لم تكن الحركة امس بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بمعزل عن الحراك الاحتجاجي هنا وهناك. لم تمنع ندرة وسائل النقل من توافد المئات منذ الصباح إلى قلب العاصمة وتحديدا شارع الحبيب بورقيبة. جموع غفيرة من المواطنين توافدوا على الشارع منذ التاسعة صباحا سبقهم رجال الأمن وطوقوا مبنى وزارة الداخلية والأنهج المتاخمة لشارع الحبيب بورقيبة تحسبا لأي طارئ واستعدوا لكل الاحتمالات الممكنة. لم يكن رجال الأمن وحدهم بل ترافق وجودهم بأفراد من الجيش لحماية الممتلكات الخاصة والمنشآت الاقتصادية والمحلات التجارية بالشارع الرئيسي. وسجل حضور مكثف للشباب وأطفال لم تتجاوز أعمار بعضهم الاثنتي عشرة سنة. وتجنبا لكل اشكال الفوضى لم يكن الواقفون بشارع الحبيب بورقيبة بمعزل عن مراقبة الطائرة المروحية التي حلقت لساعات فوق الشارع لتسجل حضورها في عدة طلعات جوية. وتواصل توافد المواطنين من كل المداخل المحاذية لشارع بورقيبة باستثناء الشارع الخلفي المؤدي إلى وزارة الداخلية اين تمترست العديد من سيارات وحدات التدخل لتغلق كل الطرق المؤدية للوزارة. غير ان كل هذه الإجراءات لم يقم لها البعض اي اعتبار حيث سجلت محاولات خلع وسرقة بعض المحلات التجارية الا انه تمّ التصدي لها من قبل الأمنيين الذين استعملوا الغاز المسيل للدموع قصد تفريق المشاغبين. وقد حاول الأمنيون تفريق التجمعات من خلال دعوة الشباب المتجمع الى التراجع والابتعاد قليلا دون استعمال لأي شكل من اشكال العنف. غير ان هذا الامر لم يستمر طويلا إذ قام رجال الأمن بإخلاء الشارع من المحتجين ومن المارة بداية من الساعة الثانية والنصف بعد الزوال بعد ورود معلومات عن محاولات البعض من المتواجدين بالشارع للانطلاق في عمليات خلع وسرقة. في الجهة الاخرى المقابلة للشارع وعلى مستوى باب الخضراء ومنطقة "لافيات" وقف عدد كبير من المواطنين لحماية مناطقهم من كل مسّ وهو ما حصل ايضا امام جامع الفتح حيث وقف المصلّون هناك امام الباب الجانبي للجامع على مستوى مدخل "الباساج" وعلى عكس ما روّج له البعض بممارسة بعض المتشددين للعنف فكان هذا الخبر مجانبا للحقيقة حيث اكتفى بعض الشباب المتديّن بحمل العصي وقضبان الحديد دون أيّ تحرّش بالمارة. في تلك الاثناء قدمت نحو 5 سيارات لفرق مكافحة الشغب ومرت من امام الجامع دون ان تكون هناك اي مناوشات بين الطرفين ليلتحق رتل الامنيين في شكل تعزيزات بالقرب من مقرّ السفارة الفرنسية حيث كانت هناك وحدات متمركزة بمدخل الحبيب بورقيبة من جهة تمثال ابن خلدون. وفي الواقع فقد حاول الامنيون تهدئة من كان بالمكان وقتها حتى ان البعض منهم سهّل مرور المترجلين وعدد من الصحافيين الذين كانوا ينقلون الاحداث من هناك. وبعيدا عن التواجد الأمني الكثيف حاول بعض المنحرفين اقتحام المحال المغلقة الا ان وحدات من مكافحة الشغب تمكنت من الانتقال بسرعة هناك للحيلولة دون حصول اقتحامات للسرقة وهو ما أدى الى بعض المناوشات دامت نحو نصف ساعة ليعود الهدوء إلى المكان من جديد بعد تفرقة المنحرفين الذين كان يتقدمهم بعض الأطفال...؟!!