إصابة عدة أشخاص في عملية طعن بولاية ميشيغان الأمريكية    ناد فرنسي يسعى لإعادة نيمار إلى الملاعب الأوروبية    مأساة تحولت إلى لغز.. اختفاء جثة راكب هندي توفي اثناء رحلة جوية!    مدنين .. تواصل المساعي للحيلولة دون تنفيذ إضراب بطاحات جزيرة جربة    القصرين: تراجع إنتاج الهندي    سليانة: السيطرة على 3 حرائق جبلية    الجيش الإسرائيلي يقتحم السفينة "حنظلة" المتجهة إلى غزة وسط تنديد وتحذيرات من تحالف أسطول الحرية    تونس – STEG تُصدر إشعارًا لمستخدميها    أخبار الملعب التونسي : رهان على المنتدبين    أخبار المونديال الاصاغر للكرة الطائرة .. الهزيمة الثالثة امام إيران    النيابة تأذن بالاحتفاظ بمغني الراب ALA    صفاقس: طفل ال 4 سنوات يلقى حتفه غرقا    احتفالا بعيد الجمهورية بالمسرح الأثري بقرطاج: لطيفة تبدع وتتألّق    أعلام من بلادي .. ابن منظور: المؤرخ والأديب القفصي... بالتبني    تاريخ الخيانات السياسية (27) كل يوم خليفة في بغداد    عاجل/ الاطاحة بشبكة لترويج المخدرات بهذه الولاية…    أخبار الحكومة    المنستير: استئناف تنظيم مهرجان لبتيس الأثرية بلمطة بداية من غرة أوت    إيرادات العمل والسياحة    استعدادات شركة الستاغ    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    مستقبل القصرين ينتدب المدافع المحوري شوقي الزيتوني    نجم المتلوي يتعاقد مع اللاعب زياد بن سالم    أحمد الجوادي يعفى من سباق 400 م سباحة حرة لضمان الجاهزية لسباقي 800 و1500 م في مونديال السباحة بسنغافورة    عاحل: غدا تغلق ''بلاتفورم'' التوجيه الجامعي...سارع في التسجيل    بعد وفاة نجلها...فريق طبي يتابع الحالة الصحية لفيروز    وائل جسّار في تونس: سهرة اليوم في الحمّامات    رقدت درج على يدك...رد بالك من شنوا ينجم يصيرلك    أستاذة فقه تثير الجدل: تعاطي "الحشيش" ليس حراما!!    الترتيب تبدّل... والباسبور التونسي في المرتبة هذه    صادم.. دراسة تكشف كيف سرّعت جائحة كورونا الشيخوخة في أدمغة البشر    فوزي البنزرتي مدربًا جديدًا للنادي الإفريقي    الموت يفجع الممثلة عائشة خياري    عاجل/ مصر تعلن دخول 117 شاحنة مساعدات الى غزة    "24 عطرا - نجوم سمفونية" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تحتفل بالهوية التونسية    تونس تسعى إلى بناء علاقات مع الصين خارج الأسواق التقليدية قائمة على مساري التبادل التجاري والاستثمار    دورة تونس الدولية لاعداد وسطاء ومحكمين دوليين معتمدين في فض النزاعات من 14 الى 23 أوت المقبل    عاجل/ زعيمها موظف بوزارة: هذا ما تقرّر ضد عصابة لترويج المخدرات    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة..وهذه المناطق معنية أكثر من غيرها    بعد موجات الحرّ: زخّات مطرية خفيفة تُنعش المرتفعات الغربية...هذه الكميات    فاكهة الموز: قصص حقيقية ومفاجآت لا تُصدّق!    تطاوين: وردة الغضبان تحيي حفلا فنيا ساهرا بمناسبة إحياء الذكرى 68 لعيد الجمهورية    مصر: فرض غرامة مليون جنيه على "البلوغرز" غير المرخصين وملاحقة مروّجي صور مفبركة لفنانات    مستعدون للسنة الدراسية الجديدة؟ تسجيل أطفال التحضيري يبدأ قريبًا    عاجل/ قتلى في هجوم على محكمة بإيران    تركيز وحدة متطورة للفحص في مجال امراض الحلق والانف والاذنين بالمستشفى الجهوي بقبلي    نصيحة للتوانسة: نظّم تنقّلاتك قبل 30 جويلية...النقل العمومي باش يكون في إضراب!    نظيم الدورة الأولى من المعرض الوطني المتنقل للصناعات التقليدية بالمنستير من 07 الى 24 اوت القادم    عاجل/ ميلوني تعلن موقف إيطاليا من الاعتراف بدولة فلسطين    كيفاش نستعملو الفيتامينات؟ الدكتور رضا مكني يوضّح للتونسيين الطريقة الصحيحة    عاجل/ وفاة زياد الرحباني    طقس السبت: الحرارة في تراجع    سليانة: تقدم موسم الحصاد بنسبة 98 بالمائة    عاجل/ تطور نسق بيع السيارات الشعبية في تونس..وهذه الماركات الأكثر رواجا..    عاجل/ تنبيه للمواطنين: تغيير في حركة جولان (قطار ت.ج.م)..وهذه التفاصيل    شهر صفر يبدأ السبت.. شنو هو؟ وهل لازم نصومو فيه؟    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    موجة حر شديدة وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي: احمي نفسك وأحبائك من الحرارة القاتلة دون مكيف بهذه الخطوات..    









