشروب لترطيب الجسم في الطقس الحار...تعرف عليه    افتتاح الدورة 59 لمهرجان قرطاج: محمد القرفي يُحيي الذاكرة الموسيقية التونسية والحضور الجماهيري دون المأمول    الداخلية السورية: تم إخلاء السويداء بالكامل من مقاتلي العشائر ووقف الاشتباكات في المدينة    السدود التونسية تبلغ نسبة امتلاء قدرها 35,6% في منتصف جويلية: تحسن ملحوظ مقارنة بالعام الماضي    تاريخ الخيانات السياسية (20) .. المقنّع الخراساني ، وادّعاء الألوهية    طقس الأحد: الحرارة تصل الى 46 درجة    العودة الجامعية 2025-2026: وزارة التعليم العالي تكشف عن الرزنامة الرسمية    تونس – تراجع إنتاج النفط وزيادة الاعتماد على الغاز: حدود النموذج الطاقي الحالي    هل سمعت ب''أم الشوالق''؟ شجرة زيتون في الكاف تحمل أسرار التونسيين    برمجة فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الوطني الحاج منصر للفروسية والتراث    غدوة الطقس أدفأ شويّة    أريانة .. إجراءات للتوقّي من مرض الجلد العقدي لدى الأبقار    الكاف : حجز كمية من المخدرات مخفية في ابواب سيارة    مستقبل المرسى: تأجيل الجلسة العامة الانتخابية الى هذا الموعد    عاجل/ زبير بية يترشح لرئاسة النجم الساحلي..    مسرحية "لاموضى" تحصد ثلاث جوائز ضمن مهرجان "ليالي المسرح الحرّ" بالأردن    تونس: كميات الحبوب المجمّعة تتجاوز 11 مليون قنطار حتى 17 جويلية 2025    من الأكشن إلى الكوميديا: أحدث الأفلام الجديدة على "نتفليكس"..    تنبيه هام لمستعملي الطريق الجهوية 36: غلق جزئي وأشغال توسعة بمفترق ميامي    عاجل/ الافريقي يصدر بلاغ هام..وهذه التفاصيل..    كيف تبني علاقة صحية مع طفلك؟ إليك 6 نصائح بسيطة وفعّالة    اليوم: الحرارة تصل إلى 44 درجة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات - منتخب المغرب يبلغ المربع الذهبي بفوزه على نظيره المالي 3-1    الرابطة الأولى: اليوم سحب رزنامة الموسم الجديد    في يوم شديد الحرارة...الحماية المدنية تُحذّر    قيس سعيّد: دُور الشباب تحوّلت إلى أوكار... والرياضة تحتاج تطهيرًا عاجلًا    الشيخ العلامة يونس بن عبد الرحيم التليلي (فريانة) .. موسوعة علوم ومعارف عصره    تاريخ الخيانات السياسية (19) الرّاوندية يتخذون المنصور إلاها    أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظاهرة السلفية
نشر في الصباح يوم 09 - 10 - 2012

بقلم: رائف بن حميدة - لكي نفهم "الظاهرة السلفية " سيما الجهادية منها ، علينا أن نعرف كم كان سن هؤلاء" السلفيين " منذ 11 سنة مضت !..
لقد كان أغلبهم بين الطفولة والمراهقة..فلمّا حدث الصدام شرق-غرب انحازوا بكل عفوية ،بالطبع، إلى الشق الوطني.. أي إلى الوجوه الوطنية ..إلى اللباس الوطني(حتى وإن كان متخلفا.. أو بدائيا..) وهكذا انطبعت في أعماقهم منذ الصغر صور أولئك "الإرهابين" من أمثال بن لادن والظواهري والمُلا عمر..كحماة للدين وللديار في وجه دولة غاشمة راعية لعدو مجرم محتل للأرض والمقدسات..
( للإنصاف ،المُلا عمر ،مهما علقت به من مثالب ، بطل .. ويكفيه شهامة أنه لم يسلّم مسلما استجار به!.. في حين نرى غيره الآن يترددون في مناهضة التطبيع..وهي خيانة ناهيك عن كونها شهادة زور.. مقابل فُتات و..ضمانات..فمن يدري على تقلبات الزمان وصروفه!..والعجيب هم لم يبدوا أي تردد في التآمر على سوريا ، وإنْ كلفها ما كلف من دماء وعرق وكوارث.. فعندهم سوريا"المحررة " هي حجر الزاوية لتحرير فلسطين ودولة الخلافة.. فلسطين التي يستكثرون عليها قرارهم بمناهضة التطبيع!..تناقض لا يصدرمن الجادين !!!)
إنّ البطولةََ أنْ تموتَ مِن الظماء
ليس البطولةُ أنْ تَعُبَّ الماءَ.*
هذا ما قال شوقي في تأبين عمر المختار. وهو نفس ما قاله الأدب الشعبي في امحمد الدغباجي ..أو كما قال أحمد فؤاد نجم في تأبين غيفارا :
يا غارقينْ في المأكولاتْ والملبوساتْ.
يا بتوعْ نضالْ آخرزمنْ في العوّاماتْ**!..
أو كما قال المتنبي :
ولا تحسبنّ المجدَ زِقًّا وقينةً**
فما المجدُ إلا السيف والفتكة البكرُ..
وفوقهم جميعا (( ولا تَحسَبنّ الذين قُتلوا في سَبيلِ اللهِ أمواتًا بلْ أحياءٌ عِند ربِّهم يُرزَقونَ)) صدق الله العظيم.
وفي الحقيقة هذا التأثر بالشخصيات اللامعة شيء طبيعي، فلكل صمود بطولي أتباع متحمسون .. ففي دهاليز تاريخنا نجد ظاهرة الشيعة التي ليست سوى انتصار وانحياز لبطولة الإمام الحسين ضد المكر والطغيان ..أما في العصر الحديث فنجد بطولة الجيش الأحمر ضد النازية..وكذلك الصيني..والفيتنامي والكوبي (ومنه غيفارا) وعبد الناصر وثوار الجزائر وثوار افريقيا(لومومبا)...وكلها ولّدت تيارات سياسية وفكرية مازالت جارية ومؤثّرة الى الآن!
ومنتهى القصد، أن هذه الظاهرة السلفية هي إحدى تمظهرات الوعي القومي..فالسلفيون هم في الحقيقة قوميون !!.. (تعريف القومية يختلف طبعا بحسب الزمان والمكان ونوع الأحداث ونوع المدارس أيضا ! ..وعند المسلمين يبقى الدين واللغة أهم مقوماتها.. ولا ننسى أنه ،من حيث الوعي الشعبي وليس النخبوي الضيّق ،الأمة العربية ماهي إلا الأمة الإسلامية الصغرى ،والأمة الإسلامية هي الأمة العربية الكبرى..والدليل أننا بكلمة - أُمة محمد - لا نعرف أيهما المقصود..لا فرق!).وبما أن الصدام كان ثقافيا حضاريا، فقد وقع الاعتماد على العامل الديني، أي الثقافي، فلو قُدر للصدام أن يكون مواجهة عسكرية شاملة(جسديا) ، فعندها سيبرز العامل القومي بشكله المعتاد، وهوما حدث من مد قومي كبير عهد عبد الناصر زمن الكفاح للإستقلال.. إذن، السلفيون قوميون.
ولكن.. القومية حب واعتزاز وارتباط بينما "قومية" هؤلاء تنافرية !!.. وتفسير هذه المفارقة هوأنّ قومية السلفيين لا ترنو الى إنقاذ "الأبدان" (الاستقلال) وإنما الى إنقاذ القيم !..ففي هذه الحالة قد يتمظهرالانتماء القومي في شكلِ كرهٍ ونفورٍ!..وهو ما يذكرنا بالشابي في قصيده اليائس الثائر (النبيء المجهول) :
أيها الشعبُ ليتني كنت حطابا**
فأهوِي على الجذوعِ بفأسي..
أو بمقولة سبقته بنصف قرن، قالها محمد عبده لما استدعاه الأفغاني الى باريس: (في أوروبا وجدتُ مسلمين بلا إسلام و في بلدي وجدتُ.. إسلاما بلا مسلمين) .
قد يقول البعض إن سبب الظاهرة السلفية يعود الى القنوات"الدينية "الخليجية..وهذا غيرصحيح، فهُم يمقتونها في أغلبهم ، وحتى إن تابعوها فللثقافة الدينية المحضة.. والصحيح هو أنّ هذه القنوات استغلت وركبت على الأحداث فوجدت في بعضهم مادة جاهزة ، (جهّزتها لها أحداث سبتمبر كما ذكرنا، والتي لولم تقع ، ربما لن نجد لهذه الظاهرة السلفية الجهادية وجودا..!)..وهوأيضا ما تستغله الدول الرجعية القروسطية الأتوقراطية التي وجدت في هؤلاء دروعا متقدمة ، بهم تحتمي من عدوى الثورة التونسية التحررية!!..
وليست الرجعية العربية فحسب بل حتى حليفتها الإمبريالية لضرب الوطنيين، حكام أو مثقفين ..(في تقديري كل مثقف يتعارض فكره كليا مع الدستور الأخلاقي لشعبه، دون أن يجري أي تعديل صريح...
كبيرة عليه كلمة وطني !..وهنا أدعو صراحة جميع الأحزاب الشيوعية للتحول الى اشتراكية! فالشيوعية لن تُولَد، أما الاشتراكية فلا تموت!..إنّ خذلان الاشتراكية يعني نهاية النضال النقابي وكامل تاريخه المشرق المشرّف!!..هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية إنّ القوميين ،بمختلف توجهاتهم ،لا يستسيغون التخندق مع من له موقف سلبي من الإسلام منقذ الأمة العربية وصانعها وحاميها !).
ولكن لا يفوتنا أن نذكّر بوجود عوامل أخرى، ومنها : القهر الطبقي وانسداد الآفاق( أغلبهم من الطبقة الشعبية) وكذلك تفشي الفساد والإنحلال الخلُقي والتفسخ والاستهتار الذي يرونه حولهم من لباس وكلام تغريبي وألفاظ بذيئة وأفعال دنيئة وفنون دخيلة، هجينة وسلوكيات منحطة.فلكل فعل رد فعل عكسي ، والتطرّف يولّد التطرّف.. شيء يزعج كل من به ذرة جِد وأصالة ومدنية أيضا ، خاصة أن للدين الإسلامي بريق بَهَرَ حتى غير المسلمين فاعتنقوه ..
قال الشاعر عن وضع العرب المتردي :
" قلدوا الغربيََّ لكن في الفجورِ
وعنٍ اللبِ استعاضوا بالقشورٍ.
والخلاصة: علينا أن نفتح معهم حوارا جادا محترما..( يديره مثقفون تقدميون ذوو ثقافة إسلامية أصيلة) ، فهُم رغم ما يظهرون أحيانا من تطرف وتشنج وعدوانية في حالات الاستفزاز ، مؤدبون ووديعون بشكل بائن لا ينكره إلا الكاذبون، وأيضا يحملون الكثير من حسن الطوية مع مشاعر الغبن التي يشترك فيها معهم جميع الوطنيين الصادقين، الناتجة عن ضعفنا وتبعيتنا وقلة حيلتنا أمام الغرب المهيمن ، وعموما رغم سلبيات وكوارث هذه الظاهرة فإنها تحمل إيجابية مهمة جدا وهي حيوية الأمة كنقيض للاستسلام واللامبالاة .
ختاما : في أسوإ الحالات تقديرا وتوصيفا ،علينا أن لا ننسى بأن هذه "الأمراض".. هي من قضايانا ونحن المعنيون بعلاجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.