بضعة أسابيع فقط تفصلنا عن الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر، الثورة التي أدت إلى استشهاد عدد من التونسيين لم يقع إلى اليوم ضبط القائمة النهائية لهم ك"شهداء ثورة". لجنة تقصي الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات الأخيرة التي ترأسها توفيق بودربالة عولّ عليها العديد للإعلان عن القائمة النهائية للشهداء، لكن بعد فترة انتظار دامت 15 شهرا صرحّ أعضاء اللجنة بأنه «ليس من مسؤوليتهم ضبط القائمة وبأنهم يتعاملون مع الشهداء كضحايا»، وهو ما أثار حفيظة عائلات الشهداء الذين رأوا أن لجنة بودربالة كانت على علم بأن الجميع ينتظر تقديمها القائمة النهائية وكان بإمكانها الإعلام عن موقفها من البداية. لكن سرعان ما تحولت الأنظار نحو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي ترأسها نور الدين حشاد وتعلقت الآمال بها لضبط القائمة النهائية لشهداء الثورة، لتفاجأ عائلات الشهداء فيما بعد بتقديم حشاد لاستقالته ويبقى الأمر معلقا مرّة أخرى. لجنة شهداء وجرحى الثورة والعفو التشريعي العام وعدت بأنها ستحسم في القائمة النهائية، لكن إلى اليوم لم يجسّد هذا الوعد على أرض الواقع، وهو ما أثار بعض الشكوك لدى عائلات الشهداء الذين تساءلوا عن سبب عدم الإعلان عن هذه القائمة إلى اليوم. امتيازات لعائلات الشهداء.. والقائمة لم تحدّد! "الصباح الأسبوعي" تحدثّت في هذا الإطار مع علي المكي رئيس جمعية «لن ننساكم» الذي تساءل: «كيف يقولون لنا أنه لم يقع ضبط القائمة النهائية لشهداء الثورة وفي نفس الوقت يقومون بتوزيع منح عيدي الإضحى والفطر لعائلات الشهداء وكذلك تشريكهم في الانتداب الاستثنائي في الوظيفة العمومية بالإضافة إلى تمتيع البعض منهم من أداء مناسك الحج، فكلّ هذه الامتيازات تعني أن القائمة النهائية متوفرة لديهم وما عليهم إلا أن يمدّونا بها وإلا على أيّ أساس تمّ تقديم تلك الامتيازات؟» للإجابة عن هذه التساؤلات التي تطرحها معظم عائلات الشهداء، اتصلت «الصباح الأسبوعي» بيمينة الزغلامي رئيسة لجنة شهداء الثورة وجرحاها والعفو التشريعي العام بالمجلس الوطني التأسيسي التي قالت: "لقد تمّ تقديم تلك الامتيازات اعتمادا على القائمات الموجودة في الولايات رغم علمنا أن هناك شهداء لم تذكر أسماؤهم وهذا أمر نأسف عليه". وعن الإعلان عن القائمة النهائية لشهداء الثورة، ذكرت محدثتنا أن هذا الأمر مستحيل حاليا «باعتبار أن الجانب القانوني يفرض الإعلان عن القائمة النهائية بعد المصادقة على مرسوم 97 وكذلك بعد مباشرة لجنة شهداء الثورة مهامها». وعن هذه اللجنة، أفادتنا السيدة الزغلامي أنّه سيقع ترؤسها من قبل رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية الهاشمي جغام وسيكون عدد من الحقوقيين ونواب التأسيسي ولجنة شهداء الثورة والعفو التشريعي العام ممثلين فيها. الإعلان بصفة تدريجية وأكدّت الزغلامي ل"الصباح الأسبوعي" أنها تلقت وعدا من قبل رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر مفاده أنه سيقع النظر في المرسوم عدد 97 المتعلق بشهداء الثورة خلال جلسة عامة بمجردّ الانتهاء من المصادقة على مشروع قانون هيئة الانتخابات، قائلة: «كان من المنتظر أن نعود إلى مناقشة مشروع الدستور بمجردّ الانتهاء من هيئة الانتخابات، لكنّ رئيس المجلس وعدني بأننا سنتطرق إلى المرسوم عدد 97 أولا». كما أفادتنا رئيسة لجنة شهداء الثورة وجرحاها أنها ستقترح على لجنة السيد الهاشمي جغام، بمجرد مباشرة عملها، أن يقع الإعلان عن شهداء الثورة بصفة تدريجية، قائلة: «لقد صبرت عائلات الشهداء بما فيه الكفاية، لذلك أقترح ان نعلن عن كلّ مجموعة من الضحايا ثبت أنهم شهداء الثورة». ويرى العديد من عائلات شهداء الثورة أنّ الإعلان عن القائمة النهائية للشهداء هو أبسط شيء تقوم به الحكومة تجاه من وهبوا دماءهم لهذا الوطن وأهدوا للشعب حرية التعبير وللوزراء الحاليين فرصة العودة من منفاهم، واعتبر المكي أنه كان من واجب الحكومة أن تعمل على محاسبة قتلة الشهداء الذين لا يزالون أحرارا خارج أسوار السجن.