تونس الصباح لا بد لكل من يتابع حصص الحوار والاستضافات الفنية المنوعاتية التي تبثها قنواتنا التلفزيونية سواء منها الرسمية أو الخاصة ان يكون لاحظ ذلك التوجه نحو المزيد من التشكّي والتذمّر الذي يميّز غالبا حديث فنانينا ومبدعينا من الذين ينزلون ضيوفا على هذه الحصص.. فمنهم مثلا من يتهم شركات الانتاج الخاصة بانها «تقف حجر عثرة في وجه صدور ألبومه الغنائي الجديد» ومنهم من «يلوم» القائمين على حصص المنوعات وبث المختارات الغنائية في وسائل الاعلام الوطنية السمعية والبصرية على «انحيازهم» للأغاني الشرقية وتغييبهم للأغاني التونسية.. بل ومنهم حتى من وقف يعلن صراحة عن وضع الخصاصة المادي الذي اصبح يعيش نتيجة ظاهرة المحاباة والعلاقات الخاصة التي تطبع عملية «توزيع» الفنانين وتحديد نصيب كل واحد منهم من «كعكة» المهرجانات الموسمية وعروضها الفنية والفرجوية!! هذا فضلا عن حديث بعضهم عن ظاهرة «الشِّلل» (بكسر الشين) في الوسط الفني.. فهذه فنانة محظوظة ومبجّلة لانها في رأيهم من «شلّة» فلان.. وتلك فنانة مهمشة اعلاميا وعلى مستوى الحضور لانها ليست من «شلّة» فلان!! نعم.. ولكن! والواقع انه قد يتعذر بالفعل القفز بالكامل وعدم الاخذ بعين الاعتبار جانبا من مثل هذه التشكيات والتذمرات التي اصبح يبديها بعض فنانينا سواء في مجالسهم الخاصة او وهم ينزلون ضيوفا على بعض الحصص والمنوعات التلفزيونية.. ذلك أن الساحة الفنية ومشهدها العام اصبحت تميّزه بالفعل بعض «الظواهر» التي تشي بوجود «أشياء» ربما تبدو ذات علاقة ببعض ما تشير اليه تشكيات وتذمرات هؤلاء.. ولعل تلك اللقاءات التي خصصتها سلطة الاشراف لبعض الفنانين والفنانات والمبدعين والمبدعات مع وزير الثقافة شخصيا ليتحدثوا اليه فيها عن بعض «همومهم» وعن الصعوبات التي اصبحت تعترضهم هي في حد ذاتها «اعتراف» رسمي ب«المشكلة»!! ولكن، وبالمقابل أليس يبقى مطلوبا دائما من الفنان والمبدع ومهما كانت طبيعة ملامح و«مميزات» المشهد والوسط الفني الذي «ينشط» ضمنه ان تكون اداته في فرض نفسه وقول «كلمته» و«افتكاك» نصيبه وحظه من الظهور والحضور هو قبل كل شيء اجتهاده ونوعية انتاجه الفني والغنائي والابداعي.. فلماذا اذن اصبح بعض فنانينا يشتكون اكثر مما يغنون؟! ويتهمون أكثر مما يبدعون؟!.. الطريف هنا أن قائمة «المشتكين» من الفنانين تجدها تضم اسماء من اجيال مختلفة.. فالفنانة نعمة وكذلك الفنانة سلاف مثلا هنّ من بين اللاتي «اشتكيْن» مؤخرا مما اعتبرته تغييبا مقصودا لهنّ في مشهد الاستضافات ضمن المنوعات التلفزيونية.. والفنانة الشابة منيرة حمدي اشتكت بدورها من «تصرفات» بعض القائمين على شركات الكاسات وكذلك من ظاهرة «الشِّلل» (بكسر الشين) في الوسط الفني.. أما الفنان نور الدين الباجي فانه اشتكى من «المحاصرة» و«التجويع» وقلة ذات اليد»!! طبعا، نحن لا نريد ان نقول عن هؤلاء المشتكين ولا عن غيرهم بانهم من اولئك الذين ينطبق عليهم ذلك المثل العامي التونسي الذي يقول «خانها ذراعها..» لاننا نرجّح فعلا بان الساحة الفنية ربما يكون فيها ما فيها من ظواهر «الشِّلل» (بكسر الشين) والاقصاء والمحسوبية والموالاة.. ولكننا مع ذلك نريد ان نؤكد بان تسجيل الحضور والدفاع عن احقية الاختيارات الفنية في البث والتمرير لن يكون الا بواسطة الاجتهاد وتقديم الاضافة الطريفة في المادة الفنية (لحنا وكلمة) وليس بالتشكي والرغبة في «اقتلاع» مكانة ما ب«أشياء» قديمة في اطار مشهد فني موسيقي غنائي ابداعي جديد ومبتكر. ايضا، على بعض الفنانين من جيل الشيوخ خاصة وحتى المخضرمين ان يفهموا ويقبلوا ان لكل مرحلة خطابها الغنائي وموسيقاها ونجومها..