حذر البعض من تواصل الصعوبات الاقتصادية الحالية التي تمر بها تونس. ووصلت درجة التحذير في الآونة الأخيرة إلى حد الحديث عن"الإفلاس" الذي يتربص بالبلاد إذا ما استمر الوضع الإقتصادي على ما هو عليه من ركود وأيضا إذا ما استمرت الأزمات السياسية المتواترة والتجاذبات بين الأحزاب والمنظمات والحكومة. ورغم أن الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان يعتبر الحديث عن الافلاس فيه الكثير من المبالغة لأنه لا يمكن أن نقارن مثلا بين الوضع في اليونان وفي تونس، لكنه لا ينكر أن وضع الاقتصاد التونسي اليوم حرج وعلى الجميع التحلي بالموضوعية في التقييم وفي تقديم الحلول العاجلة. مؤشرات سلبية ويعتبر محدثنا أن "كل المؤشرات تؤكد هذا الوضع الحرج للإقتصاد فنسب النمو ضعيفة جدا والتضخم المالي في تزايد وبلغ حوالي 6 بالمائة." زد على ذلك عجز الميزان التجاري ليصل إلى حدود 10,7 مليار دينار وارتفع مستوى الدين الخارجي بما يقارب 50 بالمائة وتقهقر مخزون الدولة من العملة الصعبة إلى 91 يوم فقط. ويضيف سعيدان أن هذه المؤشرات مقلقة تدل على تهرؤ أسس الإقتصاد ل كن دون أن يصل الأمر إلى حد الحديث عن الإفلاس حيث يعتبر محدثنا أن مثل هذه التصريحات المبالغ فيها قد تؤثر سلبيا على الشركاء الأجانب وتزيد من حالة تردد الاستثمارات الأجنبية. وفي المقابل يعتبر محدثنا أن تصريحات الحكومة وسعيها للتخفيف المبالغ فيه من حدة الأزمة الإقتصادية قد يعد ذلك أيضا مغالطة تؤثر على مصداقية الدولة في الداخل والخارج. مصداقية الأرقام وفي إجابته عن سؤال"الصباح" بشأن مدى المبالغة والموضوعية في التشكيك في الأرقام والمؤشرات الإحصائية الرسمية لا سيما وأن كثيرين يشككون في هذه المعطيات تماما كما كان يتم التشكيك في احصائيات النظام البائد،يقول عز الدين سعيدان أن الأرقام في السابق حسابيا كانت صحيحة لكن كان يتم التلاعب في التعريفات على غرار تعريف الفقر والبطالة. وقال :" صحيح أن اليوم هناك مبالغة بعض الشئ في التشكيك في الأرقام لكن تبقى الاحصائيات المقدمة صحيحة أيضا حسابيا لكن توظيفها من قبل الحكومة يتم بشكل خاطئ والمثال على ذلك الحديث عن نسب نمو في حدود 3 بالمائة هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة في حين أن المقارنة يجب أن تكون بسنة 2010 فالسنة الفارطة كانت استثنائية ولا يمكن القياس عليها." واعتبر محدثنا الغاء الإضراب العام مؤخرا خطوة إيجابية ساهمت في بعث رسائل طمأنة إلى الشركاء الإقتصاديين حول إمكانية استقرار الأوضاع في تونس مستقبلا وقدرة الفرقاء السياسيين على تجاوز التحديات والاختلافات بالحوار "لكن يجب أن تتلو هذه الخطوة خطوات أخرى إيجابية نحو تجسم الأتفاق على أرض الواقع للتقليص من امكانية التصادم مرة أخرى مستقبلا لأن تواصل التجاذبات السياسية لن يخدم مصلحة الأقتصاد الذي يحتاج إلى جرعة أمل لانعاشه.