حتى لا يتكرر هذا أبدا في المستقبل
إلى المؤسسة العسكرية
نشر في الصباح يوم 09 - 12 - 2012

بقلم: محسن الكعبي* يذكّرنا اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي نحتفل به في العاشر من هذا الشهر بالتجاوزات والانتهاكات الصّارخة التي تعرّض لها المئات من أبناء المؤسسة العسكرية في ما بات يسمّى باجتماع براكة الساحل 1991
والذي اتهم فيه زورا و بهتانا عسكريون أبرياء، بالتآمرعلى أمن الدولة و الانتماء لحركة النهضة المحظورة آنذاك.. ، كنتيجة للتوجّس والحيطة المبالغ فيهما تجاه المؤسسة العسكرية..وللخيار الأمني المهيمن على ذهنية حكّامنا في الماضي وللخوف من العسكريين وخاصّة من كلّ من يجمع بين الاستقامة والكفاءة والإشعاع و الالتزام.. ومن أجل تجفيف المنابع كذلك .. وكّلنا يعرف كيف كان جهاز الدّولة ملوثا بعقلية الوشاية والتجسّس، وكيف كان المسؤولون في العهد السّابق يرفعون التقاريرالوشائية في زملائهم بما أنّ ذاك العمل مجز في الترقيات والاقتراب من القيادة لجني بعض المكاسب والمناصب، إذ كان الحكم بسلاح الخوف و التخويف صفة نظام الحكم منذ الاستقلال ليبلغ أوجه زمن المخلوع.. وكلّنا يتذكّرالإعلان الرّسمي لهذه المؤامرة المزعومة عن طريق الندوة الصحفية التي عقدها يوم 22ماي 1991 وزير الداخلية آنذاك عبد الله القلال ،عن كشف « المؤامرة الجهنمية» و«الانقلابية» وإلقاء القبض على «المتورطين» الذين نعتهم "بالمفسدين والظلاميين والخمينيين والإرهابيين وبالعقوق الوطني. و كلّنا يتذكّرالانحياز الكلّي لوسائل الإعلام آنذاك للرواية الرسمية الملفّقة ..والتعتيم عمّا تعرّض له العسكريون من إيقافات و تعذيب وتنكيل ..ولأهاليهم من مداهمات و ضغوط.. وكلّنا يتذكّر كيف نجح بن علي في إفساد جزء كبير من النّخب السياسية والثقافية والحقوقية واستزلامها لخدمته مقابل المناصب والمكاسب ..وكان لنا في وزارة الدفاع نموذجين على الأقل في تلك الفترة وكلّنا يعرف بعد الثورة المباركة كيف برزت قضيتنا على الساحة الوطنية، وكيف صدم الرأي العام لما تعرّض له العسكريون من تجاوزات وانتهاكات.. وكلنا يعرف أننا بعد أن سئمنا وعود التسوية التي يقرّها قا العفو العام الذي نصّ على حق العودة للعمل و التعويض والذي تمّ استثنائنا منه، التجأنا أخيرا إلى طلب مقابلة السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة الدكتورالمنصف المرزوقي الذي لبّى الطلب مشكورا و يوم 27 مارس الماضي. وأثناء مقابلته لنا كممثلين عن «جمعية إنصاف قدماء العسكريين» وعد سيادته بتكريمنا ورد الاعتبار لنا ولذوينا وللمؤسسة العسكرية بمناسبة عيد الجيش..وهذا ما تم بالفعل وكان سيادته عند وعده. وكلّنا يعلم ذلك الخطاب بل الأمر اليومي الذي توجّه به سيادته في مناسبة عزيزة علينا جميعا يوم عيد الجيش الثاني بعد الثورة، بساحة العلم بالأكاديمية العسكرية ، يوم 23 جوان الماضي والذي تضمّن فقرة مهمّة تناولت قضية براكة الساحل بآلامها وآمالها ،وقدّم فيها اعتذارالدّولة التونسية للشعب وللمؤسسة وللضحايا وعائلاتهم ، أسوقها لكم اليوم للذّكرى وللتّذكير كما جاءت على لسانه: من هذه الآلام الصّامتة المنسيّة الّتي قلّ من ينتبه إليها هناك آلام العسكريين الذين أطردوا من الجيش الوطني سنة 1991 في إطار ما سمي بقضية «برّاكة الساحل» وخاصة آلام عائلاتهم. لا يختلف اثنان في حق المؤسسة العسكرية في حفظ نفسها من التسييس والاندساس، لأن الجيش لا يكون الجيش إلا إذا كان جيش الجميع لا يوظّفه نظام أو شخص أو مجموعة أو حزب. لكن لا يختلف اثنان أيضا أن البتّ في تهمة الاندساس والتسييس مهمة قضاء عادل نزيه يعطي لكل ذي حق حقه. لكن ما حدث في هذه القضية من تعذيب وتنكيل وطرد تعسفي وملاحقة ومنع من الارتزاق شكّل ولا يزال وصمة عار في جبين النظام السياسي السابق، وصمة تضاف لكل وصمات العارالأخرى التي ساهمت في اندلاع ثورتنا المجيدة. لقد شكّل التعذيب المشين الذي تعرّض له العسكريون الملاحقون في القضية المفتعلة تعدّيا على الكرامة البشرية وتعدٍّيا على المواطنة وتعدٍّيا على كرامة الجيش لأنّ الزيّ الّذي انتزع في حصص التعذيب كان الزي العسكري والشخص الذي لقي على أيادي الجلادين كل أصناف الإهانة والإذلال كان لحدّ تلك اللحظة عسكريا. وبالتالي، فإنّ المؤسسة العسكرية بأكملها هي التي أهانها النظام السابق عبر تعامله مع هذه القضية. ورغم كل هذه السنين فإنّ الجرح مازال ينزف في ذاكرة الضحايا وأهاليهم وهو لن يندمل إلا إذا تحمّلت كل الأطراف مسؤوليتها كاملة وبكل الشجاعة المطلوبة. ومن هذا المكان، وبصفتي رئيس الجمهورية، أتقدّم لضحايا قضية "براكة الساحل" باعتذارالدّولة التونسية وأتقدّم إلى أهلهم بكل عبارات الأسى والمواساة والأسف لكل ما لحقهم من غبن طوال العقدين الأخيرَين. وأعبّر أيضا عن إدانة السلطة السياسية الشرعية التي أفرزتها الثورة لسياسة التهميش والريبة والمحاصرة التي انتهجتها السلطة السياسية الفاسدة واللاّشرعية التي أطاحت بها الثورة المباركة. وكما أنّ الثورة والشرعية أعادت كامل الاعتبارللجيش ككل فإنه سيتم ردّ الاعتبار لضحايا "براكة الساحل" عبر استقبالهم وتكريمهم في حفل خاصّ بقصرقرطاج في القريب العاجل. إضافة إلى هذا، فإنّ وزارة الدفاع الوطني التي اتخذت العديد من الإجراءات ذات الصبغة المادية والرمزية لصالح المعنيين بالأمر، تبذل قُصَارَى جهدها، ونحن معها، لتوفير الموارد الضرورية لجبر الضّرر في إطار تفعيل قانون العفو التشريعي العام. نحن عازمون على أن تجد هذه القضية الأليمة نهاية مشرّفة تضمن ردّ الحقوق لأصحابها حتى لا يتواصل الجرح نزيفا ولا قدرالله تعفّنا. " إنّنا و نحن نستذكر مرور هذه الذكرى العظيمة لميلاد هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،لا بدّ أن نشيد بالموقف الشجاع و الحضاري الذي اتخذ يوم 23 جوان الماضي على طريق التسوية النهائية طريق جبرالضررالمعنوي و المادي ، لما خلّف هذا الاعتذارالرّسمي من ارتياح كبير في نفوس العسكريين وعائلاتهم ، و نأمل أن تتلو هذه البادرة إجراءات عملية تمكّن كلّ العسكريين الذين استبيحت حقوقهم في العهد السّابق من استعادتها والعيش مستقبلا مطمئنين لسيادة القانون، وأن تجري العدالة الانتقالية على كل من تآمر و تورّط في هذه المؤامرة الخسيسة مدنيا كان أو عسكريا، حتى ينظّف جيشنا الوطني ثوبه من هذا الحدث ، وحتّى ينال كلّ ذي حق حقّه، وحتّى لا يتكرّر هذا أبدا في المستقبل.
● نقيب وأستاذ العلوم العسكرية بالأكاديمية العسكرية سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.