ليس هنالك أيّ تجن على التاريخ إذا تمّ ضمّ شهداء الحوض المنجمي إلى قائمات شهداء الثورة بل بالعكس في الضمّ إثبات بأن الثورة لم تكن عفوية أو ابنة غير شرعية للشعب التونسي، وتأكيد على أن لها امتدادا في تاريخنا.. وفي الضمّ حفظ لكرامة الشعب التونسي إذ فيه نفي لأن تكون قناة الجزيرة وراء ما حدث في بلادنا مثلما يتمّ ترويجه في وسائل الإعلام الأجنبية. وفي التعلل بالفارق الزمني الفاصل بين انتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008 والثورة التي أطاحت بالنظام السابق حيف كبير حيث ان ما حصل في الحوض المنجمي لم يكن إلا صحوة تجديد لاحتجاجات اجتماعية على تردّي الأوضاع والظلم والاستبداد وتفشي البطالة والفقر وخطوة في الحراك الثوري لحقتها خطوات وتحركات وانتفاضات موصولة امتدت من الحوض المنجمي إلى بن قردان (2010) من ذلك ان الدكتور المنصف المرزوقي اعتبرها آنذاك مظهرا من مظاهر المقاومة المدنية وأكد وقتها على أنها مؤهّلة للتزايد وشجع على الاستعداد لها. وقال: "لننظمها ولنتضامن مع بعضنا البعض، والخاتمة مأمولة ومضمونة وإن طال أمدها: نهاية الكابوس الاستبدادي وبزوغ فجر الحرية أخيرا على تونس". هذه التحركات والاحتجاجات تبعتها احتجاجات الصخيرة التي أكدت بالدليل والبرهان على ان الغليان الذي يعيشه الشعب متواصل رغم القمع والسجون والتعذيب يمتدّ من مدينة إلى أخرى صعودا من الجنوب وصولا إلى بوسالم في الشمال الغربي التي بدأت فيها الاحتجاجات منذ ماي 2009 وتواصلت إلى سنة 2010 مرورا بالقصرين وسيدي بوزيد حتى انه يمكن القول بان كل الولايات تقريبا شهدت في وقت من الأوقات وخاصة خلال سنة 2010 أيام توتر عصيبة وهنا يمكن أن نذكر بما حدث في جنازة الشاب الذي أحرق نفسه في شهر مارس 2010 أمام مقر ولاية المنستير -وهو من مدينة خنيس- احتجاجا على الظلم والمحسوبية. ولكن هذه الانتفاضات المحلية تمّ إخمادها دون التمكن من قطع دابرها لذا والحال هذه يصبح من الظلم عدم إدراج مناضلي الحوض المنجمي ضمن قائمة شهداء الثورة التي تواصلت وهو تنكر لهم ومن المؤسف انه يستند إلى الأمر القانوني المضبوط في المرسوم عدد 97 لسنة 2011 مؤرخ في 24 أكتوبر 2011 والمتعلق بالتعويض لشهداء ثورة 17 ديسمبر 2010 /14 جانفي 2011 ومصابيها. نقول هذا رغم علمنا بان أهلنا في الجنوب يقصدون باحتجاجاتهم ومطالبتهم بإدراج أسماء شهداء الحوض المنجمي ضمن قائمة شهداء الثورة وجرحاها الأمور الاعتبارية والاعتراف للشهداء الستة بما قدموه من تضحيات في سبيل مقاومة الاستبداد في وقت كان فيه النضال عسيرا ولا ينظرون إلى التعويض المادي في حدّ ذاته رغم انه حق لأهل الشهداء الستة علينا. كما ان ولاية قفصة لا تحتاج لهؤلاء الشهداء لتثبت مشاركتها في الثورة لأنها قدمت 237 جريحا و23 شهيدا. ولكي نقطع مع مقولة "التاريخ يكتبه المنتصرون" على لجنة شهداء وجرحى الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام أن تعترف بأن ما حدث بين 17 ديسمبر و14 جانفي أو 28 فيفري كان نتاجا لتراكم نضالي بدأ منذ 1978.. 1980.. 1984.. 1985.. 1986 وتواصل وإن بصوت خافت إلى أن اندلعت شرارته في الحوض المنجمي سنة 2008 وامتدت إلى بن قردان والصخيرة وبوسالم وغيرها من المناطق وإن بدرجات متفاوتة..