في أجواء لم تخل من الكوميديا السوداء، الصفة الملازمة لمختلف المسرحيين التونسيين حين يصفون واقعهم المهني، عقدت نقابة مهن الفنون الدرامية صباح الأحد اجتماعا إخباريا بقاعة الفن الرابع لتدارس مختلف المسائل المتعلقة بهذا القطاع الثقافي ومقترحات أبناء المسرح للخروج من الهشاشة والتجاوزات والتعيينات الفوقية والدعم والأهم تقنين المهنة في ميدان المسرح.. بين هذا وذاك اختلفت الآراء وتجادل الحاضرون الذين طغت على ملامحهم روح الشباب فيما غابت رموز المسرح عن اجتماع نقابة المهن الفنون الدرامية كما تخلف أغلب المسرحيين الأساتذة رغم عقد الاجتماع يوم أحد. الفصل 26 من الدستور التونسي والمتعلق بالتنصيص على الحقوق الثقافية كان المحور الأبرز بالنسبة لأعضاء المكتب التنفيذي لنقابة مهن الفنون الركحية وعلى رأسهم الكاتب العام للنقابة ليلى طوبال وضرورة تحديد مقترحهم الخاص بهذه المسألة إلى جانب تحديد موعد لوقفة احتجاجية في هذا الخصوص. من جهة أخرى، برزت على وجوه الحاضرين الاختلافات والانشقاقات حتى لا نقول صراع الأجيال فنجد بعض القدامى من المسرحيين يسخرون من الحماسة المبالغة فيها على حد تعبيرهم- من قبل المتخرجين حديثا من المعهد العالي للفنون الركحية والذين طالبوا بالاعتصام والتصعيد فالمسرحي الشاب صامد الميعادي يدعو إلى مواجهة سلطة الإشراف (وزارة الثقافة) بأخطائها واعتماد كل الأشكال النضالية المتاحة لثنيها عما أسماه بالتعيينات الفوقية والتشاور مع أهل الميدان كما طالب بتكوين لجان شبابية في صلب النقابة للإعلام إلى جانب التأطير النقابي للمسرحين حيث أثبتت التجربة عدم إلمامهم بالجانب القانوني لمهنتهم. ومن جهتهه يرى المسرحي الشاب عبيد الجمعي أن الوقفات الاحتجاجية منذ سنة 2008 إلى اليوم لم تحقق المطلوب وبالتالي فإنه لا يعتبر هذا المقترح خطوة للأمام قائلا أن العمل يجيب أن يكون على أكثر من جهة خصوصا على مستوى الإعلام للتعريف بالقضايا المسرحية والضغط أكثر على سلطة الإشراف لحل المسائل العالقة في هذا الميدان. أمّا الممثلة نجوى ميلاد فانتقدت ما أسمته بممارسات وزارة الثقافة، التي تقدم الدعم للفنانين الرواد والرموز أصحاب الفضاءات المسرحية والذين يملكون من العلاقات والممولين الخواص في الخارج الكثير وترفض دعم الفنانين في تجاربهم الأولى وتعتبر العمل الأول ذاتي التمويل وهذا حسب رأيها أمر خاطئ ويعكس عدم رغبة سلطة الإشراف في دعم الشباب كما أثارت مسألة التجاوزات العديدة، التي يعرفها الميدان ومنها مواصلة بعض الشركات المسرحية وأصحابها من أساتذة تعليم المسرح العمل بدعم وزاري (في فترة تولي عز الدين باش شاوش حقيبة وزارة الثقافة) كما حذرت نجوى ميلاد من الانشقاقات في صفوف المسرحيين مؤكدة أن في وحدثهم الخلاص. وتعد مسألة تقنين المهنة وتوضيح قضية الأساتذة والمتفرغين في المسرح من أبرز مشاغل المسرحيين فيما طالب طلبة الماجستير في المعهد العالي للفنون الركحية بتمكينهم من بطاقة الاحتراف وهو الموضوع الذي تطرق له الممثل وليد الخضراوي معبّرا عن استيائه كذلك من غياب الهياكل النقابية الأخرى والتي بتجاهلها لاجتماع النقابة رغم علمها بانعقاده تقدم صورة سلبية عن القطاع ككل حسب رأيه. تخفيفا للتوتر المخرج والممثل الشاذلي العرفاوي حاول من خلال مداخلاته أثناء الاجتماع التخفيف من توتر البعض بتعليقاته الساخرة والهادفة دون أن يتجاهل أهمية هذه اللمّة النقابية فاعتبر أن القطاع المسرحي اليوم، يتخبط في أزمة قوانين والتي سببت فوضى والانشقاقات بين أهل الميدان مطالبا من الجميع رفع شعار"لا لتهميش الثقافة وثقافة التهميش" والالتقاء في ما يطور المسرح التونسي بعيدا عن الخلافات الفكرية والنقابية. اجتماع نقابة مهن الفنون الدرامية ليوم 4 نوفمبر بقاعة الفن الرابع ختم باعلان الجميع الإلتقاء في حبهم للمهنة رغم التوتر الذي طغى على أغلب سويعات الجلسة وتعرض لعدد من المسائل المهنية منها رفض سياسة التعيينات الفوقية ورفض إعادة إنتاج منظومة الفساد والمطالبة بإلغاء هذه التعينات وأبرزها التعيين على رأس إدارة المسرح والجلوس لطاولة التفاوض كما يطالب المسرحيون بضرورة اعتبار الثقافة مرفقا عموميا والتنصيص على حرية الإعلام والتعبير والفكر والإبداع دون قيد أو شرط وفي هذا السياق عبّروا عن استيائهم الشديد من محاولات التدجين المتكرّرة للقطاع وتهميشه وتهديد وجوده وطغت في هذا الشأن أحداث 25 مارس وما تعرض له المسرحيون من سوء معاملة وتعنيف في ذلك اليوم من قبل السلفيين إلى جانب حادثة الاعتداء على المسرحي رجب المقري. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المسرحيين الحاضرين في الاجتماع قدموا من داخل البلاد على غرار مراكز الفنون الدرامية بصفاقس وقفصة إلى جانب حضور الفنانة منى نورالدين وكوثر الباردي وزهير الرايس وحسام الساحلي وكمال العلاوي.