بقلم: توفيق بن رمضان - بالطبع لا يمكن دفن التّاريخ النّضالي للعديد من الدّساترة المخلصين والصادقين، إن كان قبل الاستقلال أوفي مرحلة بناء الدّولة، ولكن مشكلتهم تكمن في تأليههم لبورقيبة و ممارسات الإقصاء والإلغاء التي كانت عندهم تحت حكم زعيمهم الأوّل والتّي واصلوا فيها وأورثوها لمن التحق بهم تحت حكم بن علي وتمادوا في ذلك وأعادوا للمرّة الثانية إنتاج نفس منظومة الاستبداد والاستعباد التي سحقوا بها كلّ صوت شريف خرج عن السّرب و طالب بإصلاحات سياسيّة وبالحرّية والعدالة والمساواة. أيّها الدّساترة والتجمّعيون لقد لعبتم بالشّعب عدّة مرّات و كما يقال "الأولى عسل والثانية سمن والثالثة زفت و قطران"، لقد لعبتم بالشّعب في الانتخابات التّشريعية سنة 1981 و زوّرتموها ولم تفسحوا المجال للحياة السّياسية بأن تتطوّر رغم أنّ مزالي مكّن ثلاثة, أحزاب من التأشيرة القانونية، ولكن على أرض الواقع لم تتركوا المجال لأي حزب بأن يعمل ويكون فاعلا، ومارستم على كلّ من التحق بتلك الأحزاب أصنافا من الترهيب السياسي و التنكيل الأمني والإداري والاقتصادي بل الميز العنصري على أساس الانتماء الحزبي. أمّا عن مناضلي الأحزاب غير المعترف بها فقد كان نصيبهم السّجون والسّحق والمحق والتّشريد والتحطيم. و قد لعبتم بنا بعد إزاحتكم لمعبودكم الأوّل بورقيبة سنة 1987 من أجل إنقاذ نظامكم المتهاوي، وبعد انتخابات 1989 تنكّرتم للميثاق الوطني الذي التزمتم به مع بقيّة الأحزاب السّياسيّة وانقلبتم على الشّعب ونكّلتم بالإسلاميين بالطّبع بتواطؤ وتحريض من العلمانيين وخاصة اليساريين منهم الذين ألّبوا نظام بن علي آنذاك على ضرب تيّار وطرف سياسي مهم ومكّنتم بالتالي الطاغية وحزبه من إعادة إنتاج نفس المنظومة و ساعدتموه على التّمكّن من الشّعب والوطن. أيّها الدّساترة والتّجمعيون و من ورائكم الكثير من الإعلاميين و اليساريين، بعد خروج بن على عوضا أن تكونوا صادقين مع شعبكم الذي تسامح معكم وكان رحيما بكم و لم ينتقم و يمثّل بكم بسبب إجرامكمّ، ورغم ذلك تماديتم في التّآمر والتّلاعب تحت حكومة الغنّوشي و السبسي و بعد التّصريح بنتائج انتخابات المجلس التّأسيسي التّي خيّبت آمالكم وأجهضت مخطّطاتكم و أسقطت برامجكم في الماء، وعوضا من أن تقبلوا بالنّتائج و تنصرفوا للاستعداد للمحطّات الانتخابية المقبلة، تحالفتم مع الخاسرين وبعض القيادات اليساريّة في الاتّحاد من أجل تعطيل عمل أوّل حكومة منتخبة وشرعيّة و في حقيقة الأمر أنتم تعطّلون خروج الوطن من الأزمة والكارثة التي أنتم سبب لها، فكلّ ما تقومون به هو تعطيل لدواليب الدّولة و منعها من الإقلاع من جديد، لأنّكم تعرفون جيّدا أنّه بنجاح الترويكا لن يكون لكم أمل في العودة إلى السلطة مستقبلا، وكلّ ما تفعلونه وفعلتموه يتعارض مع قواعد اللّعبة الديمقراطية التي تتشدّقون بها منذ عقود. نصيحتي للدّساترة والتجمّعيين البسطاء منكم والعاديّين، أقول لهم دعوكم من بارونات السّياسة الذّين استغلّوكم و خدمتموهم وألّهتموهم بالمجان لمدّة تجاوزت النصف قرن على حساب أسركم وشعبكم و وطنكم كما أنّني أنصحكم بأن لا تجعلوا أنفسكم دمى في أيادي من عندهم المال من المستكرشين الذين استثروا تحت حكم بن علي، الحذر كل الحذر، عليكم أن تعودوا إلى رشدكم و تصطفّوا مع شعبكم في خدمة وطنكم ولا تجعلوا أنفسكم أدوات في أيادي المجرمين و المفسدين المرعوبين والخائفين من المحاسبة و العقاب أقول للذين احترفوا "التكمبين" والتآمر منكم، عودوا إلى رشدكم و كفاكم تحريضا على الفوضى و تدميرا للوطن و تمزيقا و تفريقا للشّعب، أقول لهم لا تستهينوا بإرادة الشّعوب، إن كان الشّعب التّونسي متسامحا معكم يوم 14 جانفي 2011 ولم ينكّل بالبعض منكم فلا تستهينوا به و حذار! ثم حذار! "فليس في كل مرّة تسلم الجرّة"، وكما يقول المثل الشّعبي التّونسي "الأولى عسل "انتخابات سنة 1981" والثانية سمن "انتخابات سنة 1989" والثالثة إن لم تكن زفتا وقطرانا"يوم 14 جانفي 2011" فلا تتمادوا في استفزاز الشّعب فهو مازال يراقبكم ولا تتصوّروا أنّ زخم الثّورة قد فتر وهدأ ولا تظنّون أنّ الأمور و الأوضاع عادت إلى نصابها لتعودوا من جديد إلى سالف عهدكم في التآمر والتلاعب والخبث والغدر بالشعب و الوطن. وأخيرا أقول لكم و لبعض الإعلاميّين و الأمنيّين المرتبطين بكم، يجب عليكم جميعا أن تراجعوا أنفسكم و تعترفوا بأخطائكم و تعتذروا لشعبكم على كلّ ما اقترفتموه من مصائب و جرائم و بعد ذلك تطلبون منه الصفح و تعلنون له التوبة والنّدم و تعملون مع كافة أفراد الشعب من أجل الدّفع إلى الأمام لتحقيق العدالة الانتقالية وتسهيل الأمور من أجل محاسبة المجرمين وإنصاف المظلومين.