وصف وزير التكوين المهني والتشغيل هذه الفترة التي أطلقت فيها عدة وزارات برامج للانتداب بالوظيفة العمومية على أنها بمثابة "موسم" للانتدابات غير أن هذا "الموسم" يبدو قديما جديدا والحال أن معايير الانتداب المعتمدة لم تنصف حسب مواقف جمعيات ومنظمات وتنسيقيات المعطلين الذين قبعوا لسنوات طوال على دكة البطالة. ومن يرى من خلال وضعيته الاجتماعية المعدمة أنه جدير بالعمل والانتداب حيث تكثفت في الآونة الأخيرة تحركات المعطلين في اتجاه إبلاغ عدم الرضا عن السياسة التشغيلية برمتها ولعل أبرز مظاهر هذه الاحتجاجات انتفاضة التنسيقية الوطنية لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل مؤخرا من خلال مسيرة شعبية كانت الغاية منها بعث رسائل للحكومة مفادها عجزها في معالجة ملف البطالة وتأخرها في تناول المطالب الحقيقية للثورة، فعن تقييمات أداء الحكومة في باب التشغيل بعد قرابة العام من صعودها سدة الحكم تحدث ل "الصباح " عدد من المعنيين بهذا الملف فكانت الاستطلاعات التالية: - محمد زيداني: لملاحظ أن الإنتدابات التي شرعت فيها عدة وزارات غير كافية بالمرة بالنظر إلى العدد الهام من المعطلين عن العمل وأرى أن الحل يكمن في الترفيع في عدد مواطن الشغل المراد تسديدها في القطاعين العمومي والخاص.. - عبد الستار عجال: "ليست هناك أي حكومة في الوقت الراهن قادرة على إنجاز أكثر مما أنجزته الحكومة الحالية. وأنا لا أؤمن بفكرة وجود حامل شهادة عليا غير قادر على كسب عمل، ذلك أن الظاهرة المتفشية حاليا هي عزوف العاطل عن العمل وعن القبول بأي عمل حتى ولو كان ظرفيا ومثال ذلك أن هناك أزمة على مستوى توفر اليد العاملة. وفي المقابل ترى المقاهي تعج بالشباب والرواد من العاطلين... - مهدي بن محمد: لقد عبرت الحكومة في عديد المناسبات أن الأولوية في الإنتداب لمن طالت بطالتهم أكثر من غيرهم ولكن ما راعني وأنه من خلال النتائج الخاصة بإنتداب أساتذة التعليم الثانوي الذين تجاوزوا من تخرج سنة 2005 فقد وقع قبول من تخرج سنة 2006 في مادة العلوم الفيزيائية، فرجاؤنا أن نتجاوز الخروقات ونعطي لكل ذي حق حقه وتبقى الشفافية السقف الأوحد للمناظرات.. - عفاف بوعزيزي: على الرغم من تمتعي بإحدى الآليات الظرفية للتشغيل فإني على اقتناع بأن مثل هذه الحلول غير قادرة على منح العاطل عن العمل حقه في التمتع بشغل يحفظ كرامته بعد سنوات من الدراسة الجامعية في ظروف اجتماعية قاسية خصوصا في صفوف أبناء الولايات الداخلية التي تغيب فيها مؤسسات جمعية قادرة على استقطاب شتى الاختصاصات. - حكيم بن الصادق (اختصاص عربية، المنسق الجهوي للجمعية التونسية للمعطلين عن العمل بسيدي بوزيد):إن الجمعية التونسية للمعطلين عن العمل بسيدي بوزيد وجميع منخرطيها يعدون حوالي 7000 منخرط من كل أرجاء هذه الولاية المهمشة والمنسية منذ عقود تعبر عن عمق أسفها وخيبة أملها من السياسات التشغيلية المعتمدة من طرف الحكومة ومن الحلول الترقيعية التي تدعي الجهات الرسمية أنها من خلالها تستطيع حل معظلة البطالة ومثال ذلك ما وقع في المناظرات الأخيرة لأساتذة التعليم الثانوي والسلك المشترك حيث جاءت النتائج مشوبة بغموض مفزع يجعل من المترشح لهذه المناظرات مجرد رقم من أرقام الإحصائيات المتعلقة بالعاطلين بحيث لا يمكن لك معرفة لا هوية ولا أي معلومة عن الناجح. هكذا إذن تبدو صورة "التشغيل وأفاقه" في ذهن العاطل أو المعطل عن العمل، هي صورة جد قاتمة قد تزاد قتامة مع تزايد أعداد خريجي الجامعة كل عام وفي غياب إستراتيجية حكومية أو مدنية واضحة المعالم لإيقاف التيار الجارف الذي يهدد الوضع الاجتماعي وكذا الاقتصادي لبلد مازال في سنواته الأولى من ثورة صنعها الكادح اجتماعيا..