- تتعرّض بعض مقامات الأولياء الصالحين إلى عمليات حرق وتخريب و نبش للقبوروهي من الأمورالتي يحرّمها ديننا الحنيف فالاعتداء على الميّت كالاعتداء على الحي كما ذكرالنبي الأكرم صلى الله عليه و سلم. هذه الحوادث تبدو غريبة عن الواقع التونسي حيث تشكل هذه المقامات جزءا من تراثه الحضاري ومخياله الديني رغم مستوى التطوّر الفكري والعقلي الذي بلغه بوجود نسبة هامة من المتعلمين والمثقفين الذين تبدوآراؤهم متباينة تجاه هذه الزوايا والأولياء الصالحين. ولعله من المفارقات العجيبة أن نجد اليوم من كانوا يستهزئون بهذه المقامات ويتندّرون بمن يقصدها – وهم أساسا من المتطرفين العلمانيين – يتباكون عليها الآن وهو أمرلا يخلو من توظيف سياسي ، بل كيف يبرّرهؤلاء في السابق الاعتداء على المقدسات – الله تعالى و رسوله الأكرم – باسم حرية التعبيرثم يدافعون اليوم عن الأولياء في مفارقة عجيبة وغريبة ؟ طبعا. توجّهت الاتهامات مباشرة للسلفيين أوالوهابيين رغم أن التحقيقات لم تنته بعد فالتّهم جاهزة والمتّهمون صيد سهل بسبب الرعونة السياسية وانحطاط الخطاب الإعلامي الذي يبدو في هذه الأحداث جزءا من المطبخ السياسي القذر. لست بصدد تبرئة السلفيين فاتهامهم من أطراف عديدة كان بسبب خلفياتهم الفكرية التي ترى في هذه المقامات من مظاهرالشرك بالله تعالى إضافة إلى تحريمهم اتخاذ القبورمساجد . لكن لماذا لم ننتظر نتائج التحقيق حتى لا يحصل لنا مثلما حصل في قصة القس البولوني ؟ ولماذا لا ننصت لبعض السلفيين وهم يكذّبون التهم الموجهة إليهم؟نعم. قد يكونون هم الفاعلين ؛ وقد يكونون أيضا مخترقين من أطراف عديدة وهي مسألة قد أكّدها السيد حمة الهمامي عند حادثة السفارة الامريكية أو أحداث العبدلية لتنفيذ أجندات سياسية لأطراف تعمل على إجهاض الثورة التونسية وإعادة خلط الأوراق بخلق قضايا جانبية، فهكذا تسرق الثورات خاصة من الذين فقدوا مصالحهم من الحيتان الكبيرة والمتمعّشين التقليديين . في عالم السياسة علينا أن نبحث دائما عن المستفيد من كل حدث ولو كان جريمة سياسية . وما يحصل في بلدنا منذ انتصارالثورة وفرار المخلوع يطرح أكثر من سؤال . توجد أطراف داخلية وخارجية تعمل على تغذية الصراعات الداخلية وتوتير الأوضاع وشحنها دينيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، وشريط الأحداث منذ 14 جانفي 2011 يؤكد ذلك؛ فما أن تهدأ الأوضاع حتّى يتمّ إثارة بؤرتوتّر وصراع جديدة وهذه البؤرلا علاقة لها بأهداف الثورة التي سقط من أجلها شباب القصرين وسيدي بوزيد ومجمل الشعب التونسي؛ وهذا جرد سريع للقضايا التي أثارها المطبخ السياسي العفن والتي لا نستغرب وجود غرفة عمليات مع تغلغل المخابرات الأجنبية في بلادنا { اللائكية : مارس 2011 ؛ العلمانية والإسلام؛ العروشية : ماي وجوان 2011 ؛ الشريعة : فيفري 2012؛ حادثة الاغتصاب : سبتمبر2012؛ المساواة؛ حادثة السفارة : سبتمبر 2012 ؛ دوار هيشر ؛ حرق المقامات ....} ولا ندري ما الذي تخفيه الأيام القادمة في أجندة بالغة التعقيد. المطلوب من كل التونسيين الشرفاء هواليقظة والفطنة وأن يكونوا إلى جانب الأمن والجيش درعا لهذا الوطن مع وجود تهديدات داخلية وخارجية؛ ولكن ما أخشاه هوأن يصمّ الإعلام أذنيه عند الكشف عن الفاعلين الحقيقيين سواء كانوا سلفيين أوغيرهم . وحفظ الله تونس. ● كاتب ومحلل سياسي