مازلت مبتدئة.. والوقت لم يحن بعد لأترشحّ للرئاسة - نواب النهضة ليسوا بمنأى عن وضع المصلحة الحزبية فوق المصلحة الوطنية - أجرت الحوار: خولة السليتي - يعيب عليها بعض نواب المجلس بتشدّدها، وانتقدها العديد من المواطنين لتقديم نفسها على أساس أنها «مواطنة فرنسية من أصل تونسي»، وهي طبعا محرزية العبيدي. تمّ اختيارها من قبل كتلتها نائبا أولا لرئيس المجلس الوطني التأسيسي، ومنحها هذا المنصب طموح الترشح لرئاسة الجمهورية. «الصباح الأسبوعي» التقت بمحرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس وعضو حركة النهضة فكان لنا معها الحوار التالي. *كنائب أول لرئيس المجلس، ما تعليقكم حول أحداث سليانة والتعامل الأمني معها؟ - والله أي تعليق.. يعجز الإنسان عن التعليق (علاش وصلنا هكة) قبل أن أتحدثّ عن ردّة فعلي كنائب بالمجلس سأتحدّث كأم وامرأة يؤلمني صراحة إصابة أبنائنا بما فيهم أعوان الأمن.. لقد تساءلت مرارا (علاش العنف هذا علاش نوصلو لهذا)، هل من المعقول أن تمرّ المطالبة بالتنمية بهذا الصدام الدامي (ما نتصورش.. ما نتصورش) لكن سنتوصل إن شاء الله إلى تحديد المسؤول عن اندلاع العنف ونقدّم الإيجابيات الواقعية لأبناء سليانة عن مدى تقدمّ المشاريع التنموية. وما روعني أكثر أن يقع حرق منزل معتمد وعائلته موجودة بداخله. أشكّ في أن يكون المخربون هم نفس الذين تظاهروا لأجل التنمية، فكيف لمن يطالب بالتنمية أن يحرق مؤسسات التنمية، لا أتصور صراحة أن يقوم من يبحث عن التنمية بهدم وحرق المؤسسات، ما المقصود من ذلك؟ *هل توجهين الاتهام لأطراف معينة؟ - أترك الأمر للقضاء ولمن هم معنيون بذلك ولا بدّ من التحقيق في أحداث العنف. * هل تأملين خيرا في نتائج التحقيق خاصة أنه لم يقع إلى اليوم الكشف عن نتائج التحقيق في أحداث 9 أفريل؟ - لا أحبّذ فكرة لجان التحقيق وإنما أحبّذ أن تباشر السلطات المعنية بالتحقيق وليس لجان تحقيق، على الشرطة أن تحدّد هويّة من يحمل المولوتوف وعصا بيده وعليها أن تحدّد كذلك الجهة التي ينتمي إليها، فكيف لمن يتظاهر سلميا أن يحمل المولوتوف والعصا. وشخصيا لي علاقة خاصة بسليانة وحصلت لي حادثة طريفة معها. *لو تحدّثينا عن هذه الحادثة؟ - عندما تمّ تنصيبي نائبا أول لرئيس المجلس، بادر المواطنون بزيارتنا وعرض مشاكلهم. وفي يوم ممطر وبارد جدا قدم شاب من جهة سليانة يدعى طارق فقابلته وأخبرني أنه لا يريد عملا أو «شهرية» وإنما يريد المساعدة لخدمة أرضه. ما جلب انتباهي أن طارق قدمّ طلبا مختلفا عن الجميع، هم يريدون «شهرية» وهو يريد وسائل إنتاج. أحيي عن طريقكم الشاب طارق الذي اعتبرته منذ ذلك اليوم عنوان سليانة. *ما تعليقكم حول تصريح بعض النواب بأنّ الحكومة همشّت دور النائب في المجلس والجهات؟ - لا يمكن للحكومة أن تهمّشنا لأننا السلطة الأصلية، نحن من نحاسبها ونحن الفاعلون في جهاتنا. ولكن يساهم النائب في تهميش دوره عندما يتغيبّ دون موجب أو يغادر جلسة هامة وهو يسأل الوزير باسم الشعب لأجل حسابات سياسية ضيّقة لا غير، فالنواب الذين قاطعوا جلسة المساءلة همشوا أدوارهم بأنفسهم. * ما رأيكم في دعوة بعض النواب إلى إيقاف البثّ المباشر لعمل المجلس لكونه يعطّل سير الأشغال؟ - لو كان لي أن أختار الموقف العقلاني لقلت قولهم لأنّ العديد من خارج المجلس نصحونا بذلك، لكنّ الإشكال هو أنّ البثّ المباشر أصبح حقّ التونسيين وإذا ما أوقفناه سيتساءل العديد عن سبب ذلك وقد تكون حينها الآثار السلبية أكثر من الإيجابية، وآمل أن يتوازن النواب في إرادتهم ومخاطبة ناخبيهم في جهاتهم وكذلك في جديتهم بتقدم أعمال المجلس. *جميع النواب أقسموا على وضع المصلحة الوطنية فوق المصلحة الحزبية، فهل ذلك معمول به؟ - لنكن صرحاء، لا ليس دائما. لكن هي فترة حساسة يتغير فيها المشهد السياسي. الكلّ يريد موقعا له فتبرز بذلك المزايدات السياسية. *وماذا عن التقييم الذاتي لكتلة حركة النهضة؟ - نحن لسنا بمنأى عن ذلك أيضا، فنحن كبقية النواب. وأجد جميع زملائي يعيشون نفس التجربة وهذا يندرج في إطار الدربة على الممارسة الديمقراطية خاصة في هذه الفترة وأنا لا أبالغ في اللوم على هذا. *ألا ترون أنّ الوقت قد حان لإنشاء الهيئة الوقتية للقضاء خاصة أنّ الهياكل القضائية صرحت بوجود ضغوطات على القضاة وصلت إلى حدّ تهديد سلامتهم وسلامة أبنائهم؟ - في القريب العاجل وربما هذا الأسبوع سيتحاور فريق من النواب مع القضاة للحسم في مسألة الهيئة، وأنا أساند القضاة وتأثرت كثيرا بتصريحاتهم. والنواب الذين أضربوا عن الطعام يتحملون جزءا من المسؤولية فيما يحصل للقضاة من ضغوطات، فدور النائب ليس أن يضرب ليؤثّر في القضاء وتمنّيت أن يكشف القضاة عن من هددّهم، ولا بد أن يكشفوه أيا كان الطرف. *عدت الأسبوع الماضي من أندونيسيا، فماهو مضمون زيارتك؟ - لقد تمّت دعوتي إلى أندونيسيا لحضور ملتقى حول «الديمقراطية والتنوع»، والمقصود بذلك التنوع في المجتمع من حيث الانتماء العرقي أو الفكري، وقد كان لقاء نافعا جدا حضرته عدة دول على غرار بريطانيا والولايات المتحدة ودول عربية أخرى.. ولاحظت خلال مشاركتي في الملتقى اهتمام الأندونيسيين بالتجربة التونسية.. وقد جلب اهتمامي حرص الأكاديميين والمجتمع المدني والحكومة على استغلال الماركة الأندونيسية ألا وهي المجتمع الديمقراطي المسلم، فلديهم تتعلم كيف تلتقي الأصالة الإسلامية بالديمقراطية واحترام الآخر، وعلينا صراحة الاطلاع أكثر على تجربتهم. *هل يعني ذلك أنه بإمكاننا النسج على منوالهم؟ - طبعا، هذا أكيد جدا وبإمكاننا أن نتقدمّ عليهم أيضا لأنّ تونس بلد متجانس عرقيّا ودينيا أكثر منهم، ففي أندونيسيا يوجد 6 أو 7 أديان ولغات متعدّدة بينما تونس بلد صغير مقارنة بها. *لو خيرناك بين التجربتين التركية والأندونيسية، أيهما تختارين؟ -)تضحك) أختار التجربة التونسية وأنا جدية في ذلك.. لأنّ دعوة الأندونيسيين لي كتونسية وكنائبة بالتأسيسي تتنزّل في إطار اهتمامهم بالفكر الإصلاحي في تونس فهم متعطّشون للتمكن أكثر من الفكر الإصلاحي ويريدون التعرفّ على المدرسة المقاصدية وخاصة العلامة بن عاشور وكنت فخورة عندما سئلت عن هذا. ولا يجب أن ننسى أننا وفّقنا في مسيرتنا التشريعية منذ القرن الماضي بفضل التوفيق بين القانون الوضعي والتشريع الإسلامي ليس فقط في مجلتنا الجزائية وإنما أيضا في مجلة الأحوال الشخصية، وقد أبهر الأندونيسيون بهذه التجربة. *لقد تعمّدنا سؤالك عن أي التجربتين تختارين باعتبار أنّ الحملة الانتخابية لحركة النهضة ميزّها النموذج التركي؟ - لم لا نستفيد من التجربتين وقد اكتشفت منذ سنوات منابع التجربة التركية ولكن ليس بمنأى عن التفاعل الإيجابي بل من التدافع(وإن كان عدد من التونسيين لا يحبّذ كلمة التدافع) بين العلمانية كما أرستها مدرسة أتاتورك وبين الإسلام الذي أرسته هذه المدرسة المحملة لكثير من الروحانيات. *سبق وصرّحت أنك تنوين الترشح لرئاسة الجمهورية؟ - لا أرى مانعا في أن أترشح كامرأة تونسية لرئاسة الجمهورية لكن بالنسبة لي الوقت لم يحن بعد (مازال بكري) فأنا مبتدئة في هذا المجال. *معنى ذلك أنك ترفضين الترشح للرئاسة؟ - أنا أنتمي لكتلة منضبطة وإلى حزب له أطر ديمقراطية، لذلك فإنّ تحديد المترشح يمرّ عبر الأطر الديمقراطية وليس عبر شخص. *لكنك صرّحت أنك مبتدئة في هذا المجال؟ - نعم، ولكن هذا كلام سابق لأوانه. *ماهو الشيء الإيجابي في المجلس؟ - الحوار رغم أنّه عاصف. *ماهو الشيء السلبي في رئيس الكتلة؟ )تسكت ثمّ تضحك) متسامح *كيف تقيمين أداء الحكومة؟ - نظرا للظروف فهي تقوم بالممكن. *محرزية العبيدي مواطنة فرنسية من أصل تونسي، هل من توضيح؟ - أرجو توضيح هذه النقطة، عندما قلت هذا الكلام كان لا يحقّ لي أن أقول إني تونسية لأن البوليس السياسي سيحاسبني، وأنا أتكلم في منبر الأمم المتحدّة ثم احتراما للبلد الذي منحني هذه الصفة استطعت أن أتكلم في المنابر الأممية عن مظالم المرأة عامة والتونسية خاصة. *واليوم ماذا تقولين؟ - مواطنة تونسية تحمل الجنسية الفرنسية ليست أقل تونسة بل أكثر أحيانا من غيرها. *هل يكفيك أجرك اليوم؟ -)إيه، يكفي برشة)، لذلك لا أستعمله كثيرا.. هناك من يقول لماذا نعطي لمحرزية رزق 40 عائلة تونسية وهو لا يدري أنّ أجرة محرزية العبيدي في المجلس التأسيسي تعيل 40 أسرة تونسية، فأنا لا أصرف أيّ مليم من أجرتي على حاجياتي الشخصية، وأعي ما أقول.