مازالت المشاورات الجارية بين رئيس الحكومة وقيادات الأحزاب السياسية جارية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، حيث أنها أفضت إلى مزيد تعميق التشاور حول بعض الجوانب الخلافية التي بقيت قائمة بين الأطراف خلال لقاء أول أمس. وعلى الرغم من التكتم بخصوص فحوى المشاورات وتقدمها، وما جاء من تصريحات مقتضبة لرئيس الحكومة بعد انتهاء اللقاء حول المشاورات، يمكن القول أنه يجري تقدم بخصوص تقريب وجهات النظر بما يمكنه أن يتطور بشكل إيجابي في لقاء الاثنين المنتظر عقده. هذا التقدم في تقريب وجهات النظر نستشفه مما جاء في حديث رئيس الحكومة حيث أعرب عن أمل كبير في حلحلة المواقف التي أبداها رؤساء الأحزاب، ثم وعلى وجه الخصوص تجاوز الخلاف الذي كان قائما حول لقاء السبسي والغنوشي وجلوسهما على طاولة واحدة. ولكن الأهم من هذا هو أن الإجماع الحاصل قد تطور ليتجاوز بعض المواقف ويفضي تقريبا إلى موقف يراعي مقترحات كافة الأطراف وذلك بالتوصل إلى تشكيل حكومة تجمع بين أغلبية تكنقراط مع بعض الوجوه السياسية التي تتولى حقائب ثانوية. وهذا الحل يعتبر في نظر المتابعين للشأن السياسي موقفا وسطا يمثل الحل لإنهاء كافة التجاذبات الحاصلة، ويفتح الأمل باتجاه تجاوز عقدة الخلاف القائمة منذ مدة. أما بخصوص من يعارض هذا التوجه أو الحل بشكل عام ونقصد بذلك طرفي الترويكا ومن يدور في ركابهما فإن أملهم في ما ذهبوا إليه من معارضة موقف رئيس الحكومة والتصدي له قد بدأ يتضاءل خاصة على ضوء التطورات الحاصلة داخل المجلس الوطني التأسيسي التي أفضت أول أمس إلى انقسام داخل نواب الأغلبية الذين مال عدد منهم إلى مساندة مقترح رئيس الحكومة وبالتالي" شقوا عصا الطاعة" في وجه رئيس كتلة النهضة في المجلس التأسيسي الصحبي عتيق الذي مازال يبدي تصلبا تجاه مقترح رئيس الحكومة. ولعل ما ينتظر أن يتواصل من مشاورات سيتركز حول بعض الجوانب التي تتصل بما اقترحته الجبهة الشعبية بخصوص مؤتمر وطني حول التوجهات العامة للحكومة القادمة، وبعض القرارات التي تخص حل لجان حماية الثورة وإيجاد حل أمني جذري لمظاهر العنف السياسي والأمن الموازي الذي بدأ يستشري في بعض جهات البلاد، وهي مسائل تمسكت بها كل الأحزاب السياسية واعتبرتها من الأولويات التي يجب حسمها.