المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط تدعو إلى سنّ ضوابط لحضور الأطفال في المهرجانات والحفلات    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    بنزرت: تحويل ظرفي لحركة المرور على مستوى الطريق رقم 8    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    مونديال الكرة الطائرة تحت 19 عاما - المنتخب التونسي ينهي مشاركته في المركز الثاني والعشرين    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة فنية حافلة    أحمد الجوادي في نهائي 1500 متر: سباحة تونس تواصل التألق في بطولة العالم    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الحماية المدنية تحذر من السباحة في البحر عند اضطرابه رغم صفاء الطقس    توقعات موسم أوت - سبتمبر - أكتوبر 2025: حرارة أعلى من المعدلات واحتمالات مطرية غير محسومة    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025    وزارة الفلاحة تدعو كافّة شركات تجميع الحبوب بأخذ كلّ الاحتياطات اللاّزمة والاستعداد الأمثل للتّعامل مع العوامل المناخيّة المتقلبة    الدخول لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة بصفة مجانية يوم الاحد 3 اوت    تسجيل جامع الزيتونة المعمور ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    عاجل : النيابة الفرنسية تطالب بمحاكمة لاعب عربي مشهور بتهمة الاغتصاب    النادي الصفاقسي: لاعب جديد يغادر الفريق    طقس اليوم: أمطار رعدية متوقعة وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بالجنوب    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    الحوثي يستهدف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي    المعهد الوطني للرصد الجوي.. البحر قليل الاضطراب والسباحة ممكنة في النهار    مباراة ودية: تغيير موعد مواجهة النجم الساحلي والنادي البنزرتي    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب الجزائري يتوج باللقب    النجم الساحلي: محمد الضاوي "كريستو" يعود إلى النجم الساحلي وصبري بن حسن يعزز حراسة المرمى    موجة شهادات مزورة تثير تداعيات سياسية في إسبانيا    كولومبيا.. تعيين ممثل أفلام إباحية وزيرا للمساواة    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    عاجل : زلزال يهز أفغانستان    تحذير للتونسيين : برشا عمليات قرصنة ... ردّ بالك من التصاور والروابط المشبوهة    انهيار جزئي لأكبر منجم للنحاس إثر هزة أرضية بتشيلي    كريستيانو رونالدو يتحرك لعقد صفقة مدوية في الميركاتو    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    التوجيه الجامعي.. تلميذ متميز متحصل على معدل 18 /20 طلب شعبة الطب فوجه إلى علوم الاثار    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار بولاية مونتانا الأمريكية    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    حجز 735 كغ من الأسماك الفاسدة…    عاجل/ نقابة التعليم الأساسي تقرّر يوم غضب وطني وإضراب عن العمل..وهذا موعد..    عاجل/ إضراب جديد في النقل..وجلسة تفاوض مرتقبة..    دكتورة في أمراض الشيخوخة تحذّر من اضطرابات المشي لدى كبار السن المؤدية إلى السقوط    انتعاشة هامة للسياحة/ هذا عدد عدد الوافدين على تونس الى 20 جويلية 2025..    رسميا/ الرابطة المحترفة الاولى لكرة القدم : برنامج مقابلات الجولة الافتتاحية..#خبر_عاجل    وزارة الصناعة تمنح شركة فسفاط قفصة رخصة البحث عن الفسفاط " نفطة توزر"    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    عاجل/ حجز أطنان من السكر والفرينة المدعّمة واعادة ضخها بهذه الأسواق..    خمسة جرحى في حادث مرور خطير..#خبر_عاجل    هام/ وزير الشؤون الدّينية يتّخذ إجراءات لفائدة هذا الجامع..    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    اكتشاف فصيلة دم غير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    تطورات جديدة في كارثة حفل محمد رمضان في الساحل الشمالي    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي يجري بين واشنطن وموسكو؟
نشر في الصباح يوم 12 - 03 - 2013

-يشهد العالم في هذه الفترة تحركاً دبلوماسياً كبيراً في الملفين السوري والإيراني، وصل إلى درجة من النشاط بحيث كثرت التوقعات عن إمكانية تفاهم الدول الكبرى مع إيران بشأن ملفها النووي، وعن وجود توافق أمريكي-روسي حول ضرورة وضع تسوية سياسية للأزمة الدامية في سوريا.
لم يكن الأمر هكذا في الأشهر والسنوات القليلة الماضية. فالتباين في المواقف بين موسكو وبكين من جهة، وبين واشنطن والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، كان في السابق قد بلغ درجة كبيرة من السخونة، خاصة في الموقف من تطورات الأوضاع السورية. وقد لمس "حلف الناتو" جدّية الموقفين الروسي والصيني، و"الخطوط الحمراء" التي وضعتها موسكو ضدّ أيّ عملٍ عسكري أجنبي على إيران، أو في سوريا.
لقد أدركت الولايات المتحدة، وخلفها الحليف الأوروبي، مخاطر التأزّم في العلاقات مع موسكو وبكين في هذه المرحلة، التي وقف فيها الاقتصاد الأوروبي والأميركي على حافة الهاوية، وحيث توجد أيضاً حاجةٌ قصوى لعلاقات طيّبة مع روسيا الاتحادية لتسهيل انسحاب قوات "الناتو" من أفغانستان، التي تعاني من أوضاع صعبة تتفاقم يوماً بعد يوم.
كما أدركت واشنطن أن فلاديمير بوتين عاد لرئاسة روسيا الاتحادية على قاعدة السياسة التي أطلقها أولاً عام 2007 في مؤتمر ميونخ، حيث أكّد آنذاك رفضه للقطبية الدولية الواحدة وللانفراد الأميركي بتقرير مصير العالم، ما اعْتبِر حينها نقطة تحوّل في سياسة موسكو ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
فمنذ ذلك التاريخ، تنظر روسيا إلى السياسة الأميركية على أنّها مصدر خطر مباشر على المصالح الروسية. أيضاً، كانت موسكو قد حذّرت من سياسة واشنطن العاملة على نشر منظومة "الدرع الصاروخي" في عددٍ من الدول، واعتبرت ذلك تهديداً للأمن القومي الروسي.
كذلك، نظرت موسكو إلى الوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج العربي، وفي أفغانستان، وفي جمهوريات آسيوية إسلامية، باعتباره تطويقاً شاملاً للأمن الروسي، يتكامل مع امتداد "حلف الناتو" في أوروبا الشرقية.
لكن هذه السياسة الروسية "البوتينية"، المستمرة عملياً منذ العام 2007، لم تكن ساعيةً بالضرورة إلى عودة أجواء "الحرب الباردة"، ولا أيضاً إلى سباق التسلّح والحروب غير المباشرة بين موسكو وواشنطن، بل كان هدف روسيا في السنوات القليلة الماضية، ومن خلال السير بخطًى ثابتة ولو بطيئة، هو استعادة بعض مواقع النفوذ التي فقدتها عقب سقوط الاتحاد السوفييتي. وهاهي الآن، موسكو غير الشيوعية، تعود إلى منطقة "الشرق الأوسط" دولةً كبرى، قادرةً على المنح والمنع معاً!!.
إنّ العالم قد شهد بعد فشل سياسة إدارة جورج بوش الابن هبوطاً متدرّجاً لدور الإمبراطورية الأميركية، مقابل تصاعدٍ ملحوظ لدور روسيا والصين، وما حدث من توتّر وخلافات، خاصة بين واشنطن وموسكو، لم يكن كما اعتقد البعض، غيمةً عابرة تصفو بعدها العلاقات ما بين البلدين. لكن أيضاً، لم تكن هذه الأزمات السياسية بين البلدين بحربٍ باردة جديدة بين قطبين دوليين متنافرين أيديولوجياً، كما كان الأمر في القرن الماضي. فأولويّات روسيا وأميركا الآن هي مصالحهما المباشرة، وعدم رغبتهما (إن لم نقل عدم قدرتهما) على استنزاف متبادل يضرّ، في حال تصعيد الخلافات بالمواقف بينهما، بهما معاً.
وتتصرّف موسكو حالياً مع إدارة أوباما بأنها أكثر تفهّماً للموقف الروسي، وبأمل أن يواصل الرئيس أوباما السياسات التي أعلنها حينما تولّى الحكم عام 2009، لجهة وقف الانفراد الأميركي في القرارات الدولية، وباحترام مرجعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها. لذلك وجدنا أنّ الطرفين كانا حريصين في الفترة الماضية على إبقاء الصراع بينهما مضبوطاً بسقفٍ محدد، وبالتأكيد على مواصلة التشاور بينهما، وعلى عدم دفع الخلافات بينهما إلى حائط مسدود .
إنّ لائحة القضايا المختلَف عليها بين موسكو من جهة، وواشنطن و"الناتو" من جهة أخرى، هي بلا شك لائحة كبيرة، لكنّ موسكو تدرك أيضاً حاجة واشنطن و"حلف الناتو" للتنسيق معها في القضية الأفغانية، وفي الملف الإيراني، وفي الموقف من كوريا الشمالية. فالحرب في أفغانستان مثلاً جرت وتستمر في إطار مسؤولية الولايات المتحدة، ومشاركة قوات أوروبية وكندية تريد الآن كل دولها الخروج من المستنقع الأفغاني، بينما تستفيد موسكو طبعاً من محاربة "الناتو" لجماعات "طالبان" و"القاعدة" ودرء مخاطرها عن الأمن الروسي في أقاليم إسلامية تابعة للاتحاد الروسي، أو في جمهوريات دائرة في فلكه. لكن موسكو أيضاً لم تجد ضرراً من انغماس "الناتو" في مستنقعٍ ساهم أصلاً في إسقاط روسيا السوفياتية وقلّص من حجم نفوذها الدولي.
إنّ روسيا، بغضّ النظر عن نظام الحكم فيها، لا يمكن لها أن تكون منعزلةً أو محصورةً فقط في حدودها. هكذا كانت روسيا القيصرية وروسيا الشيوعية، وهكذا هي الآن روسيا "البوتينيّة".
ولقد تميزت خلاصات العقد الأول من القرن الجديد بتباين واضح بين حالة روسيا الاتحادية وبين الحال الأميركي. فبينما كانت روسيا تشهد نموّاً اقتصادياً متصاعداً، كان الاقتصاد الأميركي يشهد العديد من ظواهر الكساد وارتفاع العجز المالي وهبوط قيمة الدولار.
ولقد حقّقت إدارة بوتين، بعد توليه الحكم عام 1999، إنجازاتٍ ضخمة على الصعيدين الداخلي والخارجي. فمعدّلات التضخّم في روسيا كانت حينما استلم بوتين الحكم حوالي 37%. وكان حجم الديون الخارجية يتجاوز 165 مليار دولار لدولةٍ انتشر فيها الفساد والفقر وسوء الإدارة على كل المستويات. وقد استطاع بوتين في سنوات حكمه كرئيس، ثم في فترة رئاسته فيما بعد للحكومة، تخفيض معدّل التضخّم وتسديد كافّة الديون الخارجية وامتلاك احتياطي من الذهب بمئات المليارات من الدولارات.
صورة معاكسة تماماً حدثت في الولايات المتحدة في فترتيْ حكم بوش الابن المتزامنة آنذاك مع فترة حكم بوتين الأولى. فأمريكا عانت اقتصادياً واجتماعياً من السياسات الداخلية والخارجية التي اتبعتها إدارة الجمهوريين والمحافظين الجدد. وقد ساهمت السياسة الخارجية السيّئة لإدارة بوش إلى حدٍّ كبير في تدهور أوضاع الاقتصاد الأميركي، وبحصول انقسام سياسي حاد داخل المجتمع الأميركي. فالعالم شهد بعد إنتهاء العقد الماضي هبوطاً متدرّجاً لدور الإمبراطورية الأميركية مقابل تصاعد ملحوظ لدورٍ روسي قاده بوتين، ويستمرّ الآن برعايته.
طبعاً هناك مصلحة لكل دول العالم بتصحيح الخلل الحاصل في ميزان العلاقات الدولية، وبالعودة إلى مرجعية دولية متوازنة في التعامل مع الأزمات القائمة حالياً، وبوقف التفرّد الأميركي الذي حصل في ظلّ الإدارة الأميركية السابقة، والحروب التي خاضتها بلا مرجعية "مجلس الأمن الدولي". وإذا أحسنت القوى الكبرى توظيف هذه المرحلة، فإنّ ذلك قد ينعكس إيجاباً على كل الأزمات الدولية، وفي مقدّمتها الآن أزمات منطقة "الشرق الأوسط" التي تشمل ملفاتٍ مترابطة بتداعياتها وأطرافها، من الملف الإيراني إلى الأحداث الدموية في سوريا وإلى الصراع العربي-الإسرائيلي.
لكنّ الصراع السياسي، الذي شهده العالم مؤخراً بين موسكو وواشنطن، هو صراع مصالح ونفوذ وليس صراعاً أيديولوجياً، كما أنّه ليس بحرب باردة جديدة يجب أن تنتهي بهزيمة أحد الطرفين. لذلك لا يصحّ عربياً المراهنة على أي طرف خارجي (إقليمي أو دولي) في تحقيق المصالح العربية بأبعادها الوطنية والقومية. فالمصالح الوطنية والقومية العربية تتطلّب أولاً الاعتماد على الذات العربية، وتحسين واقع الحال العربي في أجزائه الوطنية وفي كلّيته العربية، وهذا ما لم يتحقّق بعد!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